مجلس الأمن منصة دولية لتبرير العدوان والحصار على اليمن
غارات وقرارات.. مجلس الأمن شريك في العدوان على اليمن “الحلقة 13”
بدء العدوان على اليمن ودور مجلس الأمن (عدوان دولي وتمالؤ أممي)
الثورة /
أولاً: هادي شماعة المجلس:
بعد استقالة هادي من منصبه كرئيس للجمهورية مع وصول جولات الحوار إلى نهايتها فيما يتعلق بشكل الدولة، وقرب اتفاق الأحزاب والمكونات بخصوص المجلس الرئاسي والدستور الجديد، قامت أجهزة المخابرات الأجنبية في 21 فبراير 2015 بتهريب الرئيس المستقيل “هادي”، إلى محافظة عدن، ومن هناك أعلن تراجعه عن الاستقالة، رغم أن الوضع القانوني للدولة تغير بالإعلان الدستوري الذي قضى بتعطيل مجلس النواب وتغيير شكل رئاسة الدولة إلى مجلس رئاسي مؤقت تحت مسمى “اللجنة الثورية العليا”.
قانونياً: لم يعد هادي رئيساً، لانتهاء مدة ولايته حسب المبادرة الخليجية من جانب، وبعد استقالته من جانب آخر ومن ثم تغير الوضع القانوني للدولة ولم يعد له الحق في التراجع عن استقالة ليس لها أي اعتبار قانوني، كون مجلس النواب في حكم المنحل من جانب ثالث، والأدهى من ذلك أن الوضع القانوني الذي سمح له بتجاوز مدة ولايته كان توقيع “اتفاق السلم والشراكة الوطنية”، الذي قضى ببقائه للقيام بالمهام الرئاسية في المرحلة الانتقالية، وهو الأمر الذي انتبه له مجلس الأمن فسارع بتأييد الاتفاق وإعلانه مرجعية لعملية الانتقال السياسي في اليمن بجانب المبادرة الخليجية، ولكن هادي لم يعِ ذلك عندما أصدر بياناً حال وصوله لمحافظة عدن أعلن فيه عن إجراءات فردية تُشكل رفضاً للقرار (2216) وانقلاباً على اتفاق السلم والشراكة وكافة القرارات التي تم اتخاذها في إطاره منذ 21 سبتمبر 2014 حيث قال في البيان: “كل الخطوات والتعيينات التي اتخذت من 21 سبتمبر باطلة ولا شرعية لها. ندعو لانعقاد اجتماع الهيئة الوطنية للحوار في عدن أو تعز حتى خروج الميليشيات من صنعاء”.
لم يكتف هادي بالانقلاب على اتفاق السلم والشراكة وقرارات مجلس الأمن التي اعتمدت الاتفاق كالقرار (2201) والقرار (2204) بل بدأ بمحاولة حشد مليشيات غير نظامية من ضمنها عناصر تنظيم القاعدة وداعش ومحاولة إغراء القبائل الجنوبية عبر تجنيد الآلاف منهم وإصدار قرارات بإعادة المتقاعدين الجنوبيين وتجنيد 20 الفاً آخرين لإنشاء قوات عسكرية خارج إطار الجيش في محاولة لإدخال اليمن في حرب أهلية، في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن بخصوص اليمن القاضية بالتزام آلية الحوار والوسائل السلمية والامتناع عن اللجوء للعنف وآخرها القرار (2204) الذي نص على: “وإذ يكرر مناشدته جميع الأطراف في اليمن أن تلتزم بحل خلافاتها عن طريق الحوار والتشاور، وتنبذ أعمال العنف باعتبارها وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، وتمتنع عن اللجوء للأعمال الاستفزازية”.
حينها تحركت القوات المسلحة بوحدات الجيش التي مازالت تعمل تحت إطار وزارة الدفاع واللجنة الأمنية العليا للتصدي لهذا المخطط وفرض سيادة الدولة على المحافظات الجنوبية التي يحاول هادي إخراجها عن سلطة الدولة بانقلاب عسكري مُعلَن، وتمكنت من الوصول إلى محافظة عدن، عندها استطاع الرئيس المستقيل الفرار مرة أخرى، ولكن هذه المرة إلى المملكة العربية السعودية التي أعلنت أثناء تهريبه إليها على لسان سفيرها في الولايات المتحدة عادل الجبير ـ آنذاك ـ من واشنطن بدأ العمليات العسكرية لتحالف من عشر دول عربية ودعم أمريكي في عملية سمتها “عاصفة الحزم”، بدون أي موافقة أو تفويض من الأمم المتحدة، وبدون معرفة الرئيس المستقيل، الذي زعم التحالف أن العاصفة شُنت بطلب منه، فبحسب ما جاء في مقابلته التلفزيونية في برنامج (اليمن في أسبوع) على قناة أبوظبي الإماراتية في 26 أكتوبر 2018 والتي أكد فيها أنه لم يعلم بالعدوان إلا بعد هروبه من عدن باتجاه السعودية، حيث قال ما نصه: “وصلنا إلى الغيضة الصباح، وقالوا بدأت عاصفة الحزم، ماكنا داريين طوال الليل نمشي وصلنا الساعة 8 الغيضة إلا وهم يبلغونا”، وقال: “حتى أنا كنت أقول هل معقول؟!”
بدأت عاصفة الحزم بقصف جوي شامل على العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات اليمنية ابتداءً من الساعة الواحدة فجر يوم 26 مارس 2015م، لتدشن بذلك سلسلة جرائم حرب وإبادة طالت كل اليمنيين وراح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى، تمهيداً لإخضاع الشعب اليمني وغزو الأراضي اليمنية واحتلالها من قبل قوات التحالف بمبرر الاستجابة لطلب الرئيس المستقيل الفار إليها، بهدف القضاء على من أسمتهم الحوثيين (مكون أنصار الله) وإرجاع هادي لحكم اليمن، وقد تم كل ذلك بإشراف مباشر من وزير الدفاع السعودي “محمد بن سلمان”، منذ الضربة الأولى.
ثانياً: المبعوث الأممي يكشف المؤامرة وصبر اليمنيين يفضح مجلس الأمن:
في 16 أبريل 2015 قدّم المبعوث الأممي استقالتَه من مهمته كمبعوث يمثل أمين عام الأمم المتحدة بالـيَـمَـن بسبب إفشال السعودية للاتفاق السياسي بين اليمنيين وتفاجؤه ببدء العدوان على اليمن، حيث قال في مقابلة صحفية لاحقة “إنّ الوصول إلى اتفاق سياسي كان وشيكاً قبيل بدء العدوان السعودي على الـيَـمَـن، مما ساهم في تصلّب مواقف الأطراف المتنازعة”، ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”، عن بن عمر قوله: “إنّ العملية العسكرية في الـيَـمَـن عقّدت المسار السياسي في البلاد”. ليؤكد بذلك ما قاله في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، أن العدوان السعودي سعى لإفشال أي اتفاق سياسي، كما أكد صحة “أن الرياض كانت توعزُ لأتباعها بالمماطلة في المفاوضات”.
كما وضح المبعوث في تصريح لقناة الجزيرة في برنامج “بلا حدود”، بتاريخ 25 مارس 2021 قال فيه إنه كان قبل العدوان بيومين في الرياض وقد حصل على تطمينات من السلطات السعودية بأنها تدعم عملية السلام وليس هناك نية لدعم أي تحرك عسكري، التطمين هذا وضحه أيضاً في مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين بتاريخ 5 مايو 2021 حيث قال: “كنت في الرياض يومين قبل بداية الحرب وكان الهدف من زيارة الرياض هو التشاور مع القيادة السعودية حول الحلول الممكنة وكذلك القيام بالترتيبات العملية من أجل توقيع الاتفاق لأن السعوديين آنذاك كانوا يطالبون بأن يكون التوقيع في الرياض وكان الحوثيون وآخرون لا يقبلون…”، وأضاف: “وفي هذه الزيارة لم يُشر أي مسؤول سعودي آنذاك لإمكانية دخول المملكة العربية السعودية في حرب، بل بالعكس كان التأكيد دائماً أن الحل السلمي يجب أن يكون هو قاعدة جميع الاتفاقات”.
وقد كشف المبعوث الأممي تورط مجلس الأمن في دعم العدوان على اليمن من خلال تصريح لبرنامج “بلا قيود”، الذي بثته قناة “BBC”، في 28 ابريل 2021 حيث قال فيه: “إنّ مجلس الأمن لم يساعد اليمن في هذه المحنة بشكل كافٍ لأن مجلس الأمن تبنى قرار في إبريل 2015.. هذا القرار يطلب من الحوثيين يعني ببساطة الاستسلام لحكومة موجودة في المنفى موجودة في فنادق في الرياض وهذا غير واقعي “، وكشف أن مجلس الأمن يشجع الحرب قائلاً: “الأطراف الدولية شجعت هذه الحرب بتمويل هذه الحرب بالسلاح هذا يجب أن يتوقف، لا يمكن لمجلس الأمن أن يدّعي أنه يدعو إلى السلام وفي نفس الوقت أعضاء مجلس الأمن يتنافسون على من يحصل على العقد من الدول المشاركة في هذه الحرب وهي السعودية والإمارات”.
بعد بدء العدوان على اليمن وجّه قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي اللجنة الثورية والحكومة والجيش بعدم الرد على العمليات العسكرية لمدة أربعين يوماً، كمبادرة لإتاحة أي فرصة للسلام، واكتفى بالظهور في خطابات يُشهِدُ من خلالها العالمَ على هذا العدوان الظالم، وينصح اليمنيين بالصبر، والتحالف بإيقاف العدوان، في خطوة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلاً، وتدل على الحرص الكبير على حقن الدماء وحب السلام، وأثبتت مرة أخرى أن “الإيمان يمان والحكمة يمانية”.
كانت هذه المبادرة شاهدة على سلمية الثورة اليمنية وعدم خطورتها على جيرانها أو العالم، وأسقطت أي حجة للتحالف ومجلس الأمن في دعم هذا العدوان، وأثبتت تمسك اليمنيين بالسلمية وحرص قيادته الثورية على السلام والأمن الإقليمي والعالمي والتزامها بالقانون الدولي الإنساني.
الهوامش
(1)https://www.reuters.com/article/oegtp-yemen-killed-ah1-idARAKBN0LP09020150221
(1)https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/03/150313_yemen_hadi_new_decrees
(1) مؤتمر صحفي للسفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير – YouTube
(1) اليمن في أسبوع – الثالثة عشرة – YouTubeالدقيقة 10:00
(1) محمد بن سلمان أشرف على الضربة الأولى ضد الحوثيين – YouTube
(1) جمال بن عمر: اليمن كان قريباً من اتفاق سياسي قبل بدء الغارات السعودية | الميادين (almayadeen.net)
(1) بلا حدود- مع المبعوث الأممي الأسبق لليمن جمال بن عمر – YouTube الدقيقة 34:18
(1) لعبة الأمم | مع جمال بن عمر | 2021-05-05 – YouTube الدقيقة 10:35
(1) بن عمر: مجلس الأمن لم يساعد اليمن بقدر كافٍ – BBC News عربي
(1) السيد عبدالملك الحوثي في كلمته في اليوم السادس والخمسين للعدوان على اليمن بتاريخ 20-5-2015 قال: “تجلى أنكم أنتم كنظام سعودي من تمثلون الخطر على هذا البلد، وإلا على مدى أربعين يوما من العدوان حتى الرد لم يرد عليكم أحد في عدوانكم هذا على مدى أربعين يوما.. من بعد أربعين يوما بدأت اللجان الشعبية وبعض من الجيش وبعض من القبائل بردود محدودة عسى أن تعتبروا، عسى أن تستيقظوا عسى أن تنتبهوا، عسى أن ترتدعوا من عدوانكم ولكن أيضا يبدوا أنكم لم تستفيقوا حتى الآن”.
(1) حديث للنبي محمد (صل الله عليه وآله وسلم) مجمع على صحته عند جميع الفرق والمذاهب الإسلامية.