بين أوكرانيا واليمن

يكتبها اليوم / علي الشرجي


* ليست كل الحروب في القاموس السياسي والعسكري الدولي سواء، فتوصيفه للاعتداءات والاجتياحات والأزمات تختلف من بلد إلى آخر وإن تشابه السلاح والمسرح والدواعي والمبررات.
* بين أوكرانيا واليمن.. يجمعنا المشهد الإنساني ويفرقنا القاموس السياسي الدولي، حيث يعتبر الهجوم الروسي على أوكرانيا عدوانا، بينما الحرب الشاملة التي تقودها السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا ضد اليمن طيلة سبع سنوات مجرد (عملية إنسانية) لـ(إعادة الأمل)! بنظر نفس القاموس العجيب.
* الحرب والحصار الشامل على اليمن ليس عدوانا ولكنه كذلك في أوكرانيا المحظوظة بنطاقها الجغرافي الأوروبي وبالتعاطف الدولي معها.
* ذلك مثال واحد للمفارقات العجيبة لدى المجتمع الدولي وبخاصة الغربي الذي يكيل بمكيالين في تعاطيه مع الأحداث والحروب وفي تقييمه للمواقف والأزمات.
* ملايين القتلى والجرحى والنازحين واللاجئين اليمنيين لم تذرف لهم دمعة العالم ولم يستحقوا المساعدة الإنسانية العاجلة واللازمة… بينما ضحايا ثلاثة أيام حرب في أوكرانيا أثارت شفقة العالم الغني –وهم يستحقون النجدة والإنقاذ والمساعدة بلا شك – ولكن أليس في اليمن إنسان يستحق العون والإغاثة أيضا!!
* وفي أوكرانيا نجد القوات الروسية المهاجمة لا تقصف المنشآت والأعيان المدنية ولا تستهدف المدنيين – لكن – في اليمن لم يستثن تحالف العدوان أي شيء وصارت كل المقدرات والمنشآت والمناسبات والحقوق الإنسانية الأساسية أهدافا مباحة للدول المعادية وصار مقترفو الجرائم بحق اليمنيين العزل خارج المسألة أو التنبيه والتوبيخ من قبل العالم الديمقراطي الحضاري المزعوم!!
* في أوكرانيا المعتدي خصم لدود لشرطي العالم الولايات المتحدة الأمريكية.. وفي اليمن المعتدي صديق وعميل غبي لها.. هذه أمريكا التي تأمل وتعمل على استثمار الحرب في أوكرانيا كما تتمناها وتعمل على إطالتها – أي الحرب – في اليمن.. مع اختلاف بسيط في الهدف الأمريكي، ففي أوكرانيا أمني وفي اليمن تجاري.
* والفارق بين أوكرانيا واليمن أن مطارات وموانئ الأولى مفتوحة رغم القصف الجوي الروسي المتواصل، بينما الثانية تحت القصف والحصار بتواطؤ أممي صريح مع تحالف العدوان.
* أما دبلوماسية العقوبات المثيرة للسخرية والتي قررتها دول الاتحاد الأوروبي على روسيا المصدَّر الأول لإمدادات الطاقة والحبوب لكثير من دول أوروبا – مثلاً – ألمانيا تمثل حاجتها للنفط الروسي بنسبة 40% ودول أخرى لا يمكن أن تستغني عن دفء الغاز الروسي خاصة في فصل الشتاء القارس.
* وهي بذلك أي الدول الأوروبية كمن يعاقب نفسه أولاً.
* وبالتالي خيارات روسيا الاقتصادية أفضل من دول الاتحاد الأوروبي المقاطعة للدب المتأقلم على كل الظروف.. وحينها ربما ستبرز قطر كمصدر بديل للغاز الروسي كما ستبرز السعودية ودول عربية أخرى لتعويض النقص المتوقع في إمدادات النفط للعالم وخاصة أوروبا.. فمصائب قوم عند قوم فوائد، كما يقول المثل العربي.
* من الخطأ الاستهانة بتداعيات وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على مستوى العالم، فهي حرب لها ما بعدها.. وقد تفضي إلى حرب عالمية ثالثة في حال تطاير شررها إلى دول أوروبية أخرى أو تزايدت الضغوط الاقتصادية على روسيا النووية!!
* وستلقي الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها على العديد من الحروب والأزمات في العالم وخاصة ما يسمى بالشرق الأوسط كإيران وسوريا واليمن وستزداد الحاجة الدولية للاستقرار والأمن في الخليج العربي والبحر الأحمر بما فيها مضيقي باب المندب وهرمز..
* وعليه يستوجب على الدول الغربية مراجعة سياساتها في المنطقة والتي يجب النأي بها عن المزيد من التوتر وإشعال الحروب والفتن المتنقلة.

قد يعجبك ايضا