
الوصول إلى الاختتام الناجح لمؤتمر الحوار الوطني الذي يعد واحدا من أبرز استحقاقات التسوية السياسية لم يكن مفروشا بالورود بل كان الطريق شاقا واعترضت مسيرته الكثير من الصعاب والتحديات الكبيرة.
ويجمع المراقبون السياسيون والمتابعون للشأن السياسي في اليمن بأن الرئيس عبدربه منصور هادي كان عند حسن ظن الجماهير اليمنية التي اختارته بإجماع غير مسبوق لقيادة هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ اليمن إذ استطاع وبحنكة كبيرة من تجاوز الصعوبات الهائلة التي اعترضت وما تزال مسار التحول السياسي والحضاري في البلاد.
وها هو الرئيس هادي وبعد مرور عامين على توليه قيادة المسيرة الوطنية يثبت مرحلة بعد أخرى بأنه الأقدر والأكفأ على حماية مسيرة التغيير والحفاظ على روح الوفاق والتوافق الذي كان له الدور الأبرز في بناء وترسيخ أسسه وبالتالي مواصلة الخطى الواثقة في تنفيذ بنود التسوية السياسية واستكمال أهداف التغيير السلمي والوصول بالوطن اليمني إلى بر الأمان وإلى حيث تتحقق فيه طموحات الجماهير في التغيير إلى الأفضل وإرساء قواعد دولة العدالة والمواطنة المتساوية.
ظروف صعبة
فمنذ تولي الأخ عبدربه منصور هادي مسؤولية قيادة هذا الوطن في تلك الظروف الصعبة وبالغة التعقيد وفي دولة كانت على وشك الانهيار سياسيا واقتصاديا وأمنيا كانت أول المهام الصعبة التي واجهته هي إعادة التوازن السياسي والاقتصادي والأمني للبلد وتوفير أبسط الخدمات للشعب بعدها مواجهة خطر القاعدة الإرهابي التي استغلت غياب الاستقرار السياسي بتوسع نشاطها الهدام في عدد من المحافظات والذي أكد الأخ الرئيس حينها التزامه الكامل بمكافحة واستئصال شأفته من منطلق مسؤوليته الوطنية في التصدي لهذا الخطر وهو ما تم بالفعل من خلال الانتصار الكبير الذي استطاع الجيش في معركة السيوف الذهبية دك أوكاره ومواصلة تطهير كافة أراضي الوطن وتحقيق أمن واستقرار الوطن ووحدته الوطنية.
تجاوز التحديات
ورغم كل المعوقات والتحديات التي واجهت اليمن أثناء الأزمة السياسية استطاع الرئيس عبدربه منصور هادي تجاوز تلك التحديات بإرادة قوية وترميمه جزءاٍ كبيراٍ من ذلك التحول وان يسلك باليمنيين مسلك الحكمة والعقل مترجما بذلك أعلى درجات الحكمة من منطلق الحرص الوطني على تغليب الحوار والتفاوض على الصراع والاقتتال وفقا للمبادرة الخليجية التي مثلت خارطة طريق لإخراج اليمن من الصراعات والحروب وشكلت نقطة التحول الحقيقي في مسار التغيير في طريق الوصول إلى يمن موحد وآمن ومستقر.
ويؤكد دبلوماسيون ومراقبون دوليون بأن مصفوفة القرارات الشجاعة التي اتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي مهدت الطريق أمام عبور مركب التسوية السياسية خصوصا المتعلقة بملفات هيكلة الجيش وملف الأراضي في المحافظات الجنوبية وغيرها من القرارات المختلفة التي جاءت متوافقة مع بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمِنة.
كما واجه الحوار والمتحاورون طوال فترة الانعقاد الكثير من التحديات والصعوبات كادت أن تعصف بالحوار وتوقف مسيرته حيث برزت أحداث كثيرة كانت بمثابة عوائق واضحة أمام المؤتمر على مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية والتي نشطت بشكل ملفت طوال فترة الحوار.. ولكن وبحكمة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي لعب دورا كبيرا في ضبط ايقاع مسيرة الحوار وخلق التوازن بين كافة الأطراف ولم تنحصر مواقفه على فعاليات الحوار فقط بل شملت التحرك الدولي خارج اليمن من خلال تقاريره التي كان يرفعها لمجلس الأمن عقب كل زيارة.. إلى جانب عوامل أخرى ساعدت في التغلب على الصعوبات التي واجهت مؤتمر الحوار ومنها ضغوط المجتمع الدولي خاصة الدول الراعية للمبادرة الخليجية والاتحاد الأوروبي ومساندته للرئيس هادي من خلال البيانات العديدة التي أصدروها والمواقف المتخذة إزاء ذلك.
تجربة فريدة
كما مثل مؤتمر الحوار نموذجا متميزا للمآلات التي انتهت اليها ثورات الربيع العربي بعد ثلاثة أعوام من اندلاعها ولا يزال حتى اللحظة المصير الأفضل لجميع تلك الثورات حيث بذل الرئيس هادي جهودا كبيرة لإنجاحه وهو ما جسده من خلال لقاءاته المتواصلة مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية وبحسب محللين سياسيين فقد مثل الدور الذي قام به الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس مؤتمر الحوار ومبدأ التوافق والحياد السياسي الإيجابي الذي انتهجه الرئيس كان الطريق الأمثل والآمن لاستمرار الحوار والتحاور رغم كل التحديات والمعوقات التي واجهته.
مشيرين إلى أن الرئيس هادي أرسى بهذا السلوك السياسي والنهج المتميز في ثورات الربيع العربي بل وفي النزاعات السياسية التي تشهدها معظم البلدان النامية تجربة ومدرسة فريدة في الحياد السياسي الإيجابي المثمر وستمثل نموذجا رائعا للاقتداء به ومحطة مضيئة في تاريخ اليمن المعاصر ومرجعية مهمة في التاريخ السياسي ليتجه الباحثون للاستفادة منه كنموذج وتجربة ناجحة في حل الاختلافات ومعالجة الأزمات المدمرة.
وبحسب سياسيين فإنه لم يسبق لرئيس ان انتهج هذا الحياد والتوافق الإيجابي في إدارة الحوارات للنزاعات والصراعات الداخلية في دولة يرأسها إلا ما حدث في اليمن.
وهنا فإن نجاح الحوار كتجربة ناجحة راهن الكثير على فشلها وكسب الرهان الرئيس عبدربه منصور هادي على نجاحه وأسس بذلك مدرسة فريدة في الحياد والتوافق السياسي مستعيد لليمن مكانته السياسية المرموقة في المحافل الدولية وستقتدي بنجاح تجربته الشعوب والدول التي لا تزال تشهد صراعات وأزمات سياسية مستعصية.
تأييد دولي
وعلى صعيد الدعم الدولي فقد حظي الرئيس عبدربه منصور هادي بمباركة مجلس الأمن الدولي وتأييد المجتمع الدولي من قبل فعالياته ونسقه في كل خطوة ومحطة على مسار التسوية السياسية الشاملة في اليمن انطلاقا نحو إرساء قواعد الدولة الجديدة دولة الحرية والديمقراطية والعدالة والتنمية الشاملة.
ولعل ما أدلى به الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال لقائه بالرئيس هادي في نيويورك وإشادته بحنكة الرئيس إنما يظهر بدلالاته المختلفة جوانب مهمة لهذا الدعم الذي أعطى زخما لا يستهان به ودافعا قويا لاستمرار ونجاح مسيرة الحوار الوطني في اليمن.. مشيرا إلى ان كل هذه الانجازات والعمل الدؤوب بفضل القيادة الرائدة للرئيس هادي لليمن نحو التحول والذي أسهم في لم الشمل لكافة الأطراف وإنجاح الحوار هو إنجاز تاريخي من أجل اليمن فضلا عن كونه مسارا شاملا ضم جميع الأطراف بما فيهم من كانوا في الماضي معارضين للحكومة المركزية.