عفاف محمد
انتعشت الثورة الأدبية في الوقت الراهن وسايرت الثورة السياسية التي تفجرت إزاء الأحداث المتواترة.
وكان للأدب والشعر حضور قوي سيما ما ارتبط منه بفن الزامل والذي يعد موروثاً شعبياً نابضاً بالحيوية، والشعر قد رافق كل حدث سياسي استعر بعد العدوان الجائر الذي اثار حفيظة كل ذي مروءة وغيرة على ارضه وبني جلدته، واكتظت الساحة الأدبية بشعراء نبغت قصائدهم مثل نهر دفاق لا يتوقف جريانه، ومن بين هؤلاء الشعراء الذين سالت اشعارهم كرامة وشموخاً وإباء شاعر تصدر قائمة الشعراء المتميزين وهو الشاعر بسام شانع.
وفي قراءة بسيطة نتصفح وإياكم ملامح هذا الشاعر الذي قورنت قصائده باسم الصواريخ التي ابتكر صنعها اسود الميدان وكانت سبب تغيير جذري في المعادلة ضد العدو وهي الصواريخ البالستية..على اسمها تلقب شاعرنا بـ”الشاعر الباليستي” الذي يصيب الهدف بدقة عالية ويترك اثراً مدمراً.
⭕بسام شانع :
من مواليد عام 1989م
الأهنوم -مديرية المدان- محافظة عمران
متزوج واب لولدين
نتطلع وإياكم لهامة شعرية فحين نتأمل قصائده تطالعنا قصائد حماسية تراكيبها تتقد شموخاً وكبرياء، تفجرت تلك القصائد من نفس مغمورة بالإيمان ومتشبثة بالجهاد في سبيله، انه شاعر ملأ القلوب والعيون والأسماع بفصاحته وبلاغته، هو من البيان في منزلة قل من بلغها من الشعراء.
اتجه شانع بروائعه التي جسد فيها انتماءه لدينه ووطنه وعشقه للجبهات انطلق من منطلق ايماني جهادي فكان هذا المنطلق الإيماني وقود شاعريته متنقلاً بها بين السفح والجبل والسهل والوادي .
عانق شانع قضايا وطنه فراح يتكلم عن مآسيه وانتصاراته وعن مبتكراته مباهياً بأسماء وافعال الصواريخ التوشكا والقاصف وبدر وصماد وغيرها.
وأجاد تراكيب المصطلحات الحربية ومشتقاتها العنيفة حيث لم يكن ثمة مانع يحجبه عن ان يكون رب السيف إلى جانب القلم فصار شبيه سليله عنترة بن شداد الذي تناقلت الأصقاع اخبار فروسيته وفصاحته، وكان لجهاده في ميدان النزال انعكاس على كلماته وإضافة الى الملكة الشعرية التي وهبها الله اياه والفطنة التي يتحلى بها وثقافته المتسعة انتج روائع شعرية بديعة.
وقد اكسبته كل قصائده مكاناً ذائعاً في المجتمع بمختلف اذواقه واتجاهاته الفنية ،حيث وهو يومض بهواجسه ساعة الجد فتعصف وتكتسح القلوب لقوة معانيها.
تمترس هذا الشاعر خلف عفويته الراقية وكست مفاصل قصيدته براعة ادهشت المتلقي فأضحت مثل البحر العميق يشدك بهدوئه ويطغى عليك بأمواجه الفجائية .
احسن شانع الشعر من حيث الإشارة ومن حيث المنطق وتنقيح المعاني وتصفية اللفظ ووضوح الدلالة وتوغلت قصائده في اعماق الروح.
تفوق الشاعر بسام في المحاورة والمناظرة وخفة البيان ورصانة الأسلوب وإصابة المعنى وتميزت قوافيه بوزنها الصعب الذي لا يقدر عليه إلا الشعراء المتمرسون ذوو النباهة والفراسة الأدبية .
ولم يخالف القول في ان ابلغ الكلام ما حسن إيجازه وقل مجازه وكثر إعجازه وتناسبت سطور اعجازه.
ونقطف من بستانه البلاغي زنبقة شعرية والتي يقول فيها :
لقد جات واشنطن إلى حتفها الموعود
كفتنــا مشقـــــات السفــــــر لا موانيها
لكم عهد لا نقضي علـى آخـــر العنقود
ولا نرفع الصرخات داخـــــــل أراضيها
مـــع الله وابن البـــدر لا قلعة النمرود
فلا بد مـا تحرق وتنسف كل ما فيها..
ونلحظ كيف انها تنضح بالشموخ والثقة بالله متحدياً امريكا متوعداً إياها بهزيمة نكراء مستسقياً معانيه من نبع الجبهات المستعرة وكل قصائده حفلت بمضامين جهادية توحي بالشجاعة والقوة والتحدي والاستبسال ولايخالف وقع كلماته وقع البارود على الاعداء.
ويتحفنا الشاعر في مطلع إحدى قصائده الشعبية والتي كان فيها اكثر اقتداراً على مخاطبة الشعب كونه يتحدث بلغتهم الشفافة قائلاً فيها :
رد الصواعق لا بطـــــــون الغمامة
وانحت شعار الحق في النجم والطور
بــانــرفعــه لا فجــــر يـــــوم القيامة
مــــا با تسكّتنا ســـــوى نفخة الصّور
وهنا نلحظ براعته في التعبير وحسن بيانه وجوده وفصاحته وبكلماته يبلغ ما يريد وبأسلوبه الفذ الرصين يستميل الأسماع.
وفي بديعة اخرى يقولها شانع ساخراً مستصغر الأعداء متحدثاً عن شمائل العرب وما يعيبها وهي:
هـــو قدركم هــذا وهي مرتبتكم
لااستقبلتكــم جـــارية آل مكتوم
الله لا يرحـــم بطــــون انجبتكم
نص الرسالة نص واضح ومفهوم
هـــذه تقاليد العــــرب لعن ابتكم
العبــــد مـــا يستقبله سيد القوم
ونجده ممن يستسلم لقدراته التخيلية والتكتيكية ولا تخلو ابيات شانع من الدهاء الادبي والفكري حيث وهو يستخدم فطنته في تفاصيل القصيدة والتي قد يعجز البعض عن فك شفراتها إلا من كان ذا حجى.
نجد ان لهذا الشاعر خصوصية في اختيار مفرداته والتي اسهم بها في تنوير الوعي المجتمعي بقيم الحق والخير والجمال ودائماً ابياته لا تفارقها أشكال الابداع المختلفة والتي تعد كنوع من الإلتزام المجتمعي .
وكانت الزوامل المنشدة من كلماته قد اعطته مساحة مجتمعية كبرى وطابعاً خاصاً ومتميزاً حيث أنه مع اللحن يتوسع افق القصيدة فمعظم الناس ليسوا متذوقي الشعر بقدر ماهم متذوقو اللحن وقد وصل صدى كلماته الملحنة لأبعد الحدود ومن هذه القصائد القوية المنشدة (مغازي الليل -مونة الآجال- يا قوة الله – خطافة الارواح -فيلق الاهنوم-فك ذات الحلق- عشق الشهادة ساكن اعماق ذاتي- ملامح شموخ الشعب -الموقف الحازم- شوى الابرمز) ولكم انتشى بها سامعوها وحلقوا معها في سموات العز واشرأبت اعناقهم وهم يعيشون تفاصيل تلك الكلمات المشتعلة والمعتلية كالنخل الباسقات والجبال الشامخات .
ولذا يكون الشاعر بسام شانع قد وضع لنفسه مكانة تشع ضياء وتسحر العقول كونه يتقن ان يزيد معانيه رفعة ووضوحاً ويكسبها جمالاً وفضلاً ويكسوها شرفاً ونبلاً .
بات ادب وفن شاعرنا المبدع واسع النطاق فسيح الخطى ممتد الحواشي متشعب الأطراف متوعر المسلك غامض المدرك دقيق المجرى غزير المعطى.
وفي نهاية هذه القراءة اهدي كل متابعي ومحبي هذا الشاعر الهمام آخر قصيدة له وحصرياً ولأول مرة تنشر ..وترقبوها زامل بصوت المتألق الأسطورة والصوت الجبلي المنشد المجاهد عيسى الليث ..
على الحلف بغمة بندقي مثل ما فمِي
سوا حين ما ترعد وحين ألقي القصيد
وقد لا تميز ايّنا حين نستمي
ولا تدر من منّا هو الشاعر المُجيد
توافق وفي ذات المسار التناغمي
كلينا على نفس الوتيرة وفي صعيد
فقاطع نسم عن قرب بالهاتن الرمي
وقاطع نسم عن بعد بالمنطق السديد
وما بين فك وفك صيفان حضرمي
وما بين كف وكف معدومة الجريد
لسان العرب في الفم ، والكف الاعجمي
سلاحي وانا والقول والفعل في خديد
عراقة وجود الارتباط التلازمي
لها بين ما يُنطَق ويُطلَق نسب وطيد
فما مفرداته من معابر معاجمي
سوى مثل ما انا من شقيق وخي وليد
وانا ما انتميت إلا لما كان ينتمي
ولا لي مفر او ميل عنه ولا محيد
مقحقح سميدع قرم دلهام صيرمي
يدوس المنايا بأحذية عمره المديد
اذا استشهد البارح فيا جرحي الدمي
سقط امس عزرائيل في المعركة شهيد
لنا عبر الازمان الف تاريخ ملحمي
تلوّح لنا امجاده من الماضي التليد
وللعز والنخوة معدّل تراكمي
بنا كل ما زادت سلالاتنا يزيد
ومستوعبات الاكتساب التقادمي
لنخوات الاجداد اوعية ما لها نديد
تراكم حشود الاكتضاض التزاحمي
وتلقائياً تنضاف لا نخوة الحفيد
تهيجني الهيجا وتشعل تضرّمي
ونيران شهوة خوضها تصهر الحديد
يسيطر على كلي ويحتل معظمي
شغف لا تقاوم لهفة اصراره العنيد
يذيب انضباط النفس وافقد تحكمي
ويبقى يمشيني على كيف ما يريد
وما اتوسمت روح العطا إلا بميسمي
وما اتغذت إلا بالغذا الروحي الرغيد
وما حلّت إلا جسم همهام مقدمي
يزاول مرامي الهلك مايترك الطريد
وجوفي ثقة بالله ما شي لها سمي
ترى كل شي مسبق ولا عندها جديد
وقايد علم نبراس كرار هاشمي
يماني تكاد الارض من هيبته تميد
وقد نور عين الشمس يطفى وتعتمي
وتبقى البصيرة نافذة والبصر حديد
هت اقوى قوى جيش الجيوش العرمرمي
فما فوق حلف الله عدّة ولا عديد
هم اللي مع الكل انشأوا حلف عالمي
وانا اللي مع الواحد تصدى لهم وحيد
ويحمى وطيس المعركة كيف ما حمي
تزايد شراستها إلى حيث لا مزيد
فما حرها لا احمى ولا احر من دمي
ولا الباس فيها اشد من باسي الشديد
ووينه لظاها من لظى كبدي الظمي
ووين الذي فيها من اللي في الوريد
حماسي جهنم واتقادي جهنمي
فلا نار فاقتني ولا فاقني وقيد
بي الموت لا اشتدت من الموت يحتمي
ومني تلوذ الحرب بالحرب من بعيد
تجلت على كفي وزندي ومعصمي
مصاديق نصر الله والوعد والوعيد
حديث الجرايم والخطاب الكرازمي
يهز الجبال الصم ويبركن الجليد
يثوّر براكين الحمية في الحمي
فلا احرار باتسكت عليها ولا عبيد
بها اليوم نطّاحن جميعاً ونرتمي
ندقه جنان الكل لا عد بقى رشيد
تعم اشتباكات القتال التلاحمي
مساحة وجغرافيّة الارض تستقيد
تقوم القيامة من جنوب الدريهمي
يشب الصراع الكوني المفني المبيد
ويقضي بني ادم على كل آدمي
ويتفجر آخر لغم في الناجي الوحيد
وتوحي هذه القصيدة المزلزلة بأنه فارس الوغى والقصيد، وهنا تمازج ما يخرج من فوهة السلاح ومن فم الشاعر فكلاهما سواء حين تخرج حمم مصطلية تشوي العدو وترديه، وينوه بأنه لشدة تشابههم في ما يطلقونه قد يحار المرء فيهم فتناغم ما يؤدونه يجعل منهم كياناً منسجماً من حيث ما يصعدونه.
وهذه الثقة المطلقة في ذاته جعلته يساوي عباراته الملتهبة بالسلاح الناري فثمة ارتباط تلازمي بينهم ومثل هذه القصيدة تحتاج لدراسة عميقة كي يُكشف عن اسرارها المكنوزة.
بسام شانع شاعر سميدع دلهام، من المجاهدين الذين تشرق وجوههم كأنها نفوسهم مكسوة شيماً. .
ودمتم في نصر.