شهد اليمن سلسلة من الأزمات للمشتقات النفطية المتعاقبة خلال السنوات الماضية نتيجة منع سفن المشتقات النفطية من الدخول إلى ميناء الحديدة تنعكس في صدمات قوية أثرت بشدة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وأوضاع الأمن الغذائي والمعيشي للشعب اليمني وقد اتسمت هذه الأزمات بالتكرار بين فترة وأخرى والتزامن لتشمل جميع أنواع المشتقات النفطية ولتكون سببا رئيسيا للعديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الأخرى بما في ذلك اتساع معدلات الفقر والبطالة وكذلك ارتفاع الأسعار وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه والصحة والتعليم وزيادة الأعباء على الشرائح الضعيفة مثل المرأة والطفل وكبار السن وكذلك زيادة الضغوط على حالات انعدام الأمن الغذائي .
ويعتبر تعاقب أزمة المشتقات النفطية أحد الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد اليمني والتي تنعكس تداعياتها في زيادة معاناة ومرارة معيشة المواطنين بين فترة وأخرى وقد انعكست أزمة المشتقات النفطية في اليمن سلبا على الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد بحيث ازدادت المعاناة إلى مستويات غير مقبولة وتشير التقديرات إلى أن 50 % من الحركة الاقتصادية توقفت بشكل عام وعلى وجه الخصوص في القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والنقل الداخلي بين المدن وطال التأثير السلبي المباشر للأزمة العاملين في تلك القطاعات وكان أيضا من تداعياتها زيادة نسبة البطالة وتسجيل عاطلين جدد عن العمل يضافون إلى قائمة الفقراء الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية بشكل دوري .
ويتواصل الحصار الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن في حجز سفن الوقود ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة وهو ما يسبب أزمة خانقة في الوقود لها آثار سلبية على حياة المواطنين وتزيد من معاناة الشعب اليمني إضافة إلى الأضرار النفسية التي يتعرض لها وكذلك تلحق بالقطاع الاقتصادي أضراراً جسيمة على المدى القريب والبعيد .
حيث تعيش الأسواق المحلية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات المحررة اختناقا حاداً في المشتقات النفطية منذ أيام نتيجة استمرار قرصنة دول تحالف العدوان على السفن المحملة بالمشتقات النفطية وهذه السفن تابعة للقطاع الخاص اليمني وليست لحكومة الإنقاذ الوطني أو شركة النفط والتي جرى استيرادها وفق نظام الاستيراد المعتاد بشكل سليم وقانوني ورغم ذلك تتعرض للقرصنة ويعتبر ذلك استهدافا مباشرا للقطاع الخاص الذي يتولى تغطية الواردات في الأسواق من الغذاء والدواء والوقود وهذا له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني في عزوف أغلب التجار عن القيام بذلك حتى لا يخسرون رؤوس أموالهم ويأتي ذلك في ظل عدم قدرة القطاع الحكومي على القيام بهذه المهمة وتغطية الاحتياجات الضرورية والأساسية للمواطنين بسبب الحصار والقيود على الصادرات والواردات التي وضعتها دول تحالف العدوان.
وإضافة إلى ذلك توجد مؤشرات أخرى سوف تنعكس على السوق المحلية حيث ستعمل على تراجع كبير في حركة النقل الداخلي بين المدن اليمنية تصل إلى أكثر من 50 % ويرافق ذلك ارتفاع في تعرفة النقل عما كانت عليه قبل الأزمة الأخيرة والأضرار والآثار نتيجة ذلك لن تتوقف وسوف تلحق بجميع القطاعات الاقتصادية والخدمية الأخرى مثل قطاع الكهربا والمياه والصحة العامة حيث سترتفع أسعارها وتتجاوز بنسبة أكثر من 50 % وهي قابلة للارتفاع في ظل انعدام المشتقات النفطية ويأتي تضييق الخناق على ميناء الحديدة في كل مرة نتيجة تحقيق الجيش واللجان الشعبية انتصارات كبيرة سواء على المستوى العسكري أو السياسي.
ويؤثر ذلك أيضا في إلحاق أضرار جسيمة في الاقتصاد الوطني على انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية وانهيارها ومن تلك الآثار والأضرار لمنع دخول السفن النفطية وارتفاع أسعارها رفع سعر التكلفة التي تؤدي إلى الزيادة في قيمة مدخلات الإنتاج للمنتجات الصناعية والزراعية وبالتالي زيادة سعر المنتج الذي يضر بعدم قدرة المواطن على شراء احتياجاته الضرورية للعيش.
ومن ناحية أخرى وبسبب الحصار الاقتصادي ومنع سفن الوقود والغذاء الدخول إلى ميناء الحديدة وبسبب القيود المفروضة على الصادرات والواردات وخاصة أن أغلب المنافذ الجمركية والضريبية تحت سيطرة العدوان ومرتزقتة فإن أغلب السلع والخدمات تأتي من المناطق المحتلة وبسبب هذه الزيادة سيؤدي ذلك إلى الارتفاع بشكل نسبي وتدريجي في سعر السلع والخدمات وبالتالي وجود تضخم وسينعكس على انخفاض دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملة الوطنية ويؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام .
وستترتب على ذلك أيضا أضرار وآثار مالية واقتصادية كارثية أخرى منها بصفة خاصة الانهيار والمعاناة في الجانب الإنساني والجانب الخدمي وعجز المواطن عن شراء احتياجاته الأساسية والضرورية من الغذاء والدواء بسبب الغلاء نتيجة ارتفاع التضخم وارتفاع أجور النقل بسبب ارتفاع سعر المشتقات النفطية نتيجة احتجاز السفن ومنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة .
ويعيش اليمن أزمة اقتصادية مركبة وحادة ناتجة عن حالة عامة من عدم الاستقرار الاقتصادي الكلي وهذه الأزمة بتداعياتها المختلفة تدفع نحو انهيار شامل تقول المؤشرات إن البلاد تتجه إليه وخاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعودي الأمريكي وكل ذلك بسب العدوان والحرب الاقتصادية التي تُشن على اليمن على مدى سبع سنوات والمجتمع الدولي في موقع المتفرج ولا يتدخل لوقف هذا الاعتداء الظالم على اليمن ونهب ثروات الشعب اليمني وأدت إلى ظهور تعقيدات كثيرة أمام الأنشطة الاقتصادية وإلى تضييق الخناق على القطاعين التجاري والمصرفي وعلى التبادلات التجارية الداخلية والخارجية .
ويُعد التغير في المستوى العام للأسعار من أهم العوامل المؤثرة على القوة الشرائية للمجتمع نتيجة تراجع حجم الطاقات الإنتاجية للاقتصاد الوطني والقيود المفروضة على تدفق مستلزمات وخدمات الإنتاج وارتفاع أسعارها وخاصة الوقود الذي ارتفعت أسعارها مقارنة بمستواها قبل العدوان ما ساهم في ارتفاع تكاليف الإنتاج والقصور أيضا في عرض السلع المستوردة وارتفاع أسعارها بفعل القيود المفروضة على الواردات وخاصة منع السفن المحملة بالغذاء والمحروقات من الدخول عبر موانئ الحديدة وان استمرار معدلات التضخم بمعدلات مرتفعة متزامنة مع تدهور الدخل، يعني استمرار تدهور القوة الشرائية للأفراد وبالتالي كمية الاستهلاك من السلع والخدمات وخاصة من الغذاء.
كما أن مثل هذا الاتجاه العام الصعودي والمصحوب بذبذبات في الأسعار قد زاد من عدم الوضوح لدى المستوردين والمنتجين وانعكس سلبا على نشاطهم كما دفع وبقوة بالأسعار نحو الارتفاع وبمعدلات مرتفعة ما ترتب عليه استمرار تراجع مستوى الاستهلاك الحقيقي حيث يعاني القطاع الخاص من تعسفات كبيرة جراء قيام سلطة المرتزقة من فرض المزيد من القيود على السلع الأساسية والثانوية ولا نستطيع إنكار أن لسعر المشتقات النفطية دورا هاما في زيادة الأسعار ويؤدي إلى التضخم في السلع والخدمات في الأسواق .
حيث يجب على الحكومة اتخاذ معالجات في توفير المحروقات واستقرار أسعارها لكي تقطع الطريق على كل المؤامرات في المستقبل للنيل من اقتصادنا الوطني وتتمثل بعض هذه المعالجات في إزالة جميع القيود التي تؤثر على استيراد الوقود التجاري والضغط على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عبر الناشطين السياسيين المناهضين للعدوان والمحامين والحقوقيين في الداخل والخارج والرفع بدعاوى قانونية وقضائية أمام محكمة الجنايات الدولية لمنع القرصنة على سفن المشتقات النفطية التي تقوم بها دول العدوان لأن هذه جرائم تمس حياة ومعيشة الشعب اليمني ولا تسقط بالتقادم وكذلك توعية المواطنين بترشيد استهلاك المشتقات النفطية والكهربائية وإعطاء الملف الاقتصادي الأولوية التي يستحقها في أي مفاوضات للتسوية السياسية بما في ذلك تجنيب المواطنين مزيداً من الأزمات نتيجة منع دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة واستئناف استخراج وإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي المسال وإمكانية ذلك في المناطق المحررة لتعزيز مصادر النقد الأجنبي مع توفير الكميات الكافية لسد الاحتياج الداخلي .
وكيل وزارة المالية