
تحقيق/عبدالله الخولاني –
الفقر يفتك باليمنيين البطالة لعنة تطارد شبابه الحاضر قتل فيه الأمل المستقبل مظلم الحلم في العيش الكريم أوهام غير قابلة للتحقيق القانون خارج نطاق التغطية بفعل فاعل كل الخيارات استنفدت ,فانتفض الشباب على واقع قتل فيهم الطموح وولد فيهم الإحباط واليأس فخرجوا منادين بالتغييرات لمستقبل ينتشلهم من براثن البطالة والفقر إلى ميادين العمل والإبداع متجاوزين ساسة ظلوا لسنوات يبيعون الكلام وأحزاب أدمنت لعبة المصالح وعقد الصفقات فكان الاقتصاد مفجر التغيير حتى لو سرقته السياسة إلى حين وسيظل المطلب غير القابل للتأجيل حتى لو تلاطمت به أمواج السياسة.
عندما تسلل اليأس إلى عبدالعزيز الشاب العشريني وحامل المؤهل الجامعي في المجال الهندسي بأن سنوات عمره التي قضاها في التعليم ضاعت هدرا وأن الشهادة الجامعية عجزت عن توفير أدنى مقومات الحياة ولم تستطع حمايته من شبح البطالة كانت هذه بداية النهاية لتغيير الواقع المفروض قسرا ,فخرج عبدالعزيز ومعه المئات بل الآلاف من شباب اليمن لرفض اليأس والاحباط بعيدين عن حسابات السياسة والمناصب كل مايصبون إليه هو العيش الكريم والمستقبل الفضل لأبنائهم يضمن لهم الحياة بكرامة ويجنبهم معاناة من سبقوهم.
الشباب قادوا التحول
تم تحديد الفئة العمرية للشباب بالفئة العمرية ( 15– 29) سنة و يبين الوضع الديموغرافي للشباب تزايد عدد الشباب (ذكوراٍ وإناثاٍ) الباحثين عن عمل من 5.9مليون عام 2005م إلى 6.5 مليون عام 2007م ثم استمر ليصل إلى 7.3مليون عام 2010م ليستمر العدد في تزايد ليصل إلى 8.3 مليون كما شكل الشباب نسبة 29.7% من إجمالي السكان عام 2005م وارتفعت هذه النسبة إلى 30.6% عام 2007م واستمرت في التزايد لتصل إلى 31.5% في عام 2010م ( أي أن الشباب يشكلون حالياٍ ثلث السكان تقريباٍ .
هذه المؤشرات كما يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء الدكتور علي قايد تؤكد أن اليمن ستمر بمرحلة تحول تتميز بمكاسب ديموغرافية كغيرها من دول منطقة الشرق الأوسط يمكن الاستفادة منها ايجابا إذا ما تم الاستثمار في تنمية الشباب بشكل إيجابي وبطريقة فعالة وفي الوقت المناسب حيث يتمتع الشباب في هذه الفئة بطاقة كبيرة تجعله قادراٍ علي العمل والإبداع . وللشباب حقوق ومطالب جمة تعكس حاجاتهم لعل من أهم تلك الحقوق حق الشباب في الحياة والتعليم والعمل والحصول على الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية والحماية من كل صور الاستغلال والتمييز والمساواة أمام القانون وفي الفرص المتاحة وحرية الرأي والتعبير والتنظيم والمشاركة في صنع القرارات التي تؤثر على حياتهم سواء علي مستوى الأسرة أو المجتمع وغيرها من الحقوق التي يكفلها الدستور والقوانين.
الشباب يمثلون الركيزة الأساسية للاقتصاد حيث ارتفع عدد الشباب النشيطين اقتصادياٍ من نحو2,276,794 نسمة عام 2005م إلى 2,572,529 عام 2009م ثم 3ملايين في 2010م وكانت نسبة قوة العمل للشباب 46.56% وارتفعت إلى 47.34% من إجمالي قوة العمل الكلية والتي بلع عددها 4,889,537 نسمة و 5,434,425 نسمة في العامين المذكورين على التوالي.
ويدل مؤشر ارتفاع نسبة الشباب النشيطين اقتصاديا على أهمية الشباب كمورد بشري وأنه يمكن أن يلعب دورا محوريا في مستقبل المجتمع والاقتصاد اليمني ومن ثم فإن الأمر يتطلب بذل الجهود في التعاطي مع تنمية الشباب وتأهيلهم وإعدادهم الإعداد الجيد لدمجهم في التنمية واستيعابهم في سوق العمل وتهيئة الظروف المؤدية إلى خلق فرص عمل وتتيح تشغيلهم حيث بلغ إجمالي قوة العمل البشرية من الشباب 5,720,460 نسمة ويشكلون نسبة 52.05% و52.59% من إجمالي القوة البشرية في الفئة العمرية (15 سنة فأكثر) والتي بلغت 10,991,000 نسمة و 12,862,769 نسمة .
الأداء الاقتصادي الكلي كان متواضعاٍ ويرجع إلى وجود عدد من المعوقات الهيكلية التي تعيق طريق النمو الاقتصادي في اليمن أسهمت في تدني معدلات النمو الاقتصادي واختلال أداء السياسات الاقتصادية الكلية اهمها ضعف جاذبية البيئة الاستثمارية نتيجة لمحدودية خدمات البنية التحتية ومشاكل الأراضي والتعقيدات الحكومية في الجوانب الإدارية المرتبطة بالاستثمار والإنتاج وما نجم عنها من تدني معدلات نمو الاستثمارات الوطنية وبالذات تدني معدلات نمو الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي والتي عولت عليها الحكومة في تحفيز النمو الاقتصادي وتحريك عملية التنمية حيث لم يتجاوز معدل نموها 3.6% في احسن الأحوال خلال الخمس السنوات الخمس الماضية لتسجل بعد ذلك معدلات نمو سالبة بلغ 7.8%.
اليمن تحتضر اقتصاديا
اليمن كانت تحتضر اقتصاديا خلال الفترة 2007-2011م حيث أظهرت المؤشرات الاقتصادية أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تراجع خلال هذه الفترة بنسبة تتراوح ما بين (15%-20%) وهذا يترتب عليه تراجع متوسط نصيب الفرد من الداخل القومي المتاح بما نسبته (20%) مما قد يدفع نسبة الفقر للارتفاع من (43%) عام 2010م إلى ما بين (60%- 65%) كما تظهر البيانات الفعلية أن معدل التضخم ع قد تجاوز (20%) مدفوعاٍ بمعدلات أكبر للتضخم على السلع الغذائية والأساسية مما يجعل الأثر الحقيقي للتضخم على الفئات الفقيرة ومنخفضة الدخل أكبر من الفئات متوسطة ومرتفعة الدخول وارتفاع معدل البطالة الصريحة من حوالي (19%) عام 2005م إلى ما يقارب (36%-40%) نتيجة تراجع الاستثمار الإجمالي بما نسبته (30%- 35%) مما ساهم في تراجع معدل النمو الاقتصادي وبالتالي ارتفاع معدل البطالة والفقر .
فشل التنمية
وطبقا للدكتور محمد الميتمي فإن الاقتصاد اليمني لعقود وهو يعاني من مشاكل حادة جدا فالتنمية وآلياتها لم تستطع وضع الاقتصاد اليمني على المسار الصحيح فالجميع يعرف أن الخطط التنموية منذ قيام الوحدة لم تحقق اهدافها ولا حتى في المؤشرات العامة فالنمو الاقتصادي في جميع الخطط كان دائما بالسالب مقارنة بما هو مخطط فمثلا الفقر اتسع في اليمن من 19% إلى أكثر من 52% الآن ومعدلات البطالة التي كانت لا تتجاوز9%رغم أن الرقم كبير مقارنة بالمعايير الدولية إلا أن البطالة تجاوزت 40% وفقا للتقديرات المحلية والدولية بالإضافة إلى أن هناك مؤشرات اقتصادية حرجة فهناك تحذيرات دولية تشير إلى أن الاقتصاد اليمني على وشك الانهيار وهناك 750 ألف طفل كما تقول أوكسفام يعانون المجاعة ومثلهم ملايين اليمنيين يعانون المجاعة القاتلة .
ويرى الميتمي أن هناك أسباباٍ كثيرة لهذا الفشل أهمها أن المنظومة الناظمة للحركة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في اليمن لم تكن فعالة وموجودة وغياب تطبيقات النظام والقانون وانتشار الفساد وغياب رؤية وطنية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وهذا في اعتقادي من أهم الأسباب التي أوقعت اليمن في هذا الفصل الحرج والخطير للغاية .
الشباب همشوا
فئة الشباب لم تحظ بالاهتمام المطلوب أو الكافي والذي يتناسب مع حجمها في المجتمع إذ تشكل أكثر من ثلثي السكان وعادة ما يتم استهدافهم في إطار السياسات والبرامج القطاعية الإجمالية وعلى شتاتها ومن ثم فإن التعاطي المطلوب لتلبية حاجاتهم وتطويرهم مفقود وفقاٍ لما يطرحه الخبير الاقتصادي الدكتور علي قايد ولذا يجب أن تتصدر قضية تشغيل الشباب مكونات الرؤية بحيث توضع استراتيجية متكاملة للنمو وخلق الوظائف وتدخلات تستهدف الشباب لمساعدتهم على التغلب على العوائق التي تواجههم عند الدخول في سوق العمل والبقاء به وأن تشمل هذه الاستراتيجية دمج قضية تشغيل الشباب وخلق فرص للعمل ضمن أهداف وبرامج خطط التنمية والفقر والقيام بالمبادرات التي تؤثر على تشغيل الشباب من حيث إيجاد البرامج المنشئة للعمل التي تراعي الخصائص والاحتياجات المتميزة للشباب.
تحديات
وذكر صندوق النقد الدولي مؤخرا أن التحديات الاقتصادية التي يواجهها اليمن تظل صعبة ولا سيما بفعل معدلات الفقر والبطالة المرتفعة خاصة في صفوف الشباب وتوصي المؤسسة المالية الدولية سلطات اليمن بتركيز سياساتها الاقتصادية على دعم النمو الشامل لجميع فئات الشعب مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي.