المرأة اليمنية تصـــنع ثـــورة


> نساء تبرعن بالمال والحلي وأخريات صنعن المأكولات للمعتصمين

> مثقفات: فرقنا النظام وجمعنا النضال وحب الوطن

منذ الأيام الأولى لانطلاق الثورة الشبابية الشعبية السلمية اندفعت المرأة اليمنية لتشارك بقوة في صنع ثورة التغيير من خلال تواجدها اللافت في ساحات وميادين الحريه والتغيير في مختلف المحافظات.. وجعلت المرأة اليمنية من نفسها رقماٍ لا يستهان به في صناعة مستقبل اليمن حيث برزت الكثير من الوجوه النسائية في عدد من الساحات ففي صنعاء كانت حورية مشهور التي أوكلت إليها مهمة الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني إلى جانب كل من توكل كرمان والناشطات أروى عثمان وأمل الباشا نبيلة الزبير هدى العطاس نادية الكوكباني وجميلة غالب بلقيس اللهبي سامية الأغبري وغيرهن كثير وفي تعز كذلك برزت وجوه مماثله وكلهن لازمن ساحات التغيير والحرية على مدار العام 2011وكن يتصدرن المسيرات السلمية والمشاهد النضالية..

آلاف النساء اليمنيات توافدن إلى ساحة التغيير في صنعاء وساحات الحرية في تعز وعدن وغيرها من المحافظات لمؤازرة إخوانهن في ميادين النضال من أجل التغيير والتي تحولت من شوارع وأماكن كانت تزدحم بالباصات والسيارات والباعة المتجولين إلى ساحات للحرية وملتقيات حية شكل فيها الشباب والرجال من الجنسين صورة المستقبل الذي ينشدونه.. مستقبل يمنحهم المواطنة المتساوية.. العدالة والحرية… الكرامة.. وجوه لم ينهكها الزمن يتطلعن لقادم أجمل ويحتفين بالآتي ينسكب من ثنايا أصواتهن وهدير كلماتهن وصرخاتهن الرافضة للواقع البئيس..
نساء من مختلف الأعمار عزفن سيمفونية الحب والمجد للوطن وشكلن نسيجا بديعا من التلاحم الخلاق.. كنا يتجولن ويستمتعن بالمرور وسط الخيام ويرصدن الحياة بكل بساطتها وروعتها في الساحة التي تحولت إلى بازار يخطف الأنظار.. جدن بما يمتلكن من مال ومجوهرات لدعم المرابطين في الساحات وأخريات لم يكن لديهن المال ولا الحلي ليتربعن فصنعن الأكل والكعك في بيوتهن للمعتصمين.. وكلنا لم ينس ذلك المشهد الذي ظل عالقا في الوجدان والذاكرة عندما قدمت إحدى السيدات إلى وسط ساحة التغيير وصعدت على المنصة وخاطبت المعتصمين “أنتم تواجهون الموت في كل لحظة وتفترشون الشوارع والأرصفة وتتعرضون للبرد والشمس وأنتم صامدون ونحن في منازلنا وعلى أسرتنا….” وأعلنت تبرعها بمليونين ونصف المليون ريال دعما للمعتصمين ولم تكشف عن هويتها.
دعم كبير
(نادية عبدالله) كانت من طلائع الثائرات في ساحة الحرية بتعز.. شاركت في الثورة الشبابية الشعبية السلمية منذ اندلاعها شاركت في الاعتصامات وفي كل المسيرات الاحتجاجية وقفت بإكبار وشموخ وتحدُ للواقع فاق الكثير من الرجال.. كان شعارها “صامدون صامدون.. ولن نستسلم أو ننكسر ولن ننحني ولن نتنازل عن ثورتنا فأما تنتصر الثورة أو نموت..
حنان الشرعبي جندت نفسها في خدمة ثورة الشباب السلمية منذ انطلاقتها وأعطت الساحة كل حبها وشاركت في كل المسيرات النضالية السلمية بحماس منقطع النظير مع مثيلاتها من المناضلات من أجل استعادة الروح للوطن ومن أجل استعادة الحرية والكرامة المفقودة لأبناء الوطن..
بشرى السلامي هي الأخرى كانت نموذج لمشاركة المرأة الفاعل في النضال السلمي إلى جانب شقيقها الرجل ولم يقتصر دورها على حضورها الشخصي في الساحات أو المشاركة في المظاهرات وإنما من خلال تشجيعها لزوجها وأبنائها وإخوانها للمشاركة في فعاليات هذه الثورة العظيمة وقدمت روحها وجل ما تملك من أجل هذه الثورة وحتى لا ينطفئ وهجها أو تفتر عزيمة رجالاتها.
رغم المضايقات
الشاعرة هدى العطاس كانت تهتف في منصة ساحة التغيير مرارا وبـحماس كبير «فرقنا النظام ووحدنا النضال» و«شعبَ يمنيَ واحد» فهي لم تتخلف يوماٍ عن الحضور إلى الساحة.. وتتحدث إلى الشباب بشكل يومي. وتلقي بعض القصائد الشعرية الحماسية.. وظلت كذلك طيلة شهور الصمود رغم ما تعرضت له من مضايقات حتى من داخل الساحة نفسها وكذلك الحال بالنسبة للناشطة والكاتبة أروى عبده عثمان التي تعرضت هي الأخرى لمضايقات كثيرة من قبل بعض المتشددين في الساحة وأثناء بعض المسيرات التي كانت تشارك فيها لكنها لم تستسلم ولم تيأس وظلت تناضل مع شقيقاتها من أجل أن ينتصر الوطن..
الناشطة الحقوقية رنا غانم وعلى وجهها يرتسم الكثير من التفاؤل والأمل وبعبارة قصيرة في مساحتها وعميقة في معناها قالت: “الثورة والتغيير أن نبتسم أكثر ولا تعني مطلقاٍ الخروج بوجهُ بلاستيكي مْحمل بالكثير من البؤس”.. ولذلك خرجنا إلى الساحات وشاركنا بدور كبير إلى جانب أشقائنا من الشاب والرجال في الساحات متسلحين بإرادة قوية وأمل كبير بأن ثورة التغيير ستنتصر.
سلوى محمد خريجة جامعية وعاطلة عن العمل كانت تتواجد باستمرار وسط الساحة وتتنقل كالنحلة من مكان إلى آخر وتتحدث إلى الشباب المعتصمين وتتحاور معهم حول ضرورة وحتمية التغيير وتحثهم على الصمود والنضال السلمي حتى تتحقق جميع مطالبهم واستطاعت أن تجمع حولها الكثيرين من الجنسين وهي تضع أمامهم رؤية عما يجب أن يفعلوه وكيف سيكون المستقبل وما هو المطلوب لتحقيق الخطة الأولى صوب المستقبل الذي نريد.
تنوع
ومع كل كعكة صنعتها أنامل اليمنيات وهن يهتفن «حيا بكم.. حيا بكم يا رجال التغيير». وتطور الحضور الكبير للمرأة كل يوم للاعتصام بمختلف انتماءاتهن وتوجهاتهن بعد أن كانت الأيديولوجيا والمذاهب والأحزاب تفرقهن جمعهن النضال وحب الوطن نساء يأتين ويقدمن الطعام كل يوم من البيوت للمعتصمين ومنهن من نصبت الخيام ومنهن من حملت الطعام وأخرى صنعنه للشباب المرابطين في الساحات وأخريات افترشن الأرض وكن يترقبن نزول المطر بحب وشغف.. تقول أنيسة محمد –مدرسة- « إنها كانت تشعر بأمان أكثر من أي مكان آخر في الساحة وهي بجوار تلك الحشود الكبيرة من النساء العظيمات اللواتي سطرن تاريخ اليمن الجديد.
تعدد
الحجة صفية “عجوز طاعنة في السن” كانت تضع فوق رأسها مظلة من حرارة الشمس وهي تقف شامخة في الساحة وسط لهيب الشمس الحارقة ولا تعود إلى منزلها إلى عند المغرب طيلة أيام وشهور.
هدى عبدالله –مدرسة- تقول: “النساء في اليمن لأول مرة يقمن بدورهن الحقيقي بعد أن كن الأغلبية الصامتة التي لا ينظر إليهن إلا في الانتخابات لكسب أصواتهن فقط”.
فتحية محمد -شابة في الجامعة- كانت تقف في إحدى مداخل الساحة لحراسة وتفتيش الداخلات للساحة وهي تستقبلهن بابتسامة وترحيب “مرحا بالنساء الأحرار.. وهناك لجان نسائية تمر بين المعتصمات بأكياس لأخذ المخلفات وأخريات يوزعن المياه والمنشورات..”.
ولعل أبرز ما لاحظته النساء وأحببنه كسلوك راقُ الاحترام المتبادل بين المرأة وأخيها الرجل وغياب المضايقات التي تتعرض لها النساء في شوارع المدن من بعض السيئين حين تأتي النساء يفسح الجميع الطريق المرأة التي لديها مشاركة يفسح لها الجميع حتى تصل إلى المنصة ما جعل النساء يشعرن بالأمان ويزداد إقبالهن وحضورهن إلى الساحات فرادى وجماعات ويرددن شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”.
كانت تلك صورة حقيقية مشرفة للمرأة اليمنية التي شاركت بإرادة قوية في درب النضال السلمي وصنعت ثورة إلى جانب شباب ورجالات اليمن الأوفياء الذين شكلوا لحمة وطنية عظيمة سجلها التاريخ في أنصع صفحاته ناضلت وهم ينسجون فجر اليمن الجديد.

قد يعجبك ايضا