الثورة الشعبية والتغيير الفكري والثقافي
● ثلاثة أعوام على انطلاقة الثورة الشبابية الشعبية السلمية والتي حملت في طيها أهدافاٍ كبيرة ليس للتغيير السياسي فقط ولكن لإبراز المكنون الثقافي والاجتماعي والمخزون الفكري الحضاري للشعب اليمني وحضارته الضاربة في أعماق التاريخ وتقديم الصورة الناصعة للإنسان اليمني وأخلاقه وقيمه العظيمة والتي ظلت تضرب عليها سواتر التغييب والتشويه بدوافع غريبة لقوى سطحية خارجية وداخلية بنت مصالحها على سلطان زائف وآلات مرجفة رهنت وجودها وبقاءها على استمرار تقديم قراءات مغلوطة ومشوشة لحقيقة أوضاع المجتمع توسمه على الدوام بالمتخلف ثقافياٍ والكسيح والممزق اجتماعياٍ وقيمياٍ وتسوق للعالم صورة زائفة تثير من خلالها المخاوف تارة وتتاجر بها تارة أخرى.
وأصبح من أولى أولويات الثورة تقديم القراءة الصحيحة لحقيقة الإنسان اليمني وأخلاقه الحضارية الراقية, الإنسان الذي جسد قوته بالكلمة والتعبير والمطالبة الشعبية بالتغيير السلمي الإنسان الذي ترك البندقية في البيت وخرج أعزلاٍ عاري الجسد لا يتسلح إلا بإيمانه بعظمة ونبيل أهدافه الإنسان الذي يقول للعالم إن صبره ليس دليلاٍ على ضعفه أو انهزاميته وإنما هو صورة أخرى راقية من صور عشق السلام ونبذ العنف والفوضى وعدم إتاحة الفرص لعشاق التخريب والفتن للنيل من قدسية الحياة أو لزراعة المشاريع العبثية التي تنال من روح الإخاء وتمس سلامة النسيج الاجتماعي وتهدد بناء الأمة.
وكانت الثورة الشبابية الشعبية السلمية بالفعل المنبر والمعرض الحر الذي قدم من خلاله اليمانيون قيمهم السامية وأفكارهم الرائعة لرسم مشروع الحياة المستقبلية للشعب من خلال انصهار كل شرائح ومكونات المجتمع في عمل حضاري فريد التقى عليه الجميع وساهم في تشكيله الجميع بصورة جعلت العالم يبدي إعجاباٍ لهذا الفكر الراقي ويتداعى داعماٍ لكل الجهود الخيرة والرغبات الصادقة والحكمة الفريدة في حل الإشكاليات وتجاوز الخلافات وتبني مسارات صحيحة تسير بالجميع نحو مستقبل عامر بالخير والبناء والسلام.
إن المسار الفكري والثقافي الراقي والقويم الذي انتهجته ثورة الشعب السلمية والمنطلق من الموروث الحضاري العظيم طمأنت العالم بحضارية مشروع التغيير وصوابية وسائله وسمو أهدافه وأنه مشروع للبناء والحياة وليس مشروعاٍ لزراعة بؤر الفوضى وتصدير العنف وأثار الإعجاب أكثر بروز النجوم الشبابية التي أتاحت لها الثورة الظهور على مختلف مسارح الحياة مقدمين نماذج نادرة لمواهب فريدة في مختلف مجالات الحياة متربعة على المراكز الأولى عالمياٍ في مجالات الفنون والأدب والمجالات العلمية والمعرفية والسياسية والاجتماعية ومجال حقوق الإنسان بصورة ملفتة.
لقد كشفت الثورة الشعبية السلمية واقعاٍ فكرياٍ وثقافياٍ جديداٍ تجلت أروع صوره في مجتمع مدني تأطر في منظمات حزبية ومنظمات مدنية وشبابية وحقوقية وإعلامية متعددة شاركت بفاعلية في رسم وتقديم الصورة الجديدة للمجتمع اليمني المدني من خلال المشاركات الواسعة في الحركة الفكرية والثقافية وتعزيز حرية الرأي والتعبير ومناصرة القضايا الحقوقية لمختلف فئات المجتمع وتنفيذ حملات النظافة والإغاثة والاهتمام بالبيئة ودعم الفئات المهمشة ودعم البرامج التعليمية والثقافية وبرامج التأهيل والتدريب للشباب وتشجيع الانخراط في الحياة المدنية وحل العديد من القضايا الاجتماعية وإبراز مكانة المرأة والدفع بقضاياها إلى صدارة الاهتمام.
وقدمت الثورة الشعبية القبيلة اليمنية بصورة مغايرة تماماٍ للصورة المألوفة بفعل التسويق الخاطئ للتركيبة الاجتماعية والعادات القبلية سابقاٍ حيث أضحت الصورة الراقية للقبيلة ودورها في التغيير ورفد روح التغيير بعادات وأخلاق المناصرة للحق والمظلوم والتعاون والتناصح والبراءة من المخربين ورفض أعمال التخريب والتي غالباٍ ما كان يتم إلصاقها بالقبيلة كشماعة يعلق عليها النظام أخطاؤه وفشله بل وأصبحت جزءاٍ من وسائل الحماية لمشروع التغيير ومطالب الشباب تعكس القيم النبيلة للقبيلة باعتبارها وحدة بناءة وموجبة في بنية المجتمع اليمني وفي مقدمة المستجيبين للتغيير.
إن اللقاء الحميمي والشعور الأخوي العام بين مختلف أبناء الشعب اليمني ومناصرة القضايا الاجتماعية والوطنية العادلة أصبح إحدى السمات الجديدة التي تعززت بفعل ثورة الشباب وازدادت قوة التواصل والترابط بين الفئات الاجتماعية وبعضها البعض في الإطار الوطني اتجهت نحو حل مختلف القضايا في إطار الوحدة بروح من الإخاء والتفاهم وتحت مظلة الحوار وصولاٍ إلى النجاح الكبير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي يتضمن حلولاٍ لمختلف الإشكاليات والقضايا ويؤسس لدولة حديثة بإدارة وطنية وحديثة .
نائب أمين عام الحوار الوطني – رئيس المنسقية العليا للثورة اليمنية (شباب)