أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
بمناسبة قسمة التركات تثور نزاعات بشأن شقية بعض الورثة، ومسألة الشقية مسألة مدنية يختص بها القضاء المدني حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2018/11/11م في الطعن رقم (61015)، الذي ورد ضمن أسبابه ((من خلال ما سبق نجد أن الدعوى قد تضمنت الادعاء بأن المدعي قد ادعى بأنه قام بالسعي والشراكة مع مؤرث المدعى عليهم حيث قام المدعي بدفع مبلغ إلى مورث المدعى عليهم حيث قام مورث المدعى عليهم بدفع مبلغ مماثل له وقام بشراء أول أرض إلى أن يتم شراء المنزل الآخر في المدينة وإضافة إلى ذلك فقد ذكر المدعي أنه قام بالسعي والشقية مع مورث المدعى عليهم ،وقد طلب المدعي الحكم له بنصف المنزل مقابل شقيته وشراكته بينما الحكم الابتدائي لم يحكم للطاعن سوى بما مقداره ربع منزل.
وقد ناقشت الدائرة تفاصيل ما ورد في عريضة الطعن وأوراق القضية، وبعد الاطلاع على الحكم الابتدائي وما تعقبه لدى محكمة الاستئناف وتأملها فقد وجدت الدائرة أن الحكم الاستئنافي الشخصي لم يكن من اختصاص الشعبة الشخصية، وعليه: فقد قررت الدائرة إعادة القضية إلى الشعبة المدنية للحكم فيها بما يتقرر شرعاً وقانوناً وفقاً لأحكام القانون)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية الشقية وتكييفها:
الشقية إما أن تكون أجرة نظير عمل قام به الشخص الشاقي أو الساعي وإما أن تكون عائد شراكة بمال قدمه المدعي بالشراكة أو الشقية، وعلى هذا الأساس فإن تكييف الشقية يكون شراكة أو إجارة أشخاص، والشراكة إما أن تكون عرفية أو نظامية فإذا كانت الشراكة عرفية فتكون مسألة مدنية ،لأن القانون المدني نظم الشراكة العرفية أو الشراكة الفعلية، أما إذا كانت الشراكة نظامية فإنها تكون مسألة تجارية، لأن قانون الشركات نظم الشركات النظامية، وقانون الشركات قانون تجاري، ومن هذا المنطلق فقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الشقية ليست مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، وإنما مسألة مدنية لأن القانون المدني هو القانون النوعي والموضوعي الذي نظمها.
الوجه الثاني: مقتضيات الفصل في دعوى الشقية أو الشراكة العرفية:
الشقية أو دعوى الشراكة العرفية دعوى يقتضي تقديمها أن يثبت المدعي العمل الذي قام به أو المال الذي قدمه والعائد الذي تحقق من سعيه وشقيته ومدة السعي الذي قام بها ومقدار النماء الذي كان يتحقق طوال فترة السعي أو الشقية وكذلك الحال بالنسبة لدعوى الشراكة العرفية، وذلك بدوره يستدعي من القاضي الذي ينظر النزاع الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص على تقدير مقابل الشقية أو الاستعانة بمحاسب لمعرفة عائدات الشراكة العرفية، كما أن تقدير مقابل الشقية يقتضي الوقوف على المدة التي عمل فيها المدعي بالشقية والجهد الذي بذله والنماء الذي تحقق من سعيه وجهده وكذلك الحال بالنسبة للشراكة العرفية، وعند التأمل في مقتضيات الفصل في دعوى الشقية أو الشراكة العرفية، نجد أن هذه المسألة مدنية تحتاج إلى خبرة وتخصص في المجال المدني ،والله اعلم.
# الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء