عندي عشق لأمير البيان الإمام علي – عليه السلام- وأنا لست المسيحي الوحيد الذي عشقه منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام إلى اليوم، كثيرٌ من الأدباء، من الكُتّاب، من الشعراء ، من المفكرين المسيحين كتبوا وأشادوا وتغزلوا بعشق عن هذا الإمام العظيم. الإمام علي -عليه السلام- ليس ملكاً للطائفة الشيعية ، الإمام علي قيمة إنسانية عالمية كبيرة، هكذا أرى الإمام علي ، هكذا علمنا الأجداد، هكذا علمنا الكبار؛ كيف ننظر إلى هذا الرجل الذي طبع الإنسانية ببصمته الروحانية والأخلاقية والعلمية والفكرية… إلخ.
هذا ما قاله جورج قرداحي بالحرف في أحد البرامج التلفزيونية، حضرني ما قاله في هذا المشهد حينما قال رأيه في الحوثيين ، ورأيه في الحرب على اليمن ، و ما حدث له بعد ذلك، لكن وبصراحة قلت لنفسي ربما أن عشق جورج قرداحي للإمام علي -عليه السلام- فقط للاستهلاك الإعلامي، أو أنه مجرد حب دون اقتداء صادق ؛ فتريثت في الكتابة عن جورج وشجاعته الأدبية تلك، بل و حتى تريثت في أن أكتب عن تلك الهجمة الشرسة التي رشقته من كل حدب وصوب؛ حتى أقيّم إيمانه بأخلاق الإمام علي وعشقه هذا، كنت أريد أن أرى كيف سينعكس عشقه وتأثره بالإمام علي- عليه السلام- في المواجهة ونحن نعلم والعالم يشهد للإمام علي كيف واجه ما واجه من فتن وحروب .
كنت أتساءل: هل سيصمد جورج ويواجه ويتمسك بحقه في قول ما يراه حقاً، في قول ما تمليه عليه فطرته الإنسانية و ضميره الحر؟ هل سيتمسك بمبدئه تأسياً بمن يعشقه في قول الحق مهما حاربه الناس والأعداء، في مواجهة عشاق المال والمناصب والجاه الذين سعوا وأوغلوا بإمعان في إيذائه وانتقاصه ؟
والآن ويحق لي الشوق أن أكتب عن جورج قرداحي بقلم العزة والبطولة ، والحق يُقال أني لم أستغرب ولم أستبعد موقفه هذا من الحرب على اليمن، ومن أنصار الله ، بكل هذه الجرأة والشجاعة .
ربما يقول قائل: لماذا شجاعة ولماذا قوة مجرد رأي قاله بعفوية ؟ الإجابة: كما نعلم والكل يعلم أن الماكينة الإعلامية تسيطر عليها إسرائيل والتي يشن الحرب علينا هي إسرائيل وبقية حلفائها، وكونه إعلامي سيخسر الكثير بهذا الرأي وبهذا التوجه الصادق النبيل – بأن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم وبأن الحرب على اليمن حرب عبثية ! – هذا رأي خطير جداً لا ينبع إلا من رجل شجاع ، وشجاعته هذه لا تأتي إلا من رجل رُبيَ على شجاعة وقوة، رجل شهد له العالم أجمع بشجاعته وقوته في المجاهرة بالحق ألا وهو الإمام علي .
نعم لا ينهج العاشق إلا نهج من عشق، وجورج قرداحي تشرّب حتى المشاشة عشق الإمام علي منذ الصغر، فكيف لا يكون له قدوة وهو ربيب سيرته ، ينهل من معين أخلاقه، ويتحراها ويؤصلها في كل توجهاته الإنسانية ، وحرب اليمن وحصار اليمن وقتل الأطفال، إذ لم يقف هذا الإعلامي العاشق للإمام إلى جانبهم، فمن سيقف ؟
لقد ثبت جورج بإيمان مطلق وتمسك برأيه ، فلن يثنيه أحد عن قول الحق، ولن يُملى عليه ما يقول وما لا يقول ، لن يعتذر أو يتراجع عن مبدئه وعن إنسانيته، حتى لو تعارض ذلك مع منصبه، قدّم استقالته بشموخ ، فهو أكبر بكثير من ذلك المنصب ، ولن يتراجع قيد أنمله مهما حدث، ولن يجعل المنصب مقابل إذلاله وتكميم فمه وتحجيم آرائه وفق أجندات صهيوخليجية ، فهو جورج الذي نبراس حياته الإمام علي عليه السلام.
هكذا هم عشاق المجد والبطولة والشرف، هكذا هم من يعرفون كيف لا يمكن أن يترجلوا عن صهوة الحق صاغرين أذلاء مهما كان ومهما حدث ، فثبات المبدأ في مثل هذه المدلهمات أمام شلالات من الإغراءات ؛ لهي والله من أشجع المواقف وأنبلها .
سيد جورج : بتقديمك استقالتك لا يسعني إلا أن أقول لك باسم دماء اليمنيين الأبرياء التي سفكها الأعراب ومن تحالف معهم: لقد كنت سهماً صائباً من مرام الله على أعداء الإنسان والإنسانية .