عملية البأس الشديد غيرّت موازين الحرب في اليمن!

د. فضل الصباحي

 

 

{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} هكذا وصف القرآن الكريم أهل اليمن!
العملية غيرت موازين الحرب وأربع دول مستعدة للتعامل مع حكومة صنعاء!
عملية “البأس الشديد” التي أعلن عنها الناطق العسكري باسم حكومة صنعاء العميد يحيى سريع: ضد قوات الفار هادي وحزب الإصلاح وتنظيم القاعدة، ذكر في بيانه بأنه تم تحرير أكثر من 1600 كم مربع في محافظة مارب اليمنية منبع النفط والغاز ومحطة الكهرباء أخر مدينة يتحصن بداخلها من بقي من المقاتلين المتشددين التابعين لحزب الإصلاح وحكومة هادي التي تقيم خارج اليمن، قتل في هذه العملية بحسب العميد سريع قرابة 15 الفاً بين قتيل وجريح وتم أسر آخرين، وتمت السيطرة الكاملة على معسكر الماس الذي يعتبر أكبر معسكر لحكومة هادي في اليمن.
عملية “البأس الشديد” غيرت موازين الحرب في اليمن، وقدمت للرأي العام المحلي والدولي من خلال الصورة المرئية الواضحة التي نقلت الواقع الميداني في أرض المعركة، رغم قسوة المشاهد فيها خاصة وأنها بين الأخوة أبناء الوطن الواحد إلا أنها قدمت لنا حقيقة جيش هادي المغلوبين على أمرهم وكيف تم تقديمهم إلى محرقة الموت الجماعي، من أجل التخلص منهم، أو دفاعًا عن الفاسدين الذين يتحكمون بثروات الشعب اليمني في الشمال والجنوب، نأمل أن تؤثر تلك المشاهد على بقية القوات، في حكومة هادي حتى يخضع هادي وحزب الإصلاح للتصالح ووقف الحرب وإنهاء هذه المآسي التي جرحت كبرياء الإنسان اليمني، وأثرت على نفسية الجميع .
عملية “البأس الشديد” ملحمة أسطورية مشاهد القتال فيها كانت مروعة، ومرعبة، شاهدنا عشرات الجثث من قتلى جيش هادي، وتفجير عشرات المدرعات والسيارات العسكرية، وكيف تطايرت اشلاء جنود هادي الذين وضعوا في معسكرات مكشوفة دخل عليهم إبطال الجيش واللجان الشعبية حكومة صنعاء من كل اتجاه كأنهم سيل جارف مخيف يجرف كل شيء أمامه، هدموا الأسوار ودمروا القلاع، المواجهات المباشرة وجهًا لوجه كانت الغلبة لمن يملك الشجاعة، والإيمان بالقضية، قتل في هذه المواجهات المباشرة عدد كبير من جيش هادي والقاعدة وفر من بقي منهم على قيد الحياة مواجهًا مصيره في الجانب الآخر من المعركة منهم من لقي حتفه ومنهم من أصيب ومنهم من استسلم وقليل جدًا من استطاعوا الفرار والنجاة بأعجوبة، وشاهدنا القناصة وهم يصطادون الرؤوس المحتمية خلف المتارس المحصنة، ولكنها لم تكن كذلك أمام قناص محترف يعرف متى وكيف يوجه رصاصته نحو خصمه.
ثلاث رسائل حققتها العملية…
أولًا: عملية “البأس الشديد” غيرت موازين الحرب في اليمن، وأعطت رسالة واضحة للداخل والخارج، مفادها بأن السواد الأعظم من الشعب اليمني في شمال اليمن يناصرون حكومة صنعاء ولن يتخلوا عن أرضهم، وثرواتهم مهما كانت التضحيات!
ثانيًا: الخسائر الكبيرة في صفوف المقاتلين التابعين لحكومة هادي، وهزيمتهم، وسقوط أكبر معسكر بيد قوات الجيش واللجان الشعبية يبعث رسالة إلى المقاتلين في الجبهات الأخرى بأن الحرب أصبحت عبثية، يتلاعب فيها السياسيون الفاسدون، وأن العقيدة القتالية مفقودة تمامًا بسبب عدم وضوح الرؤيا لمستقبل هذ الصراع، وعند اقتراب التسوية السياسية قد يصبح المقاتلون في الجبهات عبئًا زائدًا على الميزانية التي يذهب معظمها إلى حسابات تجار الحروب في حكومة هادي وحزب الإصلاح.
ثالثًا: قدمت صنعاء عدة مبادرات ولم تجد جوابًا من وجهاء مارب وسلطتها المحلية.
تشمل تلك المبادرات: حفظ الحقوق وتوزيع الثروة، وتبادل الأسرى والعفو العام عن جميع المشاركين في هذ الصراع، وفتح الطرقات ووقف الحرب، ومحاربة الإرهاب، وعدم استخدام أراضي مارب للقوى الأجنبية، وغيرها من النقاط التي تقرّب الجميع نحو السلام ووقف الحرب.. مع الأسف أغلب مشايخ مارب والجوف يتلقون دعمًا ماليًا من دول إقليمية، من أجل تغذية الصرعات والحروب تحت حجة عودة الشرعية، وشعارات دينية، ومذهبية، والهدف الحقيقي هو بقاء محافظة مارب خارج سيطرت الدولة، القادرة على حماية أراضيها وثرواتها المنهوبة حتى يسهل التحكم بالمخزون النفطي الكبير في تلك المنطقة.
الخلاصة: محافظة مارب التي تقع في شمال وسط اليمن ذات أهمية استراتيجية كبيرة نظرًا لموقعها الجغرافي، وتاريخها العريق ومساحتها الزراعية الغنية، ومنابع النفط والغاز والاحتياطي النفطي الأكبر في العالم بحسب الدراسات الأمريكية، والروسية، والصينية ومحطة الكهرباء التي كانت تضيء سماء اليمن.
الحقيقة: منابع النفط، والغاز في مارب والجوف وحضرموت، وشبوة، كلها ثروات توفر المليارات من الدولارات سنويًا لكنها مع الأسف؛ تحت سيطرة حكومة هادي وحزب الإصلاح الذين حرموا الشعب اليمني الذي مسّه الضرر وهو بأمسّ الحاجة إلى عائدات ثرواته النفطية والغازية، وغيرها من مصادر الدخل، التي هي “ملك خالص للشعب فقط” ومن أعطى الوعود وأبرم الصفقات بالتصرف بما لا يملك، وقبل بالفتات، وترك شعبه يواجه الفقر والمرض والموت، مثله لا يستحق الحياة ليذهب إلى الجحيم ..الشعب هو صاحب القرار فيما يخص الثروة والسيادة، ونوع العلاقة مع الدول.

قد يعجبك ايضا