استنفار حكومي ومجتمعي لتطبيع الأوضاع وعودة الحياة في الحديدة
“الثورة ” ترصد آثار العدوان ومخلفاته بمديريات الساحل الغربي في المحافظة بعد تحريرها من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية
زراعة الآلاف من الألغام تهدد حياة السكان والمواطنين بالمدينة والمديريات
اللجنة الوطنية لنزع الألغام تطهر شارع صنعاء من الألغام وتعيد للمواطنين البسمة في إعادة فتح المدخل الشرقي الاستراتيجي للمدينة
شنت قوات العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي في يوليو 2018 عدوانا حربيا واسعا على مديريات الدريهمي والتحيتا وأجزاء من الحالي والحوك بمحافظة الحديدة استمر ثلاث سنوات ونيف، استهدفت خلاله الطائرات والبوارج والمدافع الثقيلة السكان المدنيين وممتلكاتهم، والأعيان المدنية ومنشآت البنية التحتية في مناطق كيلو 16 وشارع صنعاء والمناطق المحيطة بمطار الحديدة ومدينة الدريهمي وصولا إلى منطقة الحيمة في الساحل الغربي في ذروة هذا التصعيد الخطير، تعطلت الحياة في المدينة وما جاورها من المديريات، وتدهورت الأوضاع الإنسانية للمواطنين القاطنين في تلك المناطق، وافتقد السكان المدنيون خلال العدوان الحربي الخدمات الأساسية والضرورية اللازمة لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة والعيش بكرامة، وقد أصبح الهم الأساسي لهم البحث عن مكان آمن لحماية حقهم في الحياة والأمن والسلامة الشخصية..
الثورة / أحمد كنفاني
تسبب تدمير نحو 1600 منزل سكني بشكل كلي في تلك المناطق، وتضرر 4 آلاف و120 منزلاً تراوحت أضراره بين بليغ وجزئي بفعل القصف لمرتزقة وأدوات العدوان إلى جانب ذلك تسبب الخوف من اجتياح بري في نزوح نحو أكثر من 300 ألف مواطن عن منازلهم قسراً، معظمهم من النساء والأطفال، وقد لجأ هؤلاء إلى الساحات العامة، والمدارس والمناطق الريفية وغيرها، وعلى مدار أيام نزوحهم عانوا من الانقطاع الدائم للكهرباء والماء، وعدم توفر الطعام ومستلزمات المبيت والوقاية من الأمراض والأوبئة الموسمية، وهو ما هدد بزيادة أعداد المصابين بحمى الضنك والملاريا والدفتيريا في المدينة مع بدء العدوان.
صعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية ونقص الأدوية الأساسية
عانى سكان الدريهمي والتحيتا والجاح وكيلو16 وشارع الصماد خلال العدوان الأمريكي والتصعيد على محافظة الحديدة من صعوبة حقيقية في الوصول إلى الخدمات الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية، بسبب استهداف قوات مرتزقة العدوام بشكل متعمد للمناطق وإغلاق الطرق المؤدية إلى المستشفيات والمراكز الصحية.
وألقى العدوان المزيد من الأعباء على الطواقم الطبية والمنظومة الطبية، التي تعاني أصلاً، من تدهور كبير ناجم عن سياسة الحصار الأمريكي السعودي، وعانت المرافق الطبية خلال العدوان من نقص الكادر الطبي المتخصص، كما تسارعت وتيرة نفاد الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية.
وقد فاقم الأوضاع أكثر، القصف الجوي والمدفعي لعدد من المرافق الطبية ونهب المعدات والأجهزة الطبية بمستشفيات 22 مايو والريفي بمديريتي التحيتا والدريهمي وغيرهما والتي توقف تقديم الخدمات فيها، وتقديم الاستشارات الطبية للمواطنين خلال العدوان.
نقص الطاقة الكهربائية وانقطاعها عن منازل المواطنين والمرافق الحيوية
تفاقمت خلال سنوات العدوان أزمة انقطاع الكهرباء في المديريات المحتلة بسبب منع دول العدوان دخول الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، وجراء تدمير جزء كبير من شبكة توزيع الكهرباء ونهب كابلاتها والإمدادات الخاصة بإيصال التيار الكهربائي.
نقص إمدادات مياه الشرب
عانى سكان المناطق المتضررة من العدوان بمحافظة الحديدة والمدن الرئيسية خلال فترة العدوان من انقطاع إمدادات مياه الشرب لفترات طويلة في المناطق المجاورة والمحيطة بخطوط التماس 7 يوليو والربصة والشهداء، وقد أعلنت مؤسسة المياه في بيان لها أن قدرتها على تزويد السكان بالمياه انخفضت بنسبة 40%، ونجم ذلك عن استهداف مرتزقة العدوان لخط المياه الناقل من منطقة القطيع بشارع الصماد ناهيك عما تعرضت له المرافق والمنشآت المائية من استهداف عدواني بشكل مباشر في معظم مديريات المحافظة.
تعطل خدمات الصرف الصحي
كما أشار مدير عام المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي عبدالرحمن علي اسحاق إلى أن استهداف محطات و خطوط الصرف الصحي أدى إلى طفح المياه العادمة إلى الشوارع الرئيسية والفرعية والاحياء الشعبية وهو ما أدى إلى التلوث وانتشار الروائح الكريهة وقد واجهت الطواقم الفنية معيقات في القيام بأعمال الصيانة اللازمة لهذه المحطات، والخطوط جراء صعوبة الوصول إليها.
تدمير شبكة الطرق والمواصلات وشل حركة المواطنين
وأكد مدير مكتب الاشغال العامة والطرق المهندس صالح حميد شرف أن قوات مرتزقة وادوات العدوان استهدفت عدة طرق رئيسية وفرعية في المديريات والمناطق التي تم التصعيد عليها وإغلاق معظمها وزرع الالاف من الالغام المتفجرة، ما أدى إلى عرقلة الحركة المرورية للمواطنين من وإلى المناطق المركزية في المحافظة للتزود بالمواد الغذائية والأساسية، والوصول إلى الخدمات الرئيسية وخاصة المستشفيات والمراكز الطبية وتعرض حياة المواطنين للخطر والوفاة.
ولفت مدير فرع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الانسانية جابر حسين الرازحي الى أن إغلاق الطرق الرئيسية منع الهيئات المحلية والبعثات الدولية والمنظمات الإغاثية الأخرى من تقديم المساعدة اللازمة للسكان.
نهب وتدمير شبكات الاتصالات والانترنت والالياف الضوئية
وقال مدير المؤسسة للاتصالات السلكية علي هبه مكي، أن قوات مرتزقة العدوان عمدت إلى تدمير عدداً من شبكات الاتصالات في المناطق التي جرى التصعيد عليها وقد أدى ذلك إلى رداءة الاتصال الثابت والخلوي والولوج إلى الانترنت في معظم أنحاء المديريات وانقطعت خدمات الاتصال والإنترنت عن عشرات آلاف المشتركين.
بدوره اوضح مدير منطقة بريد الحديدة محمد خالد حميد ان مكتب البريد بالتحتيا تعرض للسرقة والاغلاق من قبل مرتزقة العدوان والعمل جار لإعادة افتتاحه وتشغيله.
الجهود الاغاثية الحكومية بعد اندحار قوات العدوان
بادرت القيادة الثورية والسياسية وحكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء في تقديم المساعدات العاجلة للأسر في المناطق المحررة من العدوان وسخرت كافة الإمكانيات المتاحة لإعادة التطبيع وعودة الحياة فيها وأسهمت التوجيهات العاجلة بفتح الطرق والمداخل ومنها مدخل كيلو 16 بالفرحة التي لا يمكن وصفها بين أوساط وشرائح المواطنين من أبناء محافظة الحديدة والمحافظات اليمنية وتحول تلك المديريات والمناطق المتضررة الى ورشة عمل كبرى يتم فيها تدريجيا إزالة ما خلفه العدوان من الدمار الهائل الذي حل بتلك المناطق وطال آلاف المنازل ومئات المرافق الحيوية ومنشآت البنية التحتية.
«زراعة الألغام»
أفادت اللجنة الوطنية لنزع الألغام بأن المرتزقة قاموا بزرع ثلاثة أنواع من الألغام والعبوات الناسفة، الأولى ألغام فردية للمشاة، والثانية عبوات تنفجر عند الارتجاج، والثالثة- وهي الأخطر نظرا لقوتها التدميرية العالية- تنفجر بواسطة أسلاك كهربائية طويلة، ويتم تفجيرها عن بعد.
وأشارت إلى أن وحدات نزع الألغام تمكنت حتى اليوم من نزع كميات كبيرة من الألغام والعبوات التي زرعها مرتزقة العدوان في مواقع مختلفة حول مدينة الحديدة.
ولفتت إلى أن المناطق المحررة ما تزال تحتوي على نحو 20 حقل ألغام زرعها مرتزقة العدوان وتشكل خطرا كبيرا على المواطنين، وأكدت أن الوحدات تعمل بكل جهد لإزالة كافة المناطق من المتفجرات والألغام.
مؤكدة مواصلة وحدات من اللجنة جهودها في إزالة الألغام والمتفجرات التي زرعها مرتزقة العدوان في مناطق كيلو 16 وحول الدريهمي وحول مطار الحديدة بكل همة ونشاط بعد تحرر هذه المناطق من سيطرة العدوان ومرتزقته.
وأكد العميد علي صفرة- رئيس اللجنة الوطنية لنزع الألغام- استشهاد مواطنة في الحديدة بقنبلة من مخلفات العدوان، إضافة إلى أحد العاملين في الصليف يوم امس.
وأشار إلى أن كارثة حقيقية توجد في المناطق التي خضعت لسيطرة العدوان ومرتزقته بسبب انتشار القنابل في مساحات واسعة النطاق.
ولفت إلى أنه وفي سياق الجهود التي تبذلها اللجنة الوطنية لنزع الألغام تم استكمال وتطهير شارع صنعاء في الحديدة وإزالة كافة المتفجرات والقنابل والألغام التي خلفها مرتزقة العدوان.
مؤكدا إزالة كافة الألغام ووضع اللوحات الإرشادية والتحذيرية للمواطنين.
ونوه بأن وحدات نزع الألغام تواصل جهودها في إطار عملية تطهير المناطق التي احتلها مرتزقة العدوان في الساحل الغربي وزرعوا فيها آلاف القنابل والألغام المتفجرة بنزع الألغام التي زرعها المرتزقة في محيط مدينة الحديدة الجنوبية والشرقية.
موضحا أن وحدات تفكيك الألغام التابعة للجنة الوطنية، تمكنت في شارع صنعاء من تفكيك أكثر من 5 آلاف لغم وأنواع أخرى من العبوات الناسفة.
كما أكد رئيس اللجنة الوطنية لنزع الألغام، تواصل العمل في تطهير المناطق المحيطة بالسكان.
وحذّر رئيس برنامج نزع الألغام العميد علي صفرة، من وجود قنابل متعددة زرعها العدوان في الساحل الغربي ..وقال “ إن العدوان حول مناطق الساحل إلى حقل تجارب .. مشيرا إلى عثور الفرق العاملة على قنابل عنقودية لم يتم مصادفتها من قبل”.
وأضاف: إن من ضمن العوائق التي تواجه اللجنة في أداء واجبها الوطني يتمثل في قِدَم وتهالك المعدات والآليات المستخدمة في تطهير ونزع الألغام في ظل إصرار وتعنت تحالف العدوان بمنع دخول الأجهزة الحديثة.
وذكر العميد صفرة أنه تم مخاطبة المنظمات الإنسانية والأممية عدة مرات بضرورة تأمين كافة مستلزمات اللجنة ولكن للأسف لم تتلق اللجنة أي رد بخصوص ذلك، إضافة إلى ذلك قيام برنامج الإنماء بإلغاء كل الركائز الخمسة المتعلقة ببرنامج نزع الألغام في اليمن، منها نشاط تحديد الأماكن الموبوءة بالألغام.
«تحديد الاحتياج وفقا للأولويات»
وفي الختام، رغم أهمية التدخلات الإغاثية للدولة لإمداد سكان المديريات المتضررة بالاحتياجات الأساسية، وإنقاذهم من النكبات التي حلت بهم، غير أن الأولوية القصوى يجب أن تكون بإعداد خطة إعمار شاملة ومتكاملة تستجيب للاحتياجات الوطنية وتعد بطريقة تشاركية بين مختلف الجهات المحلية، ويجب أن تحظى بدعم دولي، وأن تكون قائمة على النهج التنموي لإعادة ما دمره وخلفه العدوان والحصار الامريكي السعودي الإماراتي وتصعيده الإجرامي على الحديدة من تداعيات كارثية، وأن يتم تحديد الاحتياجات في مختلف القطاعات المتضررة وفقاً للأولويات.