المشهد العظيم في ربيع مولد رسول الله صلوات الله عليه..طوفان بشري في ميدان السبعين.. واليمن ساحة كبيرة للاحتفال بالمناسبة
الثورة / وديع العبسي
يوم الاثنين الماضي 12 ربيع الأول 1443 هجرية الموافق 18 أكتوبر 2021م، كانت اليمن تشهد حدثا غير مسبوق في تاريخه، ولا معهوداً في بلدان العالم كله ، أكثر من 30 ساحة تمتلئ بحشود ملايينية احتفاء بمناسبة مولد النبي صلوات الله عليه وآله وسلم.
في كل عام يحيي الشعب اليمني هذه المناسبة بشكل واسع، لكن هذا العام يسجل الحدث باعتباره غير مسبوق أبدا، وقد أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته بالمناسبة أن هذه الاحتفالات المنقطعة النظير تعبر عن يمن الإيمان والحكمة، وعن هوية وارتباط وانتماء.
توزعت الساحات على العاصمة صنعاء وعلى المحافظات، وبلغت 31 ساحة وميداناً احتضنت السيول البشرية، أما ميدان السبعين في العاصمة صنعاء فما اتسع للحشود التي تدفقت نحوه، امتدت الحشود خارج الميدان إلى الشوارع المحيطة بما يمثل أربعة أضعاف الميدان ، يتساءل الحاضرون في العام المقبل أي ساحة تتسع لجماهير الشعب اليمني حين يحتفل بالمولد النبوي الشريف.
سيتعين على اللجان المنظمة في العام القادم البحث عن ساحات أكبر وأوسع، هذا اليمن المتدفق في مناسبة المولد النبوي الشريف ، مولد رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم ، لم تعد الساحات تتسع لحشوده المحبة والعاشقة لرسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
تدفق ما بين مليوني إلى 3 ملايين شخص في ميادين الاحتفالات الجماهيرية الكبرى التي احتضنت فعاليات مناسبة المولد النبي الشريف، هذا الرقم يعني الكثير، فقد جرت الاحتفالات وانتهت بصفر حوادث ، وهذا يعكس الجهود المكللة بتأييد الله وعونه في التأمين والتنظيم والترتيبات الفنية واللوجستية.
هذا العدد يبقى رقماً قياسياً، إذ أن أكبر حشود شاهدها العالم هي الحشود الملايينية التي خرجت كسيول بشرية احتفالا بمناسبة المولد النبوي الشريف في اليمن هذا العام 1443 هجرية ، قبل ذلك هذه الاحتفالات لم تكن هي الحدث بل سبقها خلال أسبوعين فعاليات تحضيرية وانشطة واحتفالات تزيد عن 150 ألف فعالية.
اليمن ساحة بشرية واحدة
بصورة لافتة، تحولت اليمن إلى ساحة كبيرة للاحتفاء بذكرى مولد الرسول الأعظم.
كل الشعب اليمني ولا يكاد هناك استثناء تفاعل مع المناسبة بصورة قلّ نظيرها في المجتمع الإسلامي عموما، وهكذا كانوا العام الماضي ويزداد وقعه كل عام كما لوحظ هذا العام.
تصدر الشعب اليمني كما العام الماضي العالم والشعوب الإسلامي في الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف والخروج يوم المناسبة في حشود مليونية استثنائية، ولفت ذاك الخروج المليوني انتباه واهتمام العالم.
في العالم الماضي، تناقلت وسائل الإعلام ذاك المشهد بين إعجاب الشعوب الحرة التي لا تزال مرتبطة برسول الإنسانية محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، بخروج اليمنيين بذاك الشكل، وعبر أعداء الأمة عن انزعاجهم بشكل واضح وفاضح، وفي المقدمة الكيان الإسرائيلي الذي نشرت بعض صحفه غداة المناسبة صور الحشود اليمنية في الصفحة الأولى، مع إشارة لم تغب منها حالة القلق من هذا المجتمع الذي يمثل صحوة إسلامية مزعجة بالنسبة لهم.
كما العام الماضي، بل وأكثر تميزاً هذا العام حيث اكتظت الساحات بحشود جماهيرية غير مسبوقة، وفي ميدان السبعين والشوارع المجاورة والمحيطة شكلت هذه الجماهير طوفاناً بشرياً، ورسمت لوحة إيمانية بديعة، عكست الروحانية التي يتحلى بها أبناء اليمن في حضرة رسول البشرية ومعلمها الأول محمد -صلى الله عليه وآله وسلم.
وجسّدت الجماهير المليونية الهُوية الإيمانية للشعب اليمني، وتصدّره لشعوب العالم العربي والإسلامي في الابتهاج والاحتفاء بمولد سيّد المرسلين نبي الرحمة والإنسانية محمد بن عبدالله -صلى الله وآله وسلم.
وعبّرت عن الاعتزاز والفخر بإحياء مولد الرسول الأعظم، والارتباط والتمسك به، ونصرته، والسير على نهجه وسيرته في الصمود والثبات والتضحية في مواجهة أعداء الله والإسلام، والدفاع عن دين الحق والانتصار له.
وسطت الحشود الجماهيرية كان هناك لوحات كُتب عليها اسم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعبارات “لبيك يا رسول الله”، وكذا عبارات الثناء التي قالها في أبناء اليمن، وما يتصفون به من حكمة وشجاعة ونصرة للحق.
وبصوت واحد صلّت تلك الحشود المليونية، على رسول الله وآله، ورحبت وهللت بمولده، ورفعت صوتها بالبراءة من أعداء الأمة، انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي، والهوية الإيمانية للشعب اليمني الحر والأصيل.
فيما صبغت الأعلام والشعارات، التي حملتها الحشود، ساحة الاحتفال باللون الأخضر المعبّر، لتضفي عليه مظهرا جماليا وروحانيا، جسّد الكثير من الدلالات والمعاني حول معنى الارتباط الحقيقي بخاتم المرسلين -صلى الله عليه وآله وسلم.
وجدد المشاركون العهد والولاء لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- من خلال الحضور المهيب، لإيصال رسالة قوية للعالم أجمع بتمسك اليمنيين بمنهج رسول الإنسانية ومنقذها، والتحلي بأخلاقه وقيمه ومبادئه السامية.
وأكدوا أن أبناء اليمن يحتفلون بالمناسبة -بهذا الزخم الجماهيري الكبير- لأنهم أحفاد الأنصار الذين ناصروا رسول الله، وكانوا له السند والمدد.
ورددت الحشود الجماهيرية، في الاحتفال المليوني، الهتافات والشعارات المؤكدة على حبهم للمصطفى -صلوات الله عليه وآله وسلم- ومكانته العظيمة في نفوسهم، والتذكير بسيرته العطرة.
كما رفع المشاركون في مختلف الساحات، اللافتات المعبّرة عن عظمة ومكانة هذه المناسبة، وأهمية إحيائها، ابتهاجاً بمولد خير البرية الذي أرسى دعائم الحق والعدل والمساواة والتكافل والتراحم، وترسيخ علاقة الإنسان بخالقه وتوحيده، والتحرر من كل تبعية وعبودية.
وشهدت الاحتفاليات المليونية موشحات دينية، وفقرات من التراث الشعبي، وأناشيد وأوبريت، عبّرت عن الفرحة والابتهاج بمولد الرسول الأكرم، ومكانته في قلوب اليمنيين، رغم معاناتهم جراء استمرار العدوان والحصار.
مشهد عظيم وجهود مباركة
الفعاليات مشرفة، وتليق بمقام رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، شهدت صنعاء استعدادات مبكرة غير مسبوقة لاستقبال مولد النور.
بلغ عدد العناصر الأمنية أكثر من 13 ألف عنصر أمني لتأمين الحشود، أما التنظيميين داخل الساحة فقد بلغ عددهم 13 ألف عنصر تنظيم ، الساحة شكلت وفق خارطة فنية بديعة استوعبت الحشود وشكلت لوحة فنية رائعة.
الاستعدادات والتجهيزات كانت مبكرة هذا العام، الجهود مباركة من الله يقول أحد المسؤولين، أكثر من 13 ألف تنظيمي عملوا على تهيئة الساحة لاستقبال ضيوف رسول الله، ومثل العدد قاموا بتأمينها.
هذا العام تم توسيع ساحة الاحتفال من شمال وجنوب ميدان السبعين، وتم إضافة مواقف جديدة للسيارات، استوعبت أكبر حشد في تاريخ البشرية.
المستشفيات الميدانية تم تجهيز 234 سيارة إسعاف مزودة بكافة التجهيزات، و482 كادراً طبياً، منها 92 سيارة داخل الساحات و142 سيارة تم توزيعها على المداخل المؤدية للساحات في مختلف المحافظات، وتم تجهيز 46 مخيماً ومستشفى ميدانياً مجهزاً بالأدوية والمستلزمات و251 كادراً صحياً، بالإضافة إلى تهيئة 58 مستشفى حكومياً و122 مستشفى خاصاً.
انتشر ألف و483 كادراً صحياً داخل الساحات، أن قوام الفرق الميدانية الصحية، منهم 800 صحي توزعوا على ساحة ميدان السبعين إلى جانب المستشفيات الميدانية وسيارات الإسعاف تحسبا لأي طارئ.
الجدير بالذكر أن الحشود المليونية في كل عام من مناسبة مولد النبوي الشريف تقوم بإحياء مناسبة المولد النبوي الشريف، لكن حشود هذه العام واحتفالات هذا العام منقطعة النظير ولا مثيل لها ، هذا يجسد ما قاله قائد الثورة “سنحيي مناسبة المولد النبوي الشريف بشكل لا مثيل لها بين كل مناسبات الدنيا”.
المشهد العظيم الذي سطره الشعب اليمني هذا العام في ربيع محمد صلوات الله عليه وآله وسلم ، لا مثيل له ، وللعالم كله أن يتساءل عما حدث ليتذكر مولد أزكى الرسل وأطهر البشر رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم.