الخطيب: يعجز الخطباء والشعراء وكل من عرف روعة الحروف العربية أن ينسجوا من هذه الأحرف كلمات تصف يوم الفرح بمولد النبي الأكرم
قشار: من النهج المحمدي نتعلم الصمود والصبر والحكمة والعزة والتواضع والشموخ
الشعثمي: الاحتفال بالمولد النبوي هو تجديد للولاء والطاعة
المولد النبوي الشريف جعل من صنعاء درَّة المدائن العربية والإسلامية كل الأحياء تزينت وكل النفوس لهجت بذكر النبي الأكرم، هو يوم فرح لا يوصف وحالة استنفار قصوى عند كل اليمنيين..
فاضت العين دمعاً عند رؤية حب رسول الله -صلوات الله عليه وآله- في الاجتماعات والأمسيات التي انتشرت في كل الحارات والأحياء.. وانشرحت الصدور بهكذا أفواج تعالت الصرخات والتلبيات من كل بقاع اليمن السعيد؛ شوقاً وحبا واقتداءً وتولياً لخاتم الأنبياء والمرسلين وليد شهر ربيع الأول، ومحيي نفوس البشرية والرحمة المُهداة من الله للعالم أجمع..
نخبة من الخطباء والمرشدين تحدثوا لـ”الثورة” عن عظمة هذا الحدث الذي غير مجريات الأرض ونقلهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.. وإليكم الحصيلة:الثورة / أمين العبيدي
الإيمان وعنفوانه والقيادة وحكمتها تجسدت في هذا الشعب صاحب (الإيمان يمان والحكمة يمانية).. وعنفوان الإيمان وعظمة القيادة وقوة المواقف وصمود الرجال وثبات الأبطال ومتغيرات وأحداث بدأها الشعب اليمني وفقاً لتوجيهات الله تعالى القائل:
﴿مِنَ المُؤمِنينَ رِجالٌ صَدَقوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَما بَدَّلوا تَبديلًا﴾.
هكذا استهل الدكتور والحقوقي عبدالوهاب قشار حديثه حيث قال: من النهج المحمدي نتعلم الصمود والصبر والحكمة والعزة والتواضع والشموخ هو المجاهد الأول من كسرت رباعيته وشُقّ رأسه، هو القائل (والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه)، كان رحيما بالمؤمنين وكان شديدا على الكفار ولن نستطيع أن نتعرف أكثر على هذه الشخصية العظيمة إلا من خلال القرآن الكريم الذي يعد أهم مصدر لمعرفة الرسول صلى الله عليه وآله (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ)هكذا وصفه القرآن الكريم.
إن التعظيم لرسـول الله صلى الله عليه وعلى آلــه وسلـم- وإعلان الانتماء إليه والارتباط به يشعل في قلوبهم جمرات الغيظ على كل من يريد المساس أو التشويه لهذه السيرة التي ترخص لها الأنفس وتزهق في سبيلها الأرواح.
وفي نفس السياق تحدث الدكتور -حسين غالب الشعثمي- الناشط الاجتماعي والمدير العام لمؤسسة صمود الاجتماعية الخيرية بقوله: هو يوم فرح وسرور وأصل للهوية اليمانية التي ورثها اليمانيون عن أجدادهم الأنصار وذلك لما يمثله من أهمية جليلة وقدسية كبرى.. كيف لا وفي يوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم انتشر النور وانطلق العدل وأرسيت شريعة الله التي يحتكم إليها كل من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا..
وأشار الشعثمي قائلاً: الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام هو تجديد للولاء والطاعة التي قال الله تعالى فيها “قُل أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّما عَلَيهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيكُم ما حُمِّلتُم وَإِن تُطيعوهُ تَهتَدوا وَما عَلَى الرَّسولِ إِلَّا البَلاغُ المُبينُ”، هو يوم إعلان الاتباع والسير في طريق الحق والعدل والحرية التي جاء بها الإسلام قال تعالى: ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ آل عمران: ٣١ ويرى أنه من خلال المولد النبوي والفعاليات الدينية المصاحبة خطوة للنصر الأعظم والتخلص من الوصاية وتسلط الطغاة والمستكبرين ، فمن خلال المولد النبوي نوجه رسالة قوية مفادها أن الإسلام المحمدي حاضر في قلوبنا ومتجذر في نهج عقيدتنا مضيفاً أن معنى الحب والولاء والطاعة يتجسد في قول الله تعالى « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ» .
فرسولنا هو الأسوة والقدوة لكل الناس باختلاف شرائحهم وطبقاتهم ففي الخطابة والفصاحة محمد أفصح العرب وللتجارة محمد عليه وآله الصلاة والسلام هو الصادق الأمين وقد تاجر لخديجة فأحبت أمانته ورغبت بالزواج منه فتزوجها وفي القيادة العسكرية وخطط الحرب محمد صلى الله عليه وعلى آله هو المخطط والقائد الحكيم ولكم أن تقرأوا في السيرة النبوية وهو محاصر ويحفر الخندق في يوم معركة الأحزاب وكيف كان يرفع المعنويات للمقاتلين ويقول مستبشراً «الله أكبر فتحت قصور صنعاء الله أكبر فتحت قصور الشام»، يكبر بثبات وعزيمة، هو المربي لمن يشكو اليتم فنبينا كان يتيماً ولمن يشكو الفقر والحاجة فنبينا لم يشبع من خبز الشعير وكان يعيش على الأسودين الماء والتمر، هو قدوة وأسوة في كل شيء ونحن هذه الأيام نعيش في حصار نتذكر أن نبينا حوصر في شعب أبي طالب ومنع من الأكل حتى كانوا يأكلون من أغصان الشجر، فنحن نستقي من نبع محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله الأطهار كل معاني الصمود فنحن اليوم أقوى مما مضى مستعدون للحرب جيلاً بعد جيل مستعدون لمعركة النفس الطويل ثورتنا محمدية شعارها النصر أو الشهادة، إنه ومن خلال المولد النبوي نحيي قيم الحق ونرسي دعائم العدل والقبول بالآخر والتعايش والحب لكل البشر باختلاف توجهاتهم وأديانهم.
واختتم حديثه بقوله: يستحسن في هذا اليوم العظيم الذكر والإكثار من الصلاة على الشفيع لنيل شفاعته يوم الدين كما يجب أن تستغل هذه الذكرى بكل ما هو مفيد من عمل الخير على اختلافه فتقدم الصدقات وتستذكر الأحاديث النبوية الشريفة والسنن، ويجمع الأطفال على فيض من المواقف النبوية السمحة ليتعرفوا على نبيهم وهادي أمتهم أكثر ويتلمسون حلاوة أخلاقه بقلوبهم، ويتمثلون بطباعه الزكية في معاملاتهم؛ فلا ينقطعون عنه وعن سيره، ولا يغيبون عن محاسنه ومناقبه.
أما الأستاذ/ محمد احمد الخطيب- خطيب مسجد الأنوار فيقول: يعجز الخطباء والشعراء وكل من عرف روعة الحروف العربية أن ينسجوا من هذه الأحرف كلمات تصف يوم الفرح والسرور الذي يخالط فؤادي، الآن وأنا أحدثك عن مولد أجل وأعظم إنسان لم ولن تستطيع البشرية أن تجزيه أجر ما عانى وجاهد في سبيل أن يصل إلينا هذا الدين فأجره لا يستطيع أن يعطيه إلا الله جل جلاله.. وإن الاحتفال بمولده يعد أقل ما يستطيع الإنسان أن يعبر به عن حبه لمحمد صلى الله عليه وآله..
وأشار الخطيب بقوله: إنه لا يَخْفى على مسلم المنزلة العالية الرفيعة التي حباها ربنا عز وجل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد اصطفاه على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والرسل، قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ}(البقرة: 253)، قال المفسرون : «فكل الأنبياء لو أدركوا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم لوجب عليهم الإيمان به واتباعه ونصرته، إنه نبينا صلى الله عليه وآله وسلم الذي سمَّاه الله عز وجل في القرآن الكريم بـ : «محمد»، و(أحمد)، وهما يشتملان على الحمد والثناء، قال حسان بن ثابت رضي الله عنه: «وشقَّ له من اسمه ليُجِلّه فذو العرش محمود وهذا مُحَمّد».
وعن شجاعته وجهاده وقوّته صلى الله عليه وآله يقول الخطيب: كان أشجع الناس على الإطلاق وقد تجلَّت شجاعته في أروع صورها جهاداً في سبيل الله، وثباتاً عند الشدائد والنوازل، ودفاعاً عن الحق ونصرة للمظلومين، وقد شهد له بذلك أصحابه وأعداؤه، إذ كان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله من الشجاعة بالمكان الذي لا يُجهل، حضر المواقف والمعارك الصعبة، وهو ثابت لا يتزحزح، قال الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه : «كنا إذا حمي البأس (القتال)، واحْمرَّت الحَدَق، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه» وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة، فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استبرأ الخبر وهو على فرس لأبى طلحة عُرْي (مجرد من السرج)، وفي عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا (لا تخافوا ولا تفزعوا)) وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «ما رأيتُ أشجع ولا أنْجد (أسرع في النجدة) من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» والأمثلة الدالة على شجاعته وقوّته صلى الله عليه وآله وسلم من سيرته وحياته كثيرة، ومنها شجاعته صلى الله عليه وآله وسلم في غزوتي بدر وأحد وغيرهما من غزوات قاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المعارك والقتال فيها بنفسه، وخاض غمار الموت بروحه، وقد شُجَّ في وجهه، وكُسِرت رَباعيتُه كل هذا ليصل إلينا الدين أفلا نحتفل بمولد من لولاه لكنا في غياهب الجهل والضلال..
وفي ختام حديثه يقول الخطيب: أهنئ نفسي وكل الأمة العربية والإسلامية بمولد خير البشر على الإطلاق محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأوصيهم بأن يجعلوا هذا اليوم يوم عبادة وذكر لسيرته وإكثار من الصلاة والسلام عليه وعلى آله.