المقالح عبدالكريم
ـ 1 ـ
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ
لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ
وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
في اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
أمير الشعراء ـ أحمد شوقي ـ
ـ 2 ـ
ما من شك أن المناسبة الدينية.. أعلى صوتا.. وأكثر قربا من قلوب الناس..
بسبب طبيعتها الحميمية.. والتي تمنح شعورا روحيا بالقرب من الله تعالى..
وتاليا قدرتها الكبيرة على توحيد المشاعر والأفئدة.. في قالب واحد مشترك
يسهل تبيانه على الوجوه والأحاديث في كل مكان يلتقي الناس ببعضهم البعض.
وهذه القوة العاطفية للمناسبة الدينية تمثل دينامو فعالاً لاستثمارها بأشكال متعددة..
فلو أخذنا عيدي الفطر والأضحى كمثال لما نحن بصدده.. سنجد على رأس القائمة.. زيارات الأرحام.. الالتقاء بالأهل والسفر إليهم..
توزيع الصدقات بأنواعها على الفقراء والمحتاجين… إلخ
وبالمقابل سنعثر على الفئة المستفيدة من المناسبتين ربحيا..
وذلك عن طريق بيع وتسويق المنتجات والمستلزمات التي تخصهما..
من ملابس ومأكولات ومشروبات… إلخ..!!
ـ 3 ـ
إن محمدا كان الرجل الوحيد في التاريخ.. الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي
إن هذا الاتحاد الفريد.. الذي لا نظير له.. للتأثير الديني والدنيوي معا.. يخوله أن يعتبر أعظم شخصية أثرت في تاريخ البشرية.
ـ د. مايكل هارت ـ
دكتوراه في علم الفلك من جامعة برنستون
كتابه (الخالدون مائة أعظمهم محمد).
ـ 4 ـ
وعلى صعيد المناسبات الدينية السنوية.. يبرز المولد النبوي الشريف في المقدمة..
نظرا لأهمية صاحبها وأثره العالمي عليه الصلاة والسلام.. إضافة إلى عظمته كشخصية دينية وقيادية.. والتي شهد بها وبرهن عليها الكثير من المؤرخين والمستشرقين والعلماء.. على مر العصور.. وعلى اختلاف الديانات واللغات والجنسيات.
لهذا يأتي الاحتفاء بمناسبة المولد النبوي الشريف.. من الضرورة القصوى.. خاصة ونحن نعيش في هذا الزمن المتلون.. زمن التهافت على التطبيع مع أعداء الله وأعداء الأمة.. أصبحنا في أمس الحاجة إلى التذكير برسولنا الأعظم عليه الصلاة والسلام.. وما حفلت به حياته من أحداث ومواقف.. وما امتازت به شخصيته العظيمة من سمات ومزايا.
إن مجرد التذكير بها ولفت الأنظار نحوها.. من المؤكد سيعزز من ارتباط المسلمين بهويتهم الإيمانية.. ولابد سنجد الآلاف وربما الملايين من يتشبهون به ويقتدون بأفعاله عليه الصلاة والسلام.
ـ 5 ـ
قبيل وفاة النبي محمد نرى جميع أنحاء الجزيرة العربية تقريباً تدين له بالطاعة،
وإذا ببلاد العرب التي لم تخضع إطلاقاً لأمير من قبل تظهر في وحدة سياسية وتخضع لإرادة حاكم مطلق.
ومن تلك القبائل المتنوعة، صغيرها وكبيرها، ذات العناصر المختلفة التي قد تبلغ المائة والتي لم تنقطع عن التنازع والتناحر،
خلقت رسالة محمد أمة واحدة، وقد جمعت فكرة الدين المشترك تحت زعامة واحدة شتى القبائل في نظام سياسي واحد، ذلك النظام الذي سرت مزاياه في سرعة تبعث على الدهشة والإعجاب.
وأن فكرة واحدة كبرى هي التي حققت هذه النتيجة، تلك هي مبدأ الحياة القومية في جزيرة العرب الوثنية، وهكذا كان النظام القبلي لأول مرة، وإن لم يقض عليه نهائياً (إذ كان ذلك مستحيلا)، شيئاً ثانوياً بالنسبة للشعور بالوحدة الدينية.
وتكللت المهمة الضخمة بالنجاح، فعندما انتقل محمد إلى جوار ربه كانت السكينة وترفرف على أكبر مساحة من شبه الجزيرة العربية، بصورة لم تكن القبائل العربية تعرفها من قبل، مع شدة تعلقها بالتدمير وأخذ الثأر، وكان الدين الإسلامي هو الذي مهد السبيل إلى هذا الائتلاف.
المستشرق الإنجليزي
ـ سبربت و. أرنولد ـ
كتابه “الدعوة إلى الإسلام”
ـ 6 ـ
وعلى صعيد البلدة الطيبة.. وطننا اليمني الكبير.. نلاحظ أن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.. قد انتقل – منذ سنوات –
من حيز الاحتفاء الجماهيري البسيط والمصغر.. إلى حيز أكبر وأوسع وأشمل.. خاصة مع تبنيه رسميا من الحكومة نفسها..
وهو ما لم نعهده سابقا من الحكومات المتتالية حتى 2014م..
وهو ما يحسب حقا كمنجز ديني ووطني لثورة الـ 21 سبتمبر..
والتي أعادت الاعتبار لكثير من المناسبات الدينية.. كالمولد النبوي الشريف..
وجمعة رجب.
ـ 7 ـ
أعتقد أن محمداً استطاع بعقلية واعية مدركة لما يقوم به اليهود.. أن يحقق هدفه في إبعادهم عن النَّيْل المباشر من الإسلام.. الذي مازال حتى الآن هو القوة التي خلقت ليحل بها السلام .
العالم الفيزيائي ـ ألبرت آينشتاين ـ
ـ 8 ـ
والآن.. وقد أصبحت ذكرى المولد النبوي الشريف.. تعد وتنظم وتقام فعالياتها
على المستويين الرسمي والشعبي.. وعلى نطاقات كبيرة ومتعددة.. ألا تستحق منا هذه المناسبة السنوية الجليلة.. أن نجعلها تتوازى مع صفة أخرى.. فمع كونها ( بصمة فريدة ).. لِمَ لا نضيف إليها لمسة خاصة تميز اليمن عن سواها.. بحيث تصبح هذه المناسبة السنوية المتجددة ذات ( أثر عظيم )..
وبما يجعلها فرصة ذهبية للتنمية المستدامة.. عن طريق اكتشاف المبدعين والمبتكرين من الشباب.. والترويج لهم.. وتبني اشتغالاتهم في شتى المجالات..
ما يعني رفد الناتج المحلي بالكثير.. مع الاستفادة المثلى من القدرات والخبرات.. سواء تخطيطيا أو تنفيذيا.
ـ 9 ـ
إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد في عبقريته..؟! فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات..
فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم.
لكن هذا الرجل محمدا لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ.
ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
المفكر الفرنسي ـ لامارتين ـ
كتابه “تاريخ تركيا” الجزء الثاني
ـ 10 ـ
إن هذه الفكرة جاءت ونبعت.. من المتابعة الدورية والمستمرة.. كل عام..
لمجريات الأنشطة والفعاليات المدرسية.. حيث تقوم وزارة التربية والتعليم..
ممثلة بمكاتب التربية في المحافظات والمديريات.. بتنظيم مهرجانات خاصة..
تحتوي على الكثير من المنافسات الطلابية بين المدارس.. وعلى عدة مستويات..
حتى الوصول إلى النهائيات.. على مستوى المديرية أو المدينة.
وتتعدد تلك المنافسات.. ما بين إبداعية وثقافية وفنية ورياضية ومهاراتية..
وتأتي كلها في إطار الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف..
وتختتم فعالياتها بمهرجانات تكريمية.. ينال فيها أصحاب المراكز المتقدمة.. من الطلاب والطالبات على اختلاف المراحل الدراسية – العديد من الجوائز المتنوعة.. بين مالية وعينية.. وفي هذا تحفيز وتشجيع للموهوبين والمبدعين..
إضافة لكونه حافزاً كبيراً وفعالاً لتطوير المواهب وصقل الإمكانيات.. والاستعداد لخوض غمار منافسات قادمة.
ـ 11 ـ
إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه.
فافتراض أن محمدا مدّع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها.
بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.
ـ مونتجومرى وات ـ
كتابه “محمد في مكة”، 1953م
ـ 12 ـ
ماذا لو وسعنا هذه الرؤية أكثر.. وجعلنا التنافس أوسع وأبعد.. وذلك من خلال تبني فكرة جوائز سنوية.. تمنح للشباب.. في عدد من المجالات الإبداعية الحيوية..؟!!
لا شك أن الصدى سيكون أعظم.. والمردود سيكون أكبر بكثير مما نتوقعه أو نتخيله.. وهو غالبا ما تطمح المسابقات إلى تحقيقه – بغض النظر عن اتجاهاتها –
عن طريق التحفيز للقدرات.. والتنافس الشريف المحكوم بشروط ومعايير تضمن النزاهة والشفافية في نتائجه.
ـ 13 ـ
يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة،
وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد.. الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه ، وليكن هو أيضا آخر الأنبياء .
الأديب الروسي العالمي ـ ليو تولستوي ـ
ـ 14 ـ
والآن.. ماذا لدينا هنا..؟!
إنها دعوة موجهة للجميع..
سواء القطاع العام أو القطاع الخاص.. من أجل تبني فكرة إنشاء واطلاق:( جوائز المولد النبوي الشريف للإبداع والابتكار) وبشكل دوري.. كل عام..
وتكون مخصصة للشباب.. وضمن مجالات واتجاهات متعددة..
وما من شك أنها ستشكل بصمة وأثراً..
تحسب فقط للبلدة الطيبة: الجمهورية اليمنية.
ـ 15 ـ
وأحسن منك لم تر قط عيني
وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء
شاعر الرسول ـ حسان بن ثابت –