مدير عام مديرية بني قيس- محافظة حجة محمد حسين الشهاري لـ “الثورة “: المبادرات المجتمعية أنجزت مشاريع كلفتها مئات الملايين بتمويل وجهود ذاتية

 

• 200 مزارع قهروا أرباب أزمة الديزل فحرثوا 1500 معاد تهامي بنظام الجائش والحراثة التقليدية

الثورة / خاص
بني قيس مديرية تتبع إداريا محافظة حجة تقع عند ملتقى محافظات المحويت والحديدة وحجة، وفي الجزء الجنوبي الغربي لمحافظة حجة، وتعتبر البوابة الرئيسية للمحافظة.. يجري فيها وادي مور، ووادي لاعة، وتمتاز تربتها بإنتاج محاصيل الحبوب بأنواعها من الذرة الرفيعة الغرب والقيرع (الذرة البيضاء)، والزعر، والذرة الشامية والسمسم والعدس والقلى، كما تمتاز بالإنتاج الحيواني من الأبل والأبقار والماعز والضآن والدجاج البلدي، وإنتاج العسل.
وتنقسم المديرية إلى 4 أرباع، يتميز كل ربع بإنتاج محصول معين: ربع البوني ويمتاز بإنتاج الحبوب والخضروات والفواكه.. ربع مسعود وينتج الثروة الحيوانية والعسل.. ربع الشمري وهفج يمتازان بإنتاج الحبوب.
وفي المديرية تتواجد الكثير من محاجر الجرانيت؛ الثروة الصاعدة التي لم يكن يستفد من عوائدها أبناء المديرية فيما زمن ما قبل ثورة 21 سبتمبر الخالدة.. أما فيما بعد الثورة، فقد خصصت هيئة الجيولوجيا جزء من الرسوم لتنمية ودعم المصالح المجتمعية، وتحاول إدارة المديرية توجيه المخصص لصالح تنمية الزراعة.
المجتمع في مديرية قيس نفذ العديد من المبادرات المجتمعية في مجال حصاد المياه، والتعليم، والصحة، حيث تم عمل العديد من قنوات الري للاستفادة من جريان الوديان لري الأراضي، فعلى سبيل المثال تم إعادة تأهيل سبع قنوات ري في اتجاه ربع البوني لتسقي أكثر من 20 ألف معاد زراعي.
القنوات وغيرها من المشاريع التنموية والخدمية التي كانت في قائمة الأحلام وبعيدة المنال، لكن جهود مؤسسة بنيان التنموية بالتعاون مع اللجنة الزراعية والسمكية العليا وشركاء التنمية في الحكومة والسلطة المحلية بالمحافظة والمديرية أحيت في أبناء المنطقة روح المبادرة من خلال تشكيل اللجان الزراعية وتدريب فرسان التنمية ومؤخرا تم تفعيل دور الجمعيات التعاونية.. تشكيلات جهادية استنهضت بالتوعية والإرشاد والتدريب والتأهيل في أبناء المديرية روح المبادرة والتكاتف وتجميع الإمكانات وتنسيق الجهود.
الثورة بدورها زارت المديرية مع فريق “مبادرون” الإعلامي، واستطلعت الوضع عن قرب، وهناك التقت بمدير عام المديرية محمد حسين الشهاري، الذي من جهته أخذ الفريق في جولة داخل المديرية وخلالها أوضح:
بدأت حكاية التنمية بجهود المشاركة المجتمعية بقيام بنيان بتدريب 3 فرسان للتنمية في المديرية، وعاد هؤلاء ليقوموا بتحفيز المجتمع على العمل الطوعي والمشاركة المجتمعية في التنمية حتى أصبح لدينا اليوم أكثر من أكثر من 252 فرسان تنمويا.. 52 فتاة للعمل في مجال حماية الثروة الحيوانية وتنمية قدرات المربين على تسمين وتحسين الإنتاج الحيواني والمحافظة عليه.. 62 فارسا تنمويا في مجال التوعية والتحفيز المجتمعي.. 20 فارسا بحثيا.
هذه المجموعة من طلائع الجيش التنموي عملت على إحداث نقلة نوعية في المديرية حيث تمكنوا بفضل الله ثم توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله من إحياء الكثير من العادات والتقاليد الحميدة كالجايش والعانة والتعاون والفزعة فكانت النتيجة بناء العديد من الفصول الدراسية بمبادرات مجتمعية خالصة في بني المصابي وعزلة بني مسعود.
باكورة إنجازات الشباب والشابات كانت في معالجة الثروة الحيوانية من الحمى القلاعية التي كاد تقضي على نسبة كبيرة من الثروة وبجهود طوعية لم توفر لهم المديرية سوى بعض من الإمكانات البيطرية والعلاجات.
وفي مجال حصاد مياه الأمطار حشد الفرسان لمبادرتين نوعيتين هما حاجز وادي الشجان، وكرفان بني رعوان، وتم إنزال المهندسين لتحديد مواقع ومواصفات عدد 32 كرفانا وسدا، وتكفل المجتمع بتنفيذها في إطار المشاركة المجتمعية حيث وفر المحروقات وأجور السائقين والجايش المجتمعي بالجهد، وعملت السلطة المحلية بالمديرية على توفير المعدات مكفولة الصيانة حيث تم توفير بكلين صغير بالشراء من الدفعة الأولى من عائدات المديرية من رسوم المحاجر وبواسطته تم شق عدد من القنوات المائية على جنيات الوديان.
ونناشد هيئة الجيولوجيا سرعة شراء الشيول والبلكين كي يمكن للمديرية بتعاون وجهود أبنائها الاستفادة من مياه الوديان في ري مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وبما من شأنه إحداث نقلة نوعية في مجال الزراعة في المديرية.
وأكد الشهاري أن الشعب اليمني لم يكن ليصنع مجده وحضاراته عبر التاريخ إلا بهذه الروحية التكافلية بين أبناء الأمة اليمنية، هذه الأمة التي شهد لها التاريخ بأنها بانية “أرض السعيدة” وأكرمها القرآن بـ “بلدة طيبة، ورب غفور”، مشيرا إلى أن ثورة 21 سبتمبر أحيت في النفوس هذه الروحية من جديد.
ونوه بأن طلائع هذا الفجر السبتمبري البهي من فرسان ورواد ومهاجري وباحثي التنمية لعبوا الدور الرئيس والبارز والمنشط والمفعل في ثورة الإحياء وتصحيح المسارات بعد أن تم طمس معالم الهوية اليمنية من قبل قوى الضلال التي عملت على تحويل المجتمع من حالة الإنتاج إلى حالة الاتكال على المعونات والمساعدات.. من حالة الاعتزاز بالذات وصناعة الوجود إلى ذلة ومهانة التسول على أبواب المنظمات والدول المانحة.
وأكد أن المجتمع صار لديه واعيا ثاقبا ومبادرا درجة أن المجتمع يفاجئ السلطة المحلية بين الحين والآخر بأنه قد جمع قيمة المحروقات لتنفيذ مبادرة إنشاء قناة هنا أو هناك، مؤكدا “هذا العام بإذن ستكون مديريتنا نموذجية بالمعنى الفعلي (إنتاج وليس إعلاماً).
وذكر على سبيل قام المواطنون وبجهود ذاتية بتنفيذ طريق القبعية الهزاهيز المقلام الشرع.. الطريق كان تستخدم في عشرينيات القرن الماضي وحتى وقت ما قبل وصول السيارات كطريق تجارية تمر منها قوافل الجمال المحملة بالبضائع والمنتجات الزراعية من القناوص إلى محافظة حجة.
ولكن مرور الأسفلت من الخشم أدى إلى إهمال هذه الطريق، والآن مع ارتفاع كلفة النقل، أصبح من الصعب على سكان قرية الشرع التي تفصلها عن مركز المديرية جبال ومساحات واسعة الوصول إلى المركز إلا عبر الخشم حيث وصلت كلفة النقلة ما بين 15 – 20 ألف ريال، وتقطع حوالي 50 كيلومتراً.
لهذا السبب، وضع فرسان التنمية فكرة مبادرة إعادة شق الطريق بما يؤهلها لمرور وسائل النقل، وبالتالي تم التحضير لمبادرة شق مجتمعية خالصة استخدمت فيها الأدوات التقليدية المستخدمة في الزراعة والبناء، وهي الآن جاهزة وتخدم أبناء هذه المناطق بتكلفة نقل لا تزيد عن 3آلاف ريال، ومسافة لا تزيد عن 11 كيلومتر.
وفي مجال حصاد المياه أكد الشهاري أن مياه الوديان كانت تمر من وسط أراضي المديرية دون أن يستفيد منها أبناء المنطقة في ري أراضيهم الزراعية، لكن فرسان التنمية جمعوا أبناء المنطقة وقاموا بتوعيتهم بأهمية استغلال هذا المورد الكبير للمياه، فتجاوب أبناء المنطقة وفزعوا بجهودهم وإمكاناتهم المتاحة، وتم التواصل بنا كسلطة محلية فقمنا بتوفير شيول كبير، وتم إعادة تأهيل قناة المرة على الوادي بـ 81 ساعة عمل، وبكلفة مليوناً و 260 ألف ريال قيمة ديزل وأجرة السائق، منوها بأن إعادة تأهيل هذه القناة سيسقي أكثر من 70 هكتارا.
وعن المبادرات في الجانب الصحي، أكد الشهاري “نظرا لأن قرى شمال ربع البوني بعيدة عن المركز الصحي بالطور، وأن المواطن إذا أراد الوصول بمريضه إلى هذه المراكز يتكلف الكثير من المال والوقت، فقد بادرت كل أسرة في القرية بالتبرع بمبلغ 5000 ريال، وتم جمع حوالي 2 مليون ريال بنظر أحد أعيان القرية.
وأوضح أن المجلس المحلي بدوره ساهم بالمخطط الهندسي، الوحدة تتكون من 3 غرف 4 في 6 وصالة ودورة مياه، وتم تنفيذ بناء الوحدة الصحية ولم يتبق سوى السقف والتشطيب والتشغيل ومستلزماته.
وتمنى على الجهة المختصة في الحكومة وزارة الصحة والمحافظ والمجلس الأعلى للشئون الإنسانية البحث عن أي جهة قادرة على الإحسان للمساهمة في استكمال هذه الوحدة الصحية.
ووجه الشهاري رسالته إلى بقية المديريات في عموم محافظات الجمهورية أكد فيها أن المجتمع هو البنك، وهو المنظمة، وأن المجتمع إذا تم توعيته بمسؤولياته بالشكل الجيد وعبر الثقافة القرآنية لا شك سيكون هذا المجتمع هو القائد الفعلي لأي تقدم تنموي وهو المدفع الضارب في ردع المعتدين.
وأشاد بأبناء مديرية بني قيس، تلك المديرية التي يعاني سكانها من فقر شديد، وشحة في الموارد إلا أن أبناءها اثبتوا للعالم أن العيب ليس في الفقر، وإنما في الأنانية التي تجعل من الإنسان في عزلة عن معاناة من الآخرين.
وأشار “في بني قيس تجاوز المنجز حدود المؤمل به، إذ من يصدق أن مجتمعا فقيرا لا يجد الفرد فيه ما يسد به رمق جوع أسرته هو من ينفذ مبادرات مجتمعية بمئات الملايين لدعم جبهة الصمود، ومثلها في مجال التنمية الزراعية وشق الطرق والتعليم والصحة وخلافه”.
وفي رده على تساؤل للصحيفة عن السبب الذي جعل المواطنون يعودون إلى الحراثة بالحيوانات رغم انتشار الحراثات في ربوع المديرية؟ قال الشهاري: في الأونة الأخيرة تأخرت الحراثة عن موعدها.. فرسان مبادرة (أولى قوة) قاموا بالتواصل مع المواطنين للتعرف على الإشكالية التي تقف وراء ذلك التأخر، فكان الرد بأن مادة الديزل غير متوفرة.. عندها بادر الفرسان بوضع فكرة العودة إلى ما كان الآباء والأجداد يستخدمون في الحراثة التقليدية وإحياء أعراف وأسلاف الجايش والعانة، وهناك كان الإجماع من مواطني المديرية على عمل مبادرة جايش بين مزارعي المنطقة مداولة بينهم كلا بثوره أو حماره أو جمله.
وأضاف: قام فرسان التنمية بتحشيد المجتمع نحو العودة إلى الحراثة التقليدية هو بديل عن غياب مادة (الديزل)، وهذا – لا شك- سيعود على المجتمع بالنفع ويحفز الناس للاهتمام بالثيران والبقر والثروة الحيوانية من جهة، ويسهم في توفير المرعى والغذاء سواء للثروة الحيوانية أو الإنسان، وقد تم حرث ما يقرب من 1500 معاد تهامي شارك في المبادرة عدد 200 مزارع بحوالي 700 ثور وحمار وبقرة.

قد يعجبك ايضا