منذ حوالي عقدين، اعتمد الفرنسيون هذا اليوم ” 25 سبتمبر ” من كل عام، يوما وطنيا لتكريم ” الحركيون الجزائريون، “وهو مصطلح يطلق على العملاء والخونة الجزائريين الذين شاركوا إلى جانب الاحتلال الفرنسي ضد شعبهم في حرب التحرير الجزائري، التي سقط فيها ما يزيد عن مليون ونصف مليون شهيد.
حوالي 200 ألف جزائري تم تجنيدهم خلال عامي 1954- 1962م، ليقاتلوا إلى جانب الجيش الفرنسي ضد شعبهم الذي كان النصر حليفه.
رحل المحتل الفرنسي، ورحل معه 40 ألفا من الخونة أو ما يطلق عليهم “الحركيون “، وتمكن 40 ألفا آخرين من الوصول إلى فرنسا بعد الاستقلال بطرق مختلفة، فيما تُرك الباقون ليلاقوا مصيرهم في وطنهم الذي خانوه، ومن نجا من العقاب والانتقام لم ينجُ من العار.
يبلغ تعداد ” الحركيون الجزائريون ” في فرنسا حاليا نحو نصف مليون نسمة، اعتماد الحكومة الفرنسية يوما سنويا لتكريمهم، لا يعني أنهم يعيشون ظروفا أفضل من رفاقهم الذين لم يتمكنوا من مغادرة الجزائر. ويكفي الإشارة هنا إلى تعليق زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف، ماري لوبان، في 20 سبتمبر الجاري، إذ قالت: ” إن تكريم الحركيين لن يمحو مأساة عقود من الازدراء “، ويبدو واضحا أن التكريم لا يعبر عن الوفاء أو رد الجميل للخونة الجزائريين من قبل الفرنسيين، فهو مجرد رشوة رخيصة لمواصلة استغلال هذه الفئة في المعارك الانتخابية، وهو في نفس الوقت تذكير بخيانتهم لوطنهم.
لم يستطع “الحركيون ” الاندماج داخل المجتمع الفرنسي، وفي أحسن الأحوال يُنظر إليهم باعتبارهم مهاجرون، في حين ينبذهم المهاجرون، لا يستطيعون هم أو أبناؤهم وأحفادهم العودة إلى الجزائر حتى كجثث للدفن، وحين عرض المؤرخ الزبير طوالبي على الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين، السماح بعودة أبناء ” الحركيون ” وخصوصا الكفاءات منهم، وباعتبارهم غير مسؤولين عن خيانة آبائهم، رفض بومدين العرض وقال ” العرق دساس ” .
وعلى الرغم من تعاطف الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة مع معاناة ” الحركيين ” في فرنسا، إلا أنه رفض السماح بعودة أي منهم، وقال: ” الجزائر ليست بلدهم ” .
على خطى الخونة الجزائريين، يسير المرتزقة اليمنيون الذين يقفون إلى جانب تحالف العدوان على اليمن، ومثلما كان المحتل الفرنسي يصف حربه في الجزائر بأنها ضد الخارجين عن القانون ومن أجل حفظ النظام، يصف تحالف العدوان حربه على اليمن بأنها ضد ” الانقلابيين ومن أجل استعادة الشرعية ” .. فأي شرعية هذه التي يتشدقون بها !! وهل يعقل أن يباد شعب ويدمر وطن من أجل شرعية زائفة لـ ” ابن الوضيع ” ؟ !.
اصطف ” الحركيون ” في الجزائر مع المستعمر ظنا منهم أنهم يقاتلون مع دولة عظمى لن تهزم، لكنها هزمت، وخاب ظنهم، ولم تستطع فرنسا بعظمتها إنقاذ كافة عملائها أو أن تكفل عيشا ولو متواضعا لمن يعيشون على أرضها، وأقصى ما جادت به العظمة الفرنسية بثرواتها وقوانينها، هو توزيع صدقات وسلال خيرية وبرامج تحسين وتنمية، على غرار مشروعات وبرامج مركز الملك سلمان والمشروعات السعودية لإعادة الإعمار في اليمن.
ومع كل ذلك، ربما يكون “الحركيون الجزائريون” أوفر حظا من “الشرعيون اليمنيون “، فالحركيون كانوا عملاء مع المحتل الفرنسي “مباشرة ” وحين انتهت مهمتهم حصلوا منه على الفتات الذي يلقى إليهم كما تلقى بقايا الطعام إلى كلاب ضالة.
لكن المرتزقة اليمنيين، أو من يسمون أنفسهم ” الشرعيون ” على وزن “الحركيون ” يعملون مرتزقة مع السعودية والإمارات، مع أدوات أمريكا في المنطقة، ولا يعملون بشكل مباشر مع أمريكا أو بريطانيا، وهما الدولتان الراعيتان والداعمتان للعدوان على اليمن، وينطبق على المرتزقة اليمنيين المثل الصنعاني ” خَدام خَدام بيت الجرافي خ . خ “.
وعند انتصار اليمنيين وهزيمة تحالف العدوان، وهذه سنة الله، لن يجد المرتزقة اليمنيون طائرات أمريكية ليتسلقوها كما فعل العملاء الأفغان في مطار كابول أغسطس الماضي، ولن تسمح السعودية والإمارات للمرتزقة اليمنيين بالإقامة على أرضهما بعد انتهاء مهمتهم، فهم يتعرضون للإذلال والإهانات وهم لا يزالون في الخدمة، ولعل ما يتعرض له المجندون اليمنيون المدافعون عن ” الحد الجنوبي ” من إذلال وانتهاكات مجرد نموذج لما يتعرض لها كبار الخونة والعملاء في فنادق الرياض وأبوظبي.