رئيس هيئة التفتيش القضائي لـ”الثورة “: ثورة الـ ٢١ من سبتمبر شكَّلت منعطفاً هاماً في حياة المواطن بشكل عام
استقبلنا خلال نصف عام(٢٧٢٦) قضية
أنجزت السلطة القضائية خلال عام ١٤٤١هـ (٨٧٨١٧) قضية وبنسبة ٤٧٪
أجرينا تفتيشاً دورياً لتقييم كفاءة (٢٢٢) قاضياً من خريجي المعهد موزعين في ١١ محافظة
أكثر من (٤٠) مهمة تفتيش مفاجئ شملت سبعين شعبة استئنافية ومحكمة ابتدائية
ثمرة التفتيش المفاجئ والدوري تقييم عمل القضاة والمحاكم
على القاضي أن ينظر في الجلسة عدداً من القضايا بما يتناسب مع المعروض لديه
خلال العام الماضي:
عالجنا ودرسنا (١٧٠٠) شكوى قدَّمها مواطنون ضد قضاة
تم استدعاء (١٦٧) قاضياً وتم التحقيق مع ٤٧ قاضياً في ٢٤ قضية
تم إصدار (٧٠) تعميماً في توحيد المفاهيم القانونية وتحسين الأداء القضائي
خلال النصف الأول من العام الحالي:
عالجنا ودرسنا (١٠٢٦) شكوى من المواطنين ضد القضاة
استدعت الهيئة (٦٣) قاضياً وحققت مع (٣٣) قاضياً و٢٩ دعوى تأديبية
أصدرنا (٥٠) تعميماً نوعياً مختلفاً بشأن التيسير على القضاة في أعمالهم
ليس لدينا مانع من نشر أسماء القضاة الذين صدرت بحقهم عقوبات والأمر يرجع لمجلس القضاء
البطء في فحص الشكاوى كلام عار عن الصحة والهيئة تستقبل كماً هائلاً من شكاوى المواطنين
أكد فضيلة القاضي أحمد علي الشهاري – رئيس هيئة التفتيش القضائي – عضو مجلس القضاء الأعلى، أن ثورة ٢١سبتمبر شكلت منعطفا هاما وتاريخيا في حياة المواطن والوطن بشكل عام ، وكان لها الأثر الكبير والبالغ في شتى المجالات وفي جميع المؤسسات ، ولا شك أن السلطة القضائية تأثرت بهذه الثورة العظيمة رغم ما واجهه الوطن من عدوان غاشم وحصار ظالم.
وأشار إلى أن السلطة القضائية شهدت إنجازات وإضافات نوعية من أهمها ارتفاع نسبة إنجاز القضايا في عموم المحاكم بشكل ملحوظ ، حيث كانت نسبة الإنجاز قبل خمس سنوات ١٨% فقط ولكنها بلغت عام ١٤٤١هـ (٤٧)% من إجمالي القضايا المنظورة .
وأوضح القاضي الشهاري في حديثه لـ “الثورة” بمناسبة الذكرى السنوية للاحتفال بعيد ثورة ٢١ سبتمبر أن الهيئة حققت مع أكثر من مائة قاض وتم الرفع إلى مجلس المحاسبة بأكثر من (٥٠) دعوى تأديبية .. وقال رئيس هيئة التفتيش القضائي : إن الهيئة استقبلت نحو (٢٧٢٦) شكوى خلال عام ونصف فقط من المواطنين ضد قضاة وتم التصرف فيها وأنه تم رفد المحاكم بـ٣٩٠ قاضيا في جميع المحافظات.
مؤكداً أن الهيئة استدعت ٦٣ قاضياً وتم التحقيق والرفع بـ (٢٩) دعوى تأديبية إلى مجلس القضاء الأعلى وذلك خلال النصف الأول من العام الحالي.
وتحدث القاضي أحمد الشهاري – رئيس هيئة التفتيش القضائي – حول العديد من القضايا فكانت إجاباته مليئة بالمعلومات والإحصائيات والإجابات الشافية عن جميع القضايا التي طرحناها عليه .. فإلى تفاصيل هذا الحوار:
حوار / محمد العزيزي – إسكندر المريسي
• بداية سيدي القاضي، ما الذي أنجزته هيئة التفتيش القضائي خلال العامين المنصرم والحالي من حيث التفتيش والرقابة على القضاة وتحقيق الشكاوى الواردة إلى الهيئة والتعاميم الصادرة والإنجازات الأخرى داخل الهيئة نفسها؟
– تعمل هيئة التفتيش القضائي على الارتقاء بالأداء القضائي عن طريق تقييم عمل القضاة وتقويم العمل في المحاكم، وفي هذا الصدد تمارس الهيئة العديد من المهام والاختصاصات وفقاً لما هو مخول لها قانوناً، وهنا يجب التفريق بين الرقابة الموضوعية على أعمال القضاة بشأن القرارات والأحكام الصادرة عنهم وبين الرقابة على أدائهم مسلكياً ومهنياً، فالرقابة الموضوعية على القرارات والأحكام حدد القانون طرقاً معينةً للطعن فيها ولا علاقة للهيئة بها، وأما الرقابة المسلكية والمهنية من حيث الانضباط والإنجاز وحسن الأداء فهي من مهام الهيئة وتمارس في ذلك طرقاً عدة أهمها إجراء التفتيش الميداني، حيث نفذت قيادة الهيئة زيارات ميدانية إلى محاكم الاستئناف وعدد من المحاكم الابتدائية التابعة لها في (12) محافظة لتفقد العمل القضائي في المحاكم ومعرفة المعوقات والإشكاليات التي تواجهها ومن ثم العمل على معالجتها، هذا بالإضافة إلى إجراء التفتيش الدوري لتقييم كفاءة (222) قاضياً من خريجي المعهد العالي للقضاء موزعين للعمل في (11) محافظة، وبالنسبة للتفتيش المفاجئ فقد قامت الهيئة بإجراء تفتيش مفاجئ مستمر على (8) شعب استئنافية ومحكمة ابتدائية في أمانة العاصمة وعلى(27) شعبة استئنافية ومحكمة ابتدائية في محافظة صنعاء، أما التفتيش المفاجئ العادي فقد نفذت الهيئة أكثر من (40) مهمة تفتيشية مفاجئة شملت أكثر من (70) شعبة استئنافية ومحكمة ابتدائية في جميع المحافظات وقد تم تنفيذ مخرجات التفتيش أولاً بأول، وبالنسبة لتحقيق شكاوى المواطنين فقد استقبلت الهيئة خلال العام المنصرم والنصف الأول من هذا العام(2726) شكوى، وقد قامت الهيئة بقيد ذلك الكم الهائل من الشكاوى ودراستها ومعالجتها والتصرف فيها.
ومما يجدر ملاحظته هنا أن هذا العدد من الشكاوى هو بحسب ما تم قيده في سجلات الهيئة بينما هناك المئات من الشكاوى تم معالجتها مباشرةً من قبل رئيس الهيئة ونائبه لقطاع المحاكم، وبالنسبة للتعاميم فقد أصدرت الهيئة عدداً كبيراً منها بهدف الارتقاء بالأداء القضائي وتوحيد المفاهيم القانونية وتسهيل مهام القضاة في المحاكم وقد تجاوز عدد التعاميم التي أصدرتها الهيئة خلال هذه الفترة (120) تعميماً نوعياً مختلفاً، وأمّا ما يتعلق بالإنجازات الأخرى داخل الهيئة نفسها فهي كثيرة أهمها إصدار لائحة الهيئة وهيكلها التنظيمي، وإنشاء دوائر وإدارات جديدة، ورفد الهيئة بعدد من القضاة والموظفين ذوي الكفاءة، وأتمتة عمل الهيئة وتحديث الأنظمة والبرامج وتطوير الأجهزة والمعدات وإدخال التقنية المعلوماتية في جميع أعمال الهيئة، وإجراء التدوير الوظيفي لموظفي الهيئة، وتوفير وصيانة المعدات والآلات، وإعداد الأدلة القضائية، وغير ذلك.
• تعلمون أننا مقبلون على الاحتفال بالذكرى السابعة لثورة 21سبتمبر، باختصار لو تذكرون لنا الإضافات التي تحققت.؟
– لقد شكَّلت ثورة 21سبتمر منعطفاً هاماً وتاريخياً في حياة الوطن بشكلٍ عام، وكان لها الأثر الكبير في شتى المجالات وفي جميع المؤسسات، ولا شك أن السلطة القضائية تأثرت بهذه الثورة العظيمة، فرغم ما واجهه الوطن من عدوان غاشم وحصار ظالم – عقب الثورة مباشرةً – إلا أن السلطة القضائية شهدت إنجازات وإضافات نوعية ومن أهمها ارتفاع نسبة إنجاز القضايا في عموم المحاكم بشكل ملحوظ حيث كانت نسبة القضايا المنجزة عام 1436هـ (18 %) فقط ولكنها بلغت عام1441هـ (47 %) وذلك من إجمالي القضايا المنظورة، ومن أهم الإنجازات أيضاً انطلاق الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة والتي شاركت السلطة القضائية في تنفيذها بقوة وفاعلية، وبالنسبة للهيئة فقد تم تفعيل عملها الرقابي بشكل كبير من خلال تكثيف عمليات التفتيش الميداني، وما نود الإشارة إليه هنا أن الهيئة واجهت صعوبات وتحديات كبيرة في أداء مهامها جراء العدوان الغاشم إلا أنها تمكنت من إدارة الأزمة التي سببها العدوان وحافظت على الدوام في المحاكم فلم تغلق المحاكم أبوابها حتى في أشد الظروف صعوبةً، وتمكنت الهيئة – بفضل الله تعالى – من دراسة الأوضاع المحيطة بها ثم النهوض رويداً رويداً حتى وصلت إلى مرحلة حققت فيها إنجازات لم تكن تتحقق حتى قبل العدوان خصوصاً بعد أن بدأت الهيئة في التخطيط المدروس ضمن فعاليات الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
• كيف تقيّمون مسار القضاء والتفتيش خلال هذه السنوات رغم كل الظروف والصعوبات التي رافقت هذه المرحلة؟
– القضاء خلال السنوات القليلة الماضية في مسار تصاعدي نحو الأفضل، وهذا ليس مجرد حديث وإنما تؤكده الأرقام، حيث أنجزت السلطة القضائية خلال العام 1436هـ (19.050) قضية بنسبة إنجاز بلغت (18 %) من إجمالي القضايا المعروضة، وفي عام 1437هـ ارتفع الإنجاز ليصل إلى (26.855) قضية بنسبة بلغت (23 %)، ثم عاد ليرتفع في العام 1438هـ ليصل إلى (40.297) قضية بنسبة بلغت (29 %)، وفي العام 1439هـ أنجزت (51.954) قضية بنسبة بلغت (34 %)، ولم يتوقف الإنجاز عن الصعود ليبلغ في عام 1440هـ (63.623) قضية بنسبة بلغت (38 %)، واستمر في الارتفاع ليصل في عام1441هـ إلى (87.817) قضية بنسبة بلغت (47 %)، هذا بالإضافة إلى رفد المحاكم بـ(390) قاضياً من خريجي المعهد العالي للقضاء، وإنشاء محاكم وشعب جديدة، وتدريب أكثر من (300) قاض وتحديث نظام بيانات الكتروني جديد للقضاة اشتمل على بيانات (1800) قاضٍ في قاعدت البيانات، فضلاً عن التحقيق مع أكثر من (100) قاضٍ والرفع إلى مجلس المحاسبة بأكثر من (50) دعوى تأديبية، ولا يعني هذا أن السلطة القضائية بلغت قمة الأداء القضائي لكنها رغم الصعوبات التي رافقت المرحلة تسير بخطى ثابتة نحو الأفضل.
• لو عدنا إلى عمل هيئة التفتيش القضائي، هناك من يشكو من أن إجراءات فحص الشكاوى بطيئة جداً، إضافة إلى أنه لا يتم بشأنها اتخاذ أي إجراء قانوني، ما حقيقة ذلك؟ وماهي إجراءات الهيئة في الشكوى حتى يتعرف الناس على سير هذه الإجراءات؟
– لا بد من أن يدرك المواطن أن الشكوى بقاضٍ ليست مثل أي شكوى عادية، ولهذا لا بد أن تتوفر في الشكوى ضد القاضي شروط معينة حددتها لائحة الهيئة واتخاذ إجراءات معينة تتعلق بقيدها وفحصها ودراستها ومعالجتها والتصرف فيها وفقاً للقانون، وفي الغالب لا تتجاوز تلك الإجراءات أسبوعاً واحداً وهذه مدة قصيرة نظراً لخطورة وحساسية الشكوى- من جهة- التي تستدعي التحقيق والتدقيق في فحصها والتصرف فيها، ومن جهةٍ أخرى، فإن الهيئة تستقبل كماً هائلاً من الشكاوى، ولهذا لا يمكن القول إن هناك بطءاً في فحص الشكاوى ومعالجتها، بل على العكس من ذلك لا تتوقف الهيئة _بجميع كوادرها_ عن بذل الجهود اللازمة لإنجاز الشكاوى، وكثيراً ما يتدخل رئيس الهيئة ونائبه وبشكل يومي في معالجة عشرات الشكاوى رغم وجود دائرة مختصة بشؤون الشكاوى يعمل فيها عدد من القضاة الذين لا يتوقفون عن فحص ودراسة ومعالجة الشكاوى، أما ما يتعلق بعدم اتخاذ أي إجراء قانوني بشأن الشكاوى، فهذا كلام عارٍ عن الصحة، فخلال النصف الأول من هذا العام تم معالجة(1026) شكوى، والعام الماضي تم معالجة (1700) شكوى منها (825) شكوى تم معالجتها بتحرير مذكرات بشأنها إلى المحاكم المختصة أو القضاة المعنيين و(22) شكوى تم إجراء تفتيش ميداني لبحثها و(856) شكوى تمت معالجتها بالتواصل الهاتفي أو بإرشاد الشاكين إلى سلوك الطرق القانونية، أما إجراءات الهيئة بشأن الشكاوى فتبدأ باستقبالها في إدارة استقبال وفحص الشكاوى في خدمة الجمهور فإذا استوفت الشروط اللازمة قانوناً يتم إحالتها إلى رئيس دائرة الشكاوى الذي يوزعها على أعضاء الدائرة الذين يقومون بدراستها ويعيدون رفعها إلى رئيس الدائرة الذي يُعلق على الدراسات ويرفعها إلى رئيس الهيئة أو نائبه لإقرار الرأي النهائي الذي بموجبه يتم التصرف في الشكوى، ويكون التصرف بعدد من الإجراءات إما بتحرير مذكرة للمحكمة المعنية للمعالجة أو الرد على الشكوى أو تكليف مفتش لتحقيق الشكوى ميدانياً أو إحالة الشكوى إلى دائرة التحقيق والدعاوى التأديبية لاستدعاء القاضي المشكو به والتحقيق معه بشأنها أو معالجتها بالتواصل الهاتفي أو إرشاد الشاكي إلى حقه في سلوك الطريق القانوني، وقد يتم حفظ الشكوى _مؤقتاً أو دائماً_ إذا تبين للهيئة عدم صحة الشكوى أو عدم استكمال شروطها القانونية.
• ماذا عن قرارات العزل والمحاسبة التي تتخذونها في مجلس القضاء الأعلى في المخالفات المسلكية لبعض القضاة والتي تتم بناءً على الرفع من التفتيش القضائي؟
– في هذا الصدد نود الإشارة إلى أنه وخلال النصف الأول من هذا العام قامت الهيئة بتحرير (63) استدعاءً لقضاة للحضور للهيئة وقامت بالتحقيق مع (33) قاضياً ورفعت إلى مجلس القضاء الأعلى بـ(29) دعوى تأديبية وترافعت أمام مجلس المحاسبة في (6) دعاوى تأديبية، وخلال العام المنصرم تم تحرير (167) استدعاءً لقضاة للحضور إلى الهيئة منها (25)للحضور أمام المجلس بالإضافة إلى التحقيق مع (47) قاضياً والرفع إلى المجلس بنتائج التحقيق في (24) قضية والرفع إلى مجلس المحاسبة بعدد (5) دعاوى تأديبية، وهنا تظهر الإجراءات المتواصلة التي تتخذها الهيئة في مساءلة القضاة المخالفين للقانون، ويتوقف دور الهيئة عند تلك الإجراءات، أما قرارات المحاسبة والعزل فهي من اختصاص مجلس القضاء الأعلى، متى ما اقتنع بالأدلة والاثباتات التي تقدمها الهيئة وتضمنها الدعاوى التأديبية المرفوعة إليه، وقد أصدر المجلس كثيراً منها.
• هل يعتمد التفتيش القضائي على خطط للنزول الميداني إلى المحاكم والقضاة من فترة إلى أخرى، أم أن هناك تفتيش دائماً ومستمراً لضبط مسار التقاضي؟
– لا يوجد تفتيش دون خطط مدروسة وموضوعة له، سواءً كان تفتيشاً دورياً لتقييم كفاءة القضاة أو كان تفتيشاً مفاجئاً عاماً أو تفتيشاً مفاجئاً مستمراً، حيث تقوم الهيئة بوضع الخطط التفتيشية أولاً ومن ثم يتم تنفيذها، وتلك الخطط تشمل أهداف التفتيش وآلية تنفيذها والمحاكم المستهدفة بالتفتيش وعدد لجان التفتيش وفترة تنفيذ المهام التفتيشية، وعادةً ما يتم عرض الخطط على مجلس القضاء الأعلى للموافقة عليها، وبعد إقرارها يتم تنفيذها ميدانياً ومن ثم الرفع بتقارير بنتائجها، ليتم بعد ذلك تنفيذ مخرجات التفتيش، ومن كل ذلك يتحقق هدف التفتيش وثمرته في تقييم عمل القضاة وتقويم العمل في المحاكم والارتقاء بالأداء القضائي، وتتمثل أهم مخرجات التفتيش في الرفع إلى مجلس القضاء الأعلى بأهم نتائج التفتيش وتوجيه مذكرات إلى وزير العدل والنائب العام والمحاكم بنتائج التفتيش المتعلقة بهم، وإحالة بعض القضاة إلى التحقيق بشأن مخالفات أظهرتها نتائج التفتيش، وتوجيه مذكرات إلى القضاة بالملاحظات التي أظهرتها نتائج التفتيش للعمل على تلافيها، وما يجدر الإشارة إليه هنا، هو أن بعض المهام التفتيشية المفاجئة لا تستدعي وضع خطط لها وتحديداً التفتيش لتحقيق شكاوى المواطنين ميدانياً وبعض مهام التفتيش المفاجئة الخاصة، حيث تقوم الهيئة بإجراء تفتيش مفاجئ عاجل على محكمة معينة بهدف تحقيق شكوى محددة أو تنفيذ مهمة خاصة وهذا لا يستدعي وضع خطة للتفتيش بقدر ما يستلزم تنفيذ المهمة بسرعة.
• ما نوع وأبرز المخالفات المسلكية والقانونية والإدارية والإجرائية التي توجد وتتكرر في كل محكمة من خلال عملكم؟
– هناك عدد من المخالفات تتكرر في المحاكم منها عدم عقد جلسات المحاكمة في مواعيدها والتطويل في إجراءات التقاضي أو إجراءات التنفيذ والتأخر في تسليم ملفات القضايا بعد الانتقال من محاكم إلى محاكم أخرى وغير ذلك، وهذه المخالفات وغيرها تمثل ظواهر سلبية تحاول الهيئة معالجتها من خلال التفتيش الميداني وإصدار التعاميم اللازمة وتوجيه المخاطبات والمذكرات، هذا فضلاً عن اتخاذ الإجراءات القانونية بحق القضاة المخالفين التي قد تصل إلى رفع الدعاوى التأديبية بحقهم.
• هناك من يشكو من عملية التطويل في نظر القضايا لدى القضاة، هل من سبب رئيسي؟ وهل يوجد ضوابط زمنية بحيث تكون القضايا لها حدود زمنية في تقريب مراحل التقاضي؟ وماهي القضايا التي تحتاج إلى تزمين دون إضرار بالعدالة؟
– مشكلة التطويل في إجراءات نظر القضايا وتعثر عدد منها تعتبر المشكلة الرئيسة التي تواجه السلطة القضائية عموماً وهيئة التفتيش القضائي على وجه الخصوص، وأسباب التطويل والتعثر عديدة منها: الأسباب التشريعية المتمثلة في قصور بعض المواد القانونية _خاصةً الإجرائية_ التي من شأن العمل بها إطالة أمد المنازعات أمام القضاء، ومنها الأسباب البشرية سواءً التي تعود إلى الكادر القضائي أو الإداري أو حتى المحامين، بل والمواطنين المتخاصمين في كثير من الأحيان، ومنها الأسباب المادية المتمثلة بعدم توفر الإمكانيات والبنية التحية اللازمة لعمل القضاء وسرعة إنجاز القضايا، وقد عملت الهيئة جاهدةً_وماتزال وستظل_ لمواجهة هذا الإشكالية وتحقيق العدالة الناجزة وسرعة الفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها، ومن أهم ما قامت به الهيئة في هذا الصدد الدفع بقوة نحو تعديل عدد من مواد قانون المرافعات والتنفيذ المدني وبما من شأنه جعل إجراءات نظر القضايا أكثر سرعة وقد تحقق هذا بالفعل حيث صدر القانون رقم (1) لسنة 2021م بتعديل بعض مواد القانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني ويشمل التعديل (19) مادة وحذف (3) مواد وإضافة مادة واحدة، وبالإضافة إلى ذلك تُنفذ الهيئة المهام التفتيشية المستمرة الهادفة إلى تتبع القضايا المتعثرة والعمل على تحريك إجراءاتها والفصل فيها، هذا فضلاً عن إصدار التعاميم المتوالية التي تحث القضاة على سرعة إنجاز القضايا، وبالنسبة لما يتعلق بتزمين القضايا فهو موضوع محل دراسة، علماً أنه من الصعوبة وضع ضوابط زمنية لنظر القضايا والبت فيها، فبعض القضايا تحتاج فقط إلى جلسة واحدة أو جلستين للفصل فيها بينما بعض القضايا تحتاج إلى أكثر من ذلك، وما قد يُنظر ويُفصل فيه بسرعة في ظل ظروف معينة قد يحتاج إلى وقت أكبر في ظل ظروف أخرى.
• أثناء تواجدنا خلال الأيام الماضية في مبنى مجلس القضاء الأعلى والوزارة والهيئة سمعنا شكاوى عديدة عن قضاة استلموا أموالاً من المواطنين في قضايا بيع وشراء وعدم إعادة المبالغ للمواطنين، ماهي إجراءات الهيئة في مثل هذه القضايا؟ ولماذا يسمح للقاضي في الخروج عن مهنته لممارسة أعمال أخرى؟
– بالنسبة لهذا الموضوع _الذي هو خارج نطاق العمل القضائي_ فقد تلقت الهيئة من قطاع المحاكم والتوثيق بوزارة العدل عدد(68) شكوى ضد عدد من القضاة بشأن ما نسب إليهم من مخالفات تتعلق بكتابة محررات معظمها متعلقة ببيع وشراء عقارات، وهي تمثل مسلكاً للقاضي يلزم التحقق منه، وقد قامت الهيئة بقيد تلك الشكاوى وفحصها ودراستها وقد كانت نتائج الدراسات كما يلي: إحالة (20) شكوى متعلقة بـ(9) قضاة إلى دائرة التحقيق والدعاوى التأديبية وقد تم رفع دعاوى تأديبية ضد (5) قضاة منهم، ورفع (26) شكوى متعلقة بـ(7) قضاة إلى مجلس القضاء الأعلى لإحالتها إلى المحكمة العليا كون المشكو بهم أعضاءً فيها، وإعادة (12) شكوى متعلقة بـ (10) مشكو بهم إلى قطاع المحاكم والتوثيق بالوزارة كون المشكو بهم ليسوا قضاةً، وحفظ (10) شكاوى متعلقة بـ(8) قضاة لعدم وجود مخالفة، وأما ما يتعلق بممارسة القضاة لأعمال أخرى لاتتناسب مع عمل القاضي فهو أمر قد حسمه القانون ولا يُسمح لهم بذلك، ولم يحصل هذا وإذا حصل فإن الهيئة ستقوم باتخاذ الإجراءات القانونية في حق كل قاضٍ يمارس أي مهنة غير لائقة ولا تتوافق مع رسالة القضاة تنفيذاً لنص المادة (81)من قانون السلطة القضائية التي تقضي بأنه: “يُحظر على القضاة مزاولة التجارة ولا يجوز الجمع بين وظيفة القضاء وأي وظيفة أخرى أو أي عمل لا يتفق مع واجبات القاضي واستقلال وكرامة القضاة”.
• لماذا لا ترفع السرية عن إجراءات المحاسبة الخاصة بالقضاة ونشر أسماء أولئك الذين صدرت بحقهم قرارات بالعزل أو رفع الحصانة عنهم خاصة الذين ارتكبوا مخالفات جسيمة أو أخلوا بأعمالهم؟
– الأمر يرجع إلى مجلس القضاء الأعلى، وبالنسبة للهيئة فإنها ترفع الدعوى التأديبية بذكر اسم القاضي وبياناته كاملةً، ولعل المجلس يرى أن الهدف مُتحقِق بمعاقبة القاضي المخالف وإعلان ذلك للعامة مع المحافظة على خصوصيته كونه قاضياً، وعلى كل حال لا يمنع بالنسبة للهيئة من نشر أسماء الذين صدرت بحقهم عقوبات تأديبية وفقاً لآلية يقرها المجلس في إطار القانون، ويظل الأمر متروكاً للمجلس.
• خلال زيارتنا لكثير من المحاكم لاحظنا أن القاضي الواحد يعقد ما بين 17 – 36 جلسة في اليوم الواحد، ألا تعتقد أن هذا عدد كبير جداً وعبء على القاضي، يسبب تضييع الحقوق ولا يستطيع القاضي دراسة ملف القضية بتمعن، مما يتسبب في إصدار أحكام غير دقيقة، وهل يفهم أن الذي يهمكم كم أنجز القاضي من القضايا دون مراعاة للجوانب الأخرى؟
– تعمل الهيئة على متابعة المحاكم والقضاة فيما يتعلق بتحديد عدد القضايا المنظورة في كل جلسة، بحيث يتحقق التناسب لدى كل قاضٍ بين عدد القضايا المعروضة عليه وعدد القضايا المنظورة في كل جلسة، فإذا كان عدد القضايا المعروضة على القاضي كبيراً فلا بد أن ينظر في كل جلسة عدداً يتناسب مع المعروض وإلا لتراكمت لديه القضايا، ولكن هذا لا يعني أن يكون العدد المنظور في كل جلسة كبيراً جداً، لأن هذا سيؤدي إلى اتخاذ إجراءات على عجل ومن ثم إصدار قرارات غير دقيقة، ولهذا تحث الهيئة القضاة باستمرار من خلال عمليات التفتيش والتعاميم والمذكرات للعمل على حسن جدولة القضايا المعروضة عليهم لأن ذلك من أهم العوامل المساعدة على جودة الأداء، وينعكس إيجاباً على إجراءات التقاضي وسير العدالة بشكل عام، فالهيئة تهتم بإنجاز القضايا كيفاً وكمّاً وذلك لن يكون إلا بتحديد العدد المناسب في كل جلسة، بالإضافة إلى عقد الجلسات في مواعيدها وفي وقت مبكر وبما من شأنه الارتقاء بالأداء القضائي.
•كيف نجد القاضي العادل النزيه الذي يخافه القوي الظالم ويأمنه الضعيف المظلوم، ممكن تحدثونا باختصار عن الآلية المتبعة في اختيار القضاة الأكفاء النزيهين؟ وما الذي يمكن أن تقوله عن بقية محاور العدالة التي لا تقل شأناً عن عنصر وشخص القاضي؟
– اختيار القضاة من مهام واختصاص المعهد العالي للقضاء، وعلى كل حال فقد نظم القانون كيفية تعيين القضاة ووضع الآلية المتبعة في اختيارهم، ونظراً لكون القاضي يحمل على كاهله رسالة تحقيق العدالة بين الناس وهي رسالة تنوء بحملها الجبال، فإن إجراءات اختياره وتعيينه طويلة وكثيرة وصعبة، فلا بد أولاً في من يتقدم ليكون عضواً في السلطة القضائية توفر العديد من الشروط التي حددها القانون، فإذا استوفاها _وقليل هم الذين يستوفونها_ يُعرض المتقدمون على الفحص الطبي الشامل، ثم يخضعون لامتحانات تحريرية صعبة والناجحون فيها لابد أن يجتازوا امتحانات أخرى شفوية ليست باليسيرة، ليواجهوا بعد ذلك لجنة القبول في مقابلة شخصية مع قيادات السلطة القضائية، ولا يعني اجتياز كل ذلك أن يصبح المتقدم قاضياً، إذ يدخل المعهد العالي للقضاء للدراسة ثلاثة أعوام كاملةً _بدرجة إدارية_ ليحصل على دبلوم في الشريعة الإسلامية ودبلومين آخرين في القانونين العام والخاص وذلك تحت إشراف علماء وقضاة وأساتذة من خيرة المعلمين، وبعد التخرج من المعهد العالي للقضاء يحصل الناجحون المتخرجون على درجة قضائية لكنهم لا يمنحون الولاية القضائية كقضاة حكم إلا بعد التدرب عامين أحدهما في النيابة العامة والآخر في المحاكم، ويُعد القاضي هو المحور الأساسي لتحقيق العدالة ويُوجد إلى جانبه محاور أخرى متمثلة في أعضاء النيابة العامة والكادر الإداري المؤهل والنزيه، بالإضافة إلى القوانين المنبثقة من الشريعة الإسلامية، ويعتبر الجانب المادي أحد محاور العدالة، إذ صار من الضرورة بمكان توفير البنية التحتية اللازمة للقضاء من مبان وأجهزة وأثاث وأدوات عمل وغير ذلك.
• سمعنا أن الهيئة لديها خطط لتخصيص قاض مفتش لكل محافظة وهناك بعض التعاميم والأدلة القضائية التي تصدر عن الهيئة؟ هل لكم أن تطلعوا القارئ والمتابع على ذلك؟
– نظراً لما تقتضيه المصلحة العامة وفي سبيل تحقيق العدالة الناجزة من خلال تسهيل الإجراءات ومتابعة سير العمل في المحاكم عن كثب وتسريع إجراءات نظر القضايا المتعثرة وضعت الهيئة خطة متمثلة في تكليف عضو تفتيش قضائي في كل محافظة، بهدف تعزيز التفتيش القضائي في المحافظات وتقريب العدالة للمواطنين ومتابعة إنجاز القضايا المتأخرة والمتعثرة ومراقبة سير العمل في المحاكم ومعالجة أي صعوبات أو معوقات ومساعدة رؤساء المحاكم الاستئنافية والابتدائية على تفعيل دورهم الرقابي وإعداد ورفع تقارير شهرية وفقاً للنماذج المعدة من الهيئة وتنفيذ مخرجاتها بعد موافقة الهيئة عليها، وقد كلفت الهيئة (12) لجنة تفتيشية _بالتنسيق مع الوزارة_ للقيام بالمهمة في أمانة العاصمة و(13) محافظة، وتم تدشين هذه التجربة التفتيشية الفريدة فعلاً ابتداءً من يوم السبت 4/صفر/1443هـ الموافق 11 /9/ 2021م، وتتوقع الهيئة نتائج مثمرةً لهذه الفكرة الجديدة من التفتيش المفاجئ التي ستسهم _بمشيئة الله تعالى_ في تحسين الأداء القضائي والارتقاء به، وبالنسبة للتعاميم القضائية فتكاد الهيئة لا تتوقف عن إصدارها وبما من شأنه التيسير على القضاة في أداء مهامهم وتوحيد المفاهيم القانونية، ويكفي القول إن الهيئة خلال الفترة الماضية من هذا العام أصدرت أكثر من (50) تعميماً نوعياً مختلفاً، وأصدرت خلال العام الماضي أكثر من (70) تعميماً، وهي الآن بصدد إصدار كتاب يشمل التعاميم الصادرة عن الهيئة خلال الفترة من 1434هـ/2013م إلى 1443هـ/2021م، ليسهل الرجوع إليها ومن ثم العمل بها وتكون في متناول القضاة والعاملين في السلطة القضائية وغيرهم من الباحثين والمهتمين بالشأن القضائي والقانوني، أما الأدلة القضائية فقد تم مؤخراً إنجاز عدد منها وهي دليل حركة الدعاوى والطعون، ودليل إجراءات قضايا الأمور المستعجلة، ودليل تصنيف الدعاوي، ودليل إجراءات التنفيذ، بالإضافة إلى دراسة تطوير الإحصاء القضائي والخارطة القضائية المكانية والنوعية وغير ذلك.
• ماهي المعوقات والصعوبات التي تواجه هيئة التفتيش القضائي وبحاجة إلى حل، سواء كانت قانونية أو إدارية أو مالية أو غيرها من الأمور؟
– لا يخلو عمل من المعوقات والصعوبات، وتواجه الهيئة العديد منها، أهمها: نقص الكادر البشري من قضاة وموظفين إداريين وعدم كفاية مقر الهيئة الحالي لجميع دوائرها وإداراتها المختلفة، وحاجة العاملين في السلطة القضائية الماسة إلى توفير الراتب كاملاً، وعدم تفعيل العمل بالأنظمة الإلكترونية في جميع المحاكم (الأتمتة)، بالإضافة إلى قلة النفقات المالية التشغيلية للهيئة، ولكن ورغم كل الصعوبات والمعوقات ما تزال الهيئة وستظل تعمل على مراقبة الأداء القضائي وتسعى إلى الارتقاء به، بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه.
• ماذا تريدون قوله في نهاية هذا اللقاء؟
– أشكركم على إتاحة الفرصة لنا لتوضيح دور الهيئة وإنجازاتها والإجابة على التساؤلات التي يثيرها الإعلاميون وغيرهم من المواطنين، سائلين الله تعالى التوفيق والسداد لنا ولكم ولكل قاضٍ نزيه كفء يحمل رسالة العدالة ويسعى إلى إقامة الحق والقسط.