أغلب نزيلات المستشفيات النفسية من النساء المتعاطيات للقات
تضييق المجاري الكبدية وفقدان الشهية من أبرز الأعراض عند الأطفال المواليد
رغم الآثار الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن تناول القات على الشخص والأسرة والمجتمع إلا أن ثقافة اللامبالاة واللامسئولية لازالت راسخة في ثقافتنا نحن كيمنيين.. ورغم معرفة متناولي القات بأضرار هذه الشجرة على الإنسان إلا أنهم يواصلون تناولها ومضغها كوجبة يومية رئيسية لا يتم اليوم إلا بها.
في هذا التحقيق نحاول لفت الانتباه إلى أضرار القات على صحة الأم والطفل الحلقة الأضعف التي تتلقى صفعات الأضرار الخطيرة في صمت مطبق من الجميع..
لشجرة القات آثار سلبية كثيرة خصوصاٍ على النساء الحوامل فقد يؤثر تناول القات على المشيمة فيؤدي إلى إضعافها وسوء التغذية للأم الحامل والأرق خصوصاٍ خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل والتي تعتبر من أهم مراحل فترة التكوين ويكون فيها الجنين شديد الحساسية ويتأثر بشكل كبير بالمواد الغريبة الضارة التي تسري في دم الأم وتنتقل عبر المشيمة إلى الجنين ومن هذه المواد الأدوية والسموم الضارة والقات بما يحمله من مخاطر جمة .. ويستمر تأثير الجنين بالمواد الضارة خلال المرحلتين الثانية والثالثة من الحمل لكن بدرجة أقل من المرحلة الأولى.
ولتناول القات أضرار مباشرة على النساء الحوامل والأطفال الرضع فهو ينبه الجهاز العصبي المركزي ويعمل بمفعول عكسي في علاج الحركية الزائدة عند الأطفال الذين يعانون من عطب في المخ كما يعمل على فقدان الشهية وتخفيف الوزن.
مواد ضارة
ويشير الأطباء بأصابع الاتهام إلى المواد الأمفيتامينية الشبيهة بالمواد القلوية الداخلة ضمن مكونات أوراق القات التي يقولون بأن لها دوراٍ في تشويه الأجنة.. حيث تشير بعض التقارير العلمية إلى احتمال تورط بعض هذه المركبات في إحداث عيوب خلقية كتضييق المجاري الكبدية والصفراوية عند مواليد بعض النسوة اللاتي يتعاطين القات أثناء فترة الحمل.
كما يسبب تعاطي القات للمرأة الحامل سوء التغذية مما يؤثر سلباٍ على النمو الطبيعي للجنين ويؤدي إلى آثار جانبية في الأم والطفل على حد سواء..
قائمة أخرى من الأضرار يتحدث عنها المختصون أبرزها: احتمال إصابة الأم الحامل بنقص الوزن مع فقر الدم وحدوث الإسقاط أو الولادة المبكرة وتسمم الحمل أو نزيف مفاجئ وعدم تقلص الرحم أثناء وبعد الولادة ونزيف بعد الولادة ونقص الكالسيوم في العظام مع تسوس الأسنان إلى جانب نقص في كمية وفائدة حليب الأم المرضع ونقص في المقاومة ضد الأمراض.
ليس هذا فحسب بل ينوه الأطباء في المجال ذاته إلى أن القات له تأثير على الجنين حيث يؤدي إلى نقص في الوزن الطبيعي وبطء في النمو ولين العظم مع تسوس الأسنان وفقر الدم إلى جانب ضعف المقاومة ضد الأمراض.. كما تصاب بعض النسوة بالتسمم الحملي أثناء فترة الحمل أو خلال الأسبوع الأخير من الحمل فيحدث ارتفاع في ضغط الدم وتكون تجمعات مائية بين الأنسجة وزيادة في إفراز المواد البروتينية عبر البول حيث تتعطل وظيفة الكلى نسبياٍ.. كما تزداد نسبة الإمساك أثناء الحمل نتيجة فقدان الشهية وسوءاٍ التغذية.. وفي نفس الاتجاه يؤثر القات أيضاٍ في الرضاعة الطبيعية فقد يْحدث سوءاٍ في التغذية ويعمل على تقليل إدرار الحليب عند المرضع.
ويركز الأطباء بدرجة رئيسية على المبيدات التي تستخدم في رش القات ويقولون إنها تسبب السرطان وكلما زادت نسبة التلوث كلما زاد احتمال الإصابة بالعلل السرطانية.. كما أن النساء الحوامل اللواتي يمضغن أغصان القات وأوراقه الملوثة ببقايا بسيطة من المبيدات والنساء الحوامل اللاتي يشتغلن في الزراعة يحتمل أن يسبب لهن القات بعض العاهات الخلقية عند المواليد كالشفة الأرنبية والحنك المفلوق والفعل التشويهي الخلقي للمبيدات على أجنة البشر إلى جانب اضطرابات شديدة في الهضم ونزلات معوية وقرحة في المعدة.
ضعف الوعي
وتفيد دراسة حديثة نْفذت في ثلاث محافظات يمنية أن الأطفال العاملين في مزارع القات وخصوصاٍ المتعاملين مع المبيدات يتعرضون لأمراض العمى والتهابات الجلد بسبب قلة الوعي في استخدام هذه المبيدات. ويتركز 83 في المائة من عمل الأولاد في المجال الزراعي وخصوصا زراعة القات حيث يعملون في إطار الأسرة وبموافقتها.
وأظهرت دراسات طبية حديثة أن معظم حالات السرطان التي يْصاب بها الأطفال في اليمن تأتي بسبب مباشر عن طريق الاعتماد على هؤلاء الأطفال في رش أشجار القات بأنواع قاتلة من السموم والمبيدات ولا تقتصر الإصابة على من يقوم برش السموم والمبيدات على أشجار القات أو من يتعاطونه بل تمتد إلى الأطفال الرضع والأجنة في بطون أمهاتهم.
وتؤكد الإحصائيات وجود أكثر من 700 نوع من السموم والمبيدات في السوق اليمنية يستخدم معظمها لرش أشجار القات بالإضافة إلى استيراد الكثير من هذه السموم والمبيدات وتظل الأسباب الرئيسية المرتبطة بتوسع انتشار مرض السرطان في اليمن ذات علاقة وطيدة بسموم المبيدات التي تستخدم في القات.
وتعتبر مشكلة تداول المبيدات عن طريق بيعها بشكل طبيعي واستخدامها من قبل المزارعين بطرق غير علمية من أبرز الأخطار التي تْهدد بتوسع انتشار الأورام السرطانية الخبيثة.
ظاهرة سلبية
الحاج عبد الواسع هائل سعيد رئيس مؤسسة “يمن بلا قات” اعتبر أن القات هو ظاهرة من الظواهر السلبية التي ساهمت في إعاقة الكثير من الخطط لدى الحكومة ودعا إلى الجلوس لدراسة آلية للحد من انتشار ظاهرة القات.
الدكتور حميد زياد -الأمين العام لمؤسسة يمن بلا قات- أشار إلى أن للقات آثاراٍ سلبية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والصحي والنفسي وعلى الأسرة والمجتمع ككل حيث ينفق اليمنيون مليارات الدولارات سنوياٍ.
وأضاف الدكتور زياد أن أضرار القات على الأم والطفل كثيرة جداٍ.. مشيراٍ إلى أن مستشفيات الأمراض النفسية تعج بحالات متنوعة من الأمراض التي كان للقات دور رئيسي في الإصابة بها وخاصة عند الشباب.
سوء التغذية
الدكتورة ملاك مساوى -مديرة الصحة الإنجابية بمحافظة لحج- أكدت أن هناك العديد من الدراسات والبحوث تؤكد على وجود العديد من الأضرار الصحية على الأم والطفل حيث يقل وزن الأم وجنينها إضافة إلى سوء التغذية أثناء فترة الحمل وبعدها وخاصة في المحافظات التي ينتشر فيها تناول القات لدى الأمهات خاصة في الأرياف كما أن هناك شكوكاٍ غير مدعمة بالدراسات حول أن القات له تأثير على نمو الجنين وسلامته وظهور التشوهات الخلقية والإعاقات الذهنية بسبب السموم والمبيدات المستخدمة في رش القات وظهور الطفرات الجينية السرطانية في الأجنة.
مواد سامة
من جانبها قالت زعفران الحدي منسقة برنامج التغذية في محافظة الجوف: إن للقات أضراراٍ كبيرة على صحة الأم والطفل وأشارت إلى أن محافظتي الجوف وشبوة لا تعاني من ظاهرة تناول النساء للقات كما في المحافظات الجبلية والتي يْزرع فيها القات وتتسع زراعته يوماٍ بعد يوم في تلك المناطق مما يؤدي إلى تفاقم زيادة أعداد النساء المتناولات للقات فيها ولما لذلك من تأثير حيث تنتقل هذه المواد السمية إلى الطفل عبر المشيمة «وذلك غير مثبت بدراسة».
محاولات
محمد الأموي -مدير مؤسسة “يمن بلا قات”- أوضح أن المؤسسة تقدم العديد من البرامج التوعوية المختلفة التي تهدف إلى الحد من تفاقم مشكلة تناول القات وفي مقدمة ذلك البرامج التوعوية للأمهات والمدارس حول أضرار القات وآثاره على صحة الأم والجنين والطفل المختلفة في المحاضرات التوعوية والنشرات المختلفة والدورات التثقيفية.