د. إسماعيل النجار
الفلسفة تعني حب الحكمة والفيلسوف يهتم بالتساؤلات الإنسانية المتعلقة بالأسس المعرفية العلمية للكون والإنسان بعيدا عن القيود العقلية أو البرغماتية وبالمعنى التقليدي يعرف الفيلسوف بشخص عاش الحياة بطريقة معينة ويركز على حل الأسئلة الوجودية عن حالة الإنسان وليس كل شخص يناقش أو يتحدث عن نظريات أو يعلق على كتاب فيلسوف، فالفيلسوف مثقف ساهم في فرع أو أكثر من فروع الفلسفة مثل علم الجماليات والأخلاق ونظريات المعرفة والمنطق والميتافيزيقية ( الغيبيات) والنظريات الاجتماعية والفلسفة السياسية وقد يكون واحدا من الذين ساهموا في العلوم الإنسانية والطبيعية الأخرى التي ابتعدت أو انفصلت عن الفلسفة مثل الفنون والتاريخ والاقتصاد وعلم الاجتماع والنفس واللسانيات واللاهوت وتطور مفهوم الفيلسوف والفلسفة على مراحل رافقها تغيرات في الميل الطبيعي للعقل الفلسفي الذي يقود لتفسير القوانين الموضوعية للكون ( السنن الإلهية للكون) وتجريد النظريات وتحليل التغيرات التاريخية اعتمادا على المنهج الفلسفي في الحياة واهتمت الفلسفة بأسلوب الحياة والمواد النظرية والمنطقية ونشأت الحاجة الاجتماعية ليتطور علم الفلسفة إلى جامعات وكليات وأقسام للدراسات الفلسفية ووجد متخصصون لتدريس الطلاب ليصبحوا متخصصين في المستقبل وخلفاً لهيئة التدريس، ويستمر منهاج الفلسفة في جميع الدراسات والبيانات والمعلومات المرتبطة بالعلم وجميعها تهتم بمناقشة الجديد والاستفاضة في الجانب المعرفي، وما أجمل أن يصبح الإنسان فيلسوفاً بما يمتلك من صفات شخصيه تؤهله للدراسات الفلسفية ويوصف بالحكمة وهي أساس الفلسفة فالإنسان الحكيم هو الأقدر على التعامل في جميع الظروف المحيطة ويتأقلم معها ويستوعب المواقف التي تحصل من خلال اكتسابه وتمرسه وتجاربه التي خاضها في الحياة وأكسبته خبرة وأدت لجعله حكيماً ،وطريقة الحوار تعكس فلسفة الشخص في التعامل مع الآخرين، فعندما يكون الحوار هادئا ومحترما ومستوعبا آراء الآخرين المختلفة عن رأيه الشخصي عندها يتمكن من الحوار بأسلوب فني، ويتمتع الفيلسوف بالقدرة على الإقناع بأفكاره وان لم يقتنعوا بها منذ البداية بإمكانه جعلهم يتقبلوها حتى وإن لم يعملوا بها كمنهاج ويتحدث الفيلسوف بلغة أو بكلام سهل ويتمتع بحسن الخلق ويكسب ود واحترام الآخرين ويستمتع بفلسفته كما أن للفيلسوف بديهة سريعة للتعامل مع المواقف المختلفة التي يقابلها، ومهما حاول بعض الأشخاص إيقاعه في بعض المواقف والحوارات الجدلية فهو قادر على الحوار والتحليل دون تلعثم أثناء حديثه ولا يصر على رأيه وتقوم الفلسفة على دراسة بعض الأمور والعلوم التي ارتبطت بها بشكل مباشر ويدركها الشخص ويختص بإحداها حتى يصبح فيلسوفاً كعلم ما وراء الكون ودراسة طبيعة الأشياء وعلاقتها بالواقع وخصوصا الموجودات المرتبطة بالواقع الإنساني أو الكوني ويركز على دراسة المادة وربطها بالحياة ويهتم بدراسة منطقية الأمور العقلانية والحكم على الأشياء وفق العقل باستخدام البراهين والحجج التي توصل إلى نتائج مقنعة، وللقيم وتأثير اللغات والتقاليد والموروثات الأخلاقية التي عاش وتربى عليها الإنسان دور في مساعدته على التميز بين الخير والشر وتحدد المعارف العلمية وتمكن الفيلسوف من تكوينه الفكري وتشذب قيمه وطبائعه وعلاقته مع الناس وإيمانه وفلسفته تجاه علم الجمال والدين والعلم ليتمكن من قياس الإبداع الجمالي الموجود في الواقع أو الحياة من خلال دارسة المشاعر والأفكار ضمن مضامين الأدب، وتهتم فلسفة الدين بتحليل المعرفة الدينية والأدلة والبراهين والمعتقدات التي تقوم عليها، وتؤدي فلسفة العلم بربط العلوم بالفلسفة وتفسير الظواهر المختلفة للعلوم ومحاكاتها على الواقع وإذا دخلة الفلسفة في المضمون الأدبي أعطت النصوص الأدبية الحكمة والجمال ليوصف الأدب بمضمونه الفلسفي، ومن أشهر الأدباء ذوي المضمون الفلسفي الأدبي أبو العلاء المعري وابن تلميذ وابن الخطيب إلخ ..ولقب أبو العلاء المعري قديما وحديثا بشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء وله نظرته الفلسفية للدنيا ووصفها بالقاتمة والسوداوية وأوسعها ذما ولوما وزهد فيها وحث على اجتنابها بقوله: سكنت إلى الدنيا فلما عرفتها …. تمنيت أني لست فيها بساكن
وفي بيت آخر يصف فلسفته تجاه الحياة والموت :
رب لحد قد صار لحداً مرارا ضاحكا من تزاحم الأضداد
وهكذا ليس هناك من أدب ذات مضمون فلسفي إلا وزاده جمالا وحكمة.