لا يتصور عاقل درجة الانحراف الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية جراء نزؤ بني أمية على السلطة بدا بتحويلها إلى ملك عضوض وتأسيسهم قواعد الفرقة بين المسلمين من خلال التمايز في العطاء بين القرشي والأنصاري بل وفي الولاء بين العربي والأعجمي.
ناهيك عن الفساد المالي الذي أوصل بني أمية إلى المرتبة الأولى في الثراء الفاحش ويليهم أولئك المخدوعون ممن آثاروا طاعة اللئام على طاعة الكرام.
استجابة لشهوة المال الفتون وحب الجاه الزائل الذي أفسد دينهم وأورثهم العار إلى يوم الحساب.
كيف لا وهم من أوصلوا بني أمية إلى سدرة الحكم يوم أن أقصوا علي بن أبي طالب عليهم السلام وهم من سمحوا لمعاوية بن أبي سفيان أن يثقف أهل الشام بثقافة الشيطان حتى أوصل عامتهم إلى أن لا يفرقوا بين الناقة والجمل، في مجتمع هذا حاله استطاع هشام بن عبدالملك الخليفة الأموي الفاسد أن يجاهر بالدفاع عن يهودي في مجلسه قد نال من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالسب فلم يغير عليه احد من الحاضرين في مجلس هشام غير الإمام زيد بن علي عليهم السلام الذي همّ بقتل اليهودي فدافع عنه هشام بن عبدالملك قائلا لا تؤذي جليسنا يا زيد وكان مجلس هشام يتزاحم فيه أهل الشام ممن أضاعوا إسلامهم بتولي بني أمية الرضوخ لحكمهم.
وكان قد قدم الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام إلى الشام لكي يعرض على هشام بن عبدالملك سوء معاملة ولاته للرعية فعندما علم هشام بقدوم الإمام زيد بن علي عليهم السلام والتفاف الناس حوله لما يسمعون منه من كلام ينم عن غزارة علمه وحسن أخلاقه تجاهل هشام الإمام ولم يسمح له بمقابلته إلا بعد أن استشار احد غلمانه كيف يعمل فقال له ائذن له بالدخول بعد أن يكتظ مجلسك بالناس فلا يجد الإمام زيد مكانا للجلوس واذا سلم عليك فلا ترد عليه الاسلام فذلك ادعى أن يراه أهل الشام فلا يحترمونه بعدها. ففعل هشام ما أشار عليه غلامه ولكن الأمر اختلف فما أن تجاهل رد السلام حتى دار حوار بين الإمام زيد بن علي عليهم السلام وبين الأحول الذميم هشام بن عبدالملك افحم فيه الإمام زيد بن علي عليهم السلام هشام بن عبدالملك في مجلسه فما كان منه إلا أن أمر غلمانه بإخراج الإمام زيد من مجلسه فخرج وهو يقول ما كره قوم حر السيوف إلا ذلوا واظهر الإمام الأعظم زيد بن علي عليهم السلام مدى اتصاله بالقرآن الكريم حيث قال: والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت.
ومدى ثقته بالله وحبه للشهادة في سبيل لله أمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر حيث قال والله يا هشام لن تراني إلا حيث تكره فكانت النتيجة ثورة الإمام زيد بن علي عليهم السلام الذي خلد التاريخ ذكرها بعد ثورة جده الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وتوالت بعدها الثورات التي قادها أعلام الهدى من آل البيت عليهم السلام في مختلف أصقاع الأرض إحياء لدين لله ودفاعا عنه ونصرة للمستضعفين.
في وجه الطغاة والمتغطرسين والمنافقين في كل عصر.