فيما واشنطن تسعى لاستمرار تواجدها

هجوم بطائرات أمريكية مسيَّرة شرقي أفغانستان.. و تفجير كابول فوضى أمريكية مدروسة

 

 

الثورة / قاسم الشاوش

تسارع الأحداث في أفغانستان بشكل دراماتيكي لم يترك للقوى الغربية خاصة قوات الاحتلال الأمريكي أي فرصة لالتقاط أنفاسها في الرحيل بعد عشرين عاما من الاحتلال ونهب الثروات، فبعد انسحاب هذه القوى بدأت وحدات طالبان بشكل مفاجئ تتدفق لتسيطر على أغلب الولايات الأفغانية وكافة الحدود مع الدول المحيطة.. أما انفجار مطار كابول فقد جاء ليفضح مخططات القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا التي قصفت أمس بطائرات مسيرة شرق أفغانستان، حيث قال الجيش الأمريكي إنه قتل مخططي انفجار كابول في فرع تنظيم داعش بخراسان.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمريكي، لم تذكر اسمه، قوله إن الضربة استهدفت عضوا في تنظيم داعش ضالع في التخطيط لهجمات.إرهابية، وأوضح أن طائرة مسيرة من نوع ريبر، أُطلقت من الشرق الأوسط، ضربت المسلح عندما كان على متن سيارة مع عضو آخر.
لم يتأخّر التنظيم كثيراً ليتبنّى التفجير، فمع صياغة مماثلة بشكل كامل لبياناته التي عودنا عليها منذ نشأته، وبعبارة: “مقاتل من داعش تمكَّن من اختراق كل التحصينات الأمنية، واستطاع الوصول إلى تجمع كبير للمترجمين والمتعاونين مع الجيش الأمريكي عند مخيم باران قرب مطار كابول، وفجّر حزامه الناسف وسطهم”، أطلقها التنظيم عبر وكالة أنباء “أعماق” التابعة له، مفتتحاً مرحلة جديدة من العمليات، وانطلاقاً من مسرح مناسب وصالح لكلِّ أنواع الرسائل الدموية .
من السذاجة استبعاد دور أمريكا في التفجير الدموي الذي وقع في مطار كابول، بمجرد وجود 13 عسكريا أمريكيا بين قتلى التفجير، فالتاريخ الأسود للمستعمر الغربي وللمحتل الإسرائيلي، متخم بجرائم ارتكبتها الحكومات الغربية، ضد مواطنيها في التجارب على الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية. والعصابات الصهيونية، ضد اليهود في مختلف دول العالم، من أجل تحقيق مصالحها غير المشروعة، لذلك لا نعتقد أن الدولة العميقة في أمريكا ستنصب سرادق العزاء من اجل 13 جنديا، سقطوا في أحداث كابول المريبة.
والواضح أن الفوضى التي تسود الانسحاب الأمريكي المريب من أفغانستان، لم تكن فوضى مفاجئة، بل هي فوضى مدروسة، تم الإعداد لها بعناية، لتكون بيئة لوقوع تفجير ضخم كما هو تفجير كابول، من أجل تمزيق المجتمع الافغاني، و وقوع قتلى بين العسكريين الأمريكيين، جاء من اجل إعطاء مصداقية لـ”الفوضى”، وان كان هناك من يعزو سقوط عسكريين أمريكيين بالتفجير، إلى خطأ في تنفيذ “الفوضى”، ولكن هذا الرأي لا يمس بأصل فكرة “الفوضى المدروسة” التي تشرف عليها أمريكا، بهدف تحريض عصاباتها التكفيرية في أفغانستان على بعضها البعض، للإبقاء على هذا البلد، مرتعا للإرهاب والفوضى والخراب.التفجير الذي وقع في مطار كابول، كان متوقعا، فقد حذر منه الجميع، لذلك من الصعب جدا تصور أن المخابرات الأمريكية، لم تكن تتوقعه، وهي التي كانت ومازالت تمسك بالملف الأمني في أفغانستان منذ عقدين من الزمن، كما أن طالبان، التي باتت تمسك بالأرض في أفغانستان، و “داعش” التي تم نقلها من سوريا والعراق إلى أفغانستان، خرجتا من مطابخ أمريكا و”اسرائيل”والسعودية.بات مؤكدا، أن أفغانستان التي تركت أمريكا فيها أطنانا من الأسلحة المتطورة، والتي تحتضن جماعات تكفيرية وهابية، تتنافس فيما بينها على تطبيق هذا المذهب السعودي، أصبحت على حافة هاوية الحرب الأهلية، وهي حرب كانت بحاجة إلى شرارة بحجم تفجير كابول، لإشعالها بهدف تحويل أفغانستان إلى خنجر في خاصرة الصين وروسيا وكل من تعتبرهم أمريكا، تهديدا لمصالحها غير المشروعة ، ولأمن “اسرائيل”.
من جهة أخرى أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” بأن الولايات المتحدة تبحث مع حركة “طالبان” إمكانية الحفاظ على تواجد أمريكي في أفغانستان، بعد الموعد المتفق لإنهاء عمليات الإجلاء من كابول.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن الولايات المتحدة وحلفاءها أطلقوا مفاوضات مع “طالبان” لمناقشة كيفية حفاظهم على بعض النفوذ في أفغانستان بعد انقضاء الموعد المتفق عليه بينهم والحركة، أي 31 أغسطس.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الولايات المتحدة و”طالبان” “شرعتا في مناقشة الحفاظ على تواجد دبلوماسي أمريكي في أفغانستان بعد 31 أغسطس لتمكين الولايات المتحدة من مواصلة عمليات الإجلاء”.
وأوضحت الصحيفة أن ذلك يمثل توسيع المحادثات التي جرت بين مسؤولين عسكريين أمريكيين و”طالبان” بشأن ضمان أمن مطار كابول خلال عمليات الإجلاء.
وأكد القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى أفغانستان، روس ويلسون، لقناة CBS في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أن الولايات المتحدة و”طالبان” أجرتا محادثات في قطر لمناقشة “السبل المحتملة للمضي قدما”، وقال إن واشنطن لم تتبن بعد قرارات بشأن الشكل المستقبلي لتواجدها وأنشطتها في أفغانستان.
وأوضح مسؤولون لـ”وول ستريت جورنال” أن مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة و”طالبان” يتوقف بشدة على ما إذا كانت الحركة ستستطيع ضمان الأمن في مطار كابول وحوله بعد انسحاب القوات الأمريكية منه، مشيرا إلى أنه إذا كانت الظروف الأمنية غير مناسبة هناك فقد تدرس واشنطن إمكانية اللجوء إلى خيار تواجد دبلوماسي عن بعد في أي من الدول المجاورة.
وشدد مسؤولون أمريكيون، حسب الصحيفة، على أن المحادثات مع “طالبان” لا تعني اعتراف الولايات المتحدة بها كحكومة شرعية في أفغانستان.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض المسؤولين الأوروبيين تواصلوا مع “طالبان” بهدف مناقشة العلاقات المستقبلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا يأتي بالتزامن مع إطلاق الولايات المتحدة مشاورات مع حلفائها بشأن كيفية استخدام الضغط الاقتصادي والدبلوماسي بهدف التأثير على تطورات الوضع في أفغانستان.
ما يحدث اليوم في أفغانستان يضع تساؤلات كثيرة منها هل انفجار كابول يعد دفعة أولى – أم ستتبعه حتماً دفعات أخرى – من ثمن تواطؤ الأمريكان مع “طالبان”، بعد أن مكَّنوها من السيطرة على أفغانستان، متجاهلين كوكبة واسعة من الشعب الأفغاني ومن المسؤولين الذين ارتهنوا لهم طيلة 20 عاماً من الاحتلال؟

قد يعجبك ايضا