الثورة /
لم يعد يبدو الأمر غريباً على ولي العهد محمد بن سلمان إصدار تعليمات لوزارة الشؤون الإسلامية بمنع استخدام مكبرات صوت المساجد في المملكة دون الأذان والإقامة. فمنذ استلامه زمام الحكم في مملكة الرمال عمل ابن سلمان على إحداث تغييرات جذرية في المملكة متجهاً بها نحو شاطئ الفساد والانحلال الأخلاقي والاجتماعي وإضفاء الطابع الغربي على البلاد بهدف تحقيق أهدافه الشخصية ليس إلا ومتناسياً قدسية البلاد بالنسبة لمسلمي الأرض، وها هو اليوم يضرب بهذه القدسية عرض الحائط بعد أن أسكت صوت المساجد وسمح ببيع الخمور وإقامة الحفلات السافرة وعروض الأزياء واعتقال المئات من العلماء والدعاة البارزين في المملكة.
ثمة أسباب رئيسية وغيرها دفعت الحاكم الفاسد لتوجيه تعليمات لوزير الشؤون الإسلامية عبد اللطيف آل الشيخ لإصدار قراره. حيث أعلن عبد اللطيف آل الشيخ في 23 مايو أن استعمال مكبرات الصوت الخارجية في المساجد سيقتصر على “رفع الأذان والإقامة فقط”.
وذكر أن القرار يشير إلى ضرورة أن لا يتجاوز “مستوى ارتفاع الصوت في الأجهزة عن ثلث درجة جهاز مكبر الصوت”. وحدد آل الشيخ سلسلة ضوابط وشروط معقدة لأجهزة مكبرات الصوت داخل المسجد وخارجه.
ومن بين هذه الأسباب تظهر بوضوح رغبة ولي العهد السعودي بحصر الإسلام وتعاليمه داخل المسجد وطمس المظاهر الإسلامية في المملكة واستبدالها بمظاهر غربية وغريبة على المجتمع المحافظ، وهو أيضاً يحاول إسكات أي صوت يذكر الناس بتعرضهم للظلم ويدعوهم للأخلاق والثورة على الظالم.
كما يبدو أن محمد بن سلمان بقراراته هذه يظهر ضعفه وخوفه في آن معاً فهو يخاف من الفئة الكبيرة التي تتمسك بمظاهر الدين الإسلامي في المجتمع السعودي ويحاول بقراراته هذه تقييدها وإرهابها.
اعتقال كل من يعارض
يبدو أن الاعتقال والتنكيل هو العقاب لكل من ينتقد قرارات الأمير فقد قامت قوات النظام السعودي باعتقال المستشار الشرعي د. عمر عبد الله السعدون إثر انتقاده قرار تقيد مكبرات المساجد في المملكة.
وكشفت منظمات حقوقية النقاب عن الاعتقال على خلفية قرار النظام السعودي تقيد مكبرات المساجد. والسعدون هو مستشار شرعي في فقه المالية الإسلامية وتسوية المنازعات بالجمعية العلمية القضائية.
في يوليو الماضي أصدرت السلطات السعودية تعميمًا رسميًا باستمرار فتح المحلات ومزاولة الأنشطة التجارية والاقتصادية خلال أوقات الصلوات، بعد فترة ممتدة من الجدل عبر الشبكات الاجتماعية حول احتمالية تطبيق القرار. وقالت السلطات إن إغلاق المحلات التجارية خلال أوقات الصلاة كان إجراءً مستحدثًا انفردت به السعودية بموجب اجتهاد لإحدى الجهات الحكومية، ولم يرد في أي لوائح منظمة للعمل، إضافة إلى تعطل مصالح المواطنين والمقيمين. و إلغاء ذلك سيؤدي إلى تشجيع بيئة الاستثمار في المملكة.
عن هذه القرارات قال عبدالله نجل الداعية سلمان العودة المعتقل في سجون ابن سلمان، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحارب تيار الإسلام المعتدل بالسعودية منذ أكثر من عام ونصف العام الماضيين، في وقت سوق ذلك للغرب على أنه يحارب التطرف، مستغلاً جهل الغرب بديناميكية المجتمع السعودي وعدم إدراكه الفوارق بين الرموز الدينية المختلفة.
وكشف العودة أن سبب محاربة ابن سلمان لذلك التيار هو خشيته مما يحمله من حزمة إصلاحية تتضمن خطاباً ينادي بالديمقراطية.
وأشار عبد الله في تصريحات صحفية أن ابن سلمان اتخذ قرارات ظاهرية تدعم الحريات مثل «قيادة المرأة للسيارة» ليظهر للغرب بصورة «الأمير المجدد»، في حين يعمل في الحقيقة على كبت الحقوق والحريات واعتقال المطالبين بها.
ولاقت التصريحات وسلسلة القرارات التي أصدرها وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي عبداللطيف آل الشيخ، حول واقع الدين الإسلامي وطابعه في المملكة، استهجانا واسعا في المملكة
وعبر مغردون سعوديون عن غضبهم من تصريحات الوزير آل الشيخ – الواهية – مؤكدين أن الهدف الأساسي من القرار الجديد هو إلغاء مظاهر الدين الإسلامي في بلاد الحرمين.
وطالبوا عبر هاشتاق صوت_الصلاة_مطلب_شعبي الوزير آل الشيخ بضرورة الاستجابة للمطلب الشعبي الواسع بإعادة فتح مكبرات صوت المساجد وقت الصلوات
كما رد المعترضون بتداول وسوم “#نطالب_إرجاع_صوت_الصلاة”،
و”#نريد_مطاعم_ومقاهي_بلا_غناء”، و”#نطالب_بمنع_صوت_الموسيقى”، في إشارة منهم إلى أن الأغاني أولى من الصلاة عندما يتعلق القرار بحجب الصوت.
وكان آل الشيخ برر قرار كتم مكبرات صوت المساجد بأنها من الأمور الحديثة والمستجدة لكن البعض حرم استخدامها. وزعم منع الوزارة تشغيلها خلال الصلوات بورود شكاوى من القاطنين بجوار المساجد.
وزعم أيضا أن “هذه المكبرات قد حرمها وأنكرها كثير من الناس منذ زمن سابق، وفي المملكة لدينا تمسك بالدين والإسلام والعاطفة الدينية قوية”.
يبدو أن السلطات السعودية تدافع عن قراراتها الأخيرة تحت حجة سعيها لتحقيق (الراحة للمواطنين) ولكن لم يعد يخفى على أحد أن هذه القرارات تصب في إطار سياسة محمد بن سلمان لسلخ الهوية العربية والإسلامية من الشعب السعودي، تحت ذريعة مكافحة التطرف، وتنويع مصادر الدخل.
فما حاجة السعودية للترفيه والعوائد المنتظرة منه وهي تعوم على بحر من النفط؟، وتحتضن الحرمين الشريفين، اللذين يستقطبان ملايين المسلمين سنويا في موسم الحج؟ وتمتلك امكانيات سياحية دينية ضخمة تكفيها وذلك بوصفها بلد الوحي وقبلة المسلمين؟
ابن سلمان في العلن يقول أنه يعمل على محاربة تطرف الوهابية ولكنه يفرض تطرفاً آخر بالانحلال والمجون، الذي انتشر في أرض الحرمين عبر الحفلات السافرة.