قصص نجاح

نساء معاقات تتحدى الحرب والحصار بحاجة إلى دعم وتسويق

 

منـذ العـام 2015م واليمن تعاني بسبب العدوان والحصار وإلى تدهـور جميـع مجالات الحياة، وطفت على السطح عديـد مـن الأزمات، كارتفاع سـعر الصـرف والمشتقات النفطيـة وقلة السيولة وتوقف المشاريع وإغلاق الشركات التجارية وإغلاق المطارات والطرق لتنعكس آثارها القاتلة عـلى الوضـع الإنساني.
ليزا الكوري

تمثـل النسـاء والأطفال الفئـة الأكثر معاناة من السـكان، حيـث تتحمـل المرأة عـبئا كبيرا في ظل خلفه العدوان الغاشم من فقدان رب الأسرة أو توقف راتبه غير النزوح وغلاء المعيشة وفقدان مصدر الدخل وتوقف المشاريع وتعثرها.
كل هذا أجبر المرأة على البحث عن لقمة العيش وإعالة أفراد أسرتها جنبا الى جنب مع الرجل ووحيدة في أوقات كثيرة..
ولم تكن الإعاقة شافعة للمرأة في اليمن فقد تجرعت من نفس كأس المرارة الذي سقاه العدوان لليمنيين وكان لها نصيب أكثر من الكفاح والنضال من أجل لقمة العيش في ظل استبعاد وندرة في حجم التمكين الاقتصادي رغم كل المواثيق والقوانين الدولية ورغم كل الأموال التي تصب سنويا وتخصص لبرامج الإغاثة في اليمن.

قوانين دولية واستبعاد على الأرض
في المادة السادسة لاتفاقية الأمم المتحدة والتي تعد اليمن من الأطراف فيها ،المتعلقة بالنساء ذوات الإعاقة نقرأ ضمان التدابير اللازمة لضمان تمتــع المعاقات تمتعا كاملا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في بندها الأول و كآفة التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة، بغرض ضمان ممارستها حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها في بندها الثاني ، لكن هل تنعكس القوانين مشاريع للتمكين على الأرض وإلى أي مدى تدعمها الحكومات والمنظمات الدولية وإلى أي مدى تتواجد برامج تمكين المرأة المعاقة في اليمن ؟
في تقرير نشر في ديسمبر 2019م بعنوان: “مستبعدون: حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وسط الحرب في اليمن” أكدت منظمة العفو الدولية أن ملايين الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن كانوا أكثر الفئات تعرضاً للإقصاء في ظل تلك الأزمة التي وصفت بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
كان التقرير نتاج ستة أشهر من البحوث التي أجريت مع 100 شخص وزيارة ثلاث محافظات في جنوب اليمن، 53% من النساء والرجال والأطفال ذوي الإعاقة على اختلاف أنواعها.

مسؤولية مشتركة
“عندما نتكلم عن التمكين الاقتصادي للنساء فنحن نقصد توفير بيئة عمل مناسبة لتأسيس مشاريعهن الاقتصادية بهدف الحصول على دخل مناسب لهن ولأسرهن ” هكذا تقول الدكتورة نجاة جمعان أستاذة الاقتصاد في كلية التجارة والاقتصاد، وتؤكد أن المسؤول عن التمكين الاقتصادي للنساء هي الدولة والمنظمات الدولية والدول المانحة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وأصحاب الثروة في المجتمع وتضيف “بالمثل ينطبق على ذوي الإعاقة بل إن ذوي الإعاقة يحتاجون إلى تكاتف جهود المجتمع ككل لتمكينهم اقتصاديا بدعم المشاريع الصغيرة والعمل على توفير بيئة تتميز بالاستقرار السياسي والاجتماعي ووجود القوانين الداعمة التي تشجع إنشاء واستمرار هذه المشاريع ,إذ أن مفهومي التمكين الاقتصادي للنساء ودعم المشاريع الصغيرة للنساء مفهومان متلازمان إذ أن المشاريع الصغيرة للنساء هي إحدى الوسائل الهامة للتمكين الاقتصادي للنساء المعاقات”.
وتسعي الفتاة من ذوي الإعاقة الى التمكين الاقتصادي أولا بسبب سوء الوضع الاقتصادي والتعليمي وانتشار البطالة والفقر والجوع والأمراض وكذا الخوف من استخدام المعاق كوسيلة للتسول والجريمة، وتلجأ إلى تعلم حرفة ومهنة تحفظ لها وأسرتها حياة كريمة ولتثبت ذاتها وتسعا للنجاح والتميز والتأثير في المجتمع والوصول للإتقان المهني وريادة الأعمال وإثبات أن المعاق قادر كغيره من الناس بل وربما بطاقة أكثر وببصمة أكثر إبداعية.

أتمنى الحصول على فرصة التمكين
تروي لنا: عاتقة الجوري ما تعرضت له من يأس وإحباط وآثار نفسية مؤلمة بعد أن تعرضت لحادث أدى إلى إعاقتها فهي لم تتقبل إعاقتها في البدء حتى دخلت مركز السلام من أجل الحصول على علاج طبيعي لكنه غيّر حياتها وجعلها تتقبل إعاقتها بل وتحارب من أجل إكمال تعليمها وتطور مهارات كانت قد اكتسبتها من قبل مثل خياطة أحزمة الجنابي وتطريز فساتين السهرات والأعراس، حتى أكملت تعليمها الثانوي وأصبحت مشرفة في الأشغال اليدوية في مركز السلام، لكنها تتمنى أن تتمكن من الحصول على فرصة التمكين الاقتصادي لتفتح مشروعها الخاص.
وتؤكد عاتقة من خلال عملها في إنتاج الحقائب والأشغال اليدوية أن الفتاة من ذوات الإعاقة استطاعت أن تبدع وتنتج وتؤكد أن منتوجات النساء ذوات الإعاقة لا تقل جودة عن المنتج الخارجي من حيث الشكل والمضمون والجودة رغم محدودية الإمكانات وأن كثيرا من الزبائن لا يكاد يصدق أن المنتج يكون من عمل يديها ظنا منه أنها اشترته من السوق
وتضيف “كثير من النساء اللواتي أعرفهن لديهن عزيمة كبيرة وتدخل مجال الخياطة أو الأشغال اليدوية وغيرها من حرف وتتعثر كثيرا وتجد انتقادات وصعوبات ولكن كل ذلك يزيد من إصرارها على الاستمرار وربما قد تفشل مرة ومرتين ولكن هي تدرك جيدا أن هذا الفشل هو بداية الطريق الى النجاح.

من المنزل..
في الوقت الذي لا تجد الآلاف من المعاقات أي فرصة للتمكين وجدت أمل الثلايا فرصة رغم ضعفها إلا أنها استطاعت بدء مشروعها الخاص من المنزل والذي بدأته من أجل تحسين المستوى المعيشي وزيادة الدخل لكنها تصف بعض الصعوبات قائلة “أتمنى أن يصبح لي اسم في السوق ورغم أني أسوق عبر الفيس بوك الا أنه ليس كمثل أن يكون لك محل تعرض فيه بضاعتك، أتمنى أن أتغلب على أبرز الصعوبات وهو عدم وجود محل في السوق نعرض فيه البضاعة ليزداد الإنتاج، فحتى الآن ما زلت أبيع في البيت أو عن طريق الأهل والمعاريف”.

فترة ركود طويلة
تجربة مختلفة قليلا خاضت غمارها – فاطمة الأهدل: بدأتها بجهود ذاتية بمبلغ صغير باستيراد الحقائب والترنكات النسائية والجلابيات من سوريا ومصر ثم قامت باستيراد بضاعة من بريطانيا ما بين العامين 2011 م و2012م ليتوقف بعدها الطيران بسبب العدوان ويتحول عملها لمجال العطور والبخور، لتعود من جديد في استيراد ملابس السهرات والكاجول من ماركات عالمية.
وقد تعرض عملها للتوقف بسبب الحرب وويلاتها ولكنها تلقت دعما من جمعية الأمان ساعدها في تجهيز مكان مناسب لعرض البضاعة وتوفير مولد كهربائي، تقول الأهدل “واجهت العديد من الصعوبات والعراقيل في بداية مشواري ففي البداية لم يكن لدي رأس المال ولم يكن هنالك أي جهة تدعم لا بنك الأمل ولا جمعية الأمان ولا أي منظمات.. ومن الصعوبات أيضا بعد الحرب توقف الطيران الذي عرقل وصول البضاعة وجعلني أشحن البضاعة لبلاد قريبة ومن ثم تصل برا، لكنها طريقة مكلفة، غير أنه يكون في بعض الشهور عمل جيد وبعض الشهور كساد لكن بعد العدوان والحصار الجائر ومع توقف الرواتب وسفر الكثير من الزبائن للخارج وجائحة كورونا تعرضت لفترة ركود طويلة أثرت كثيرا على نسبة المبيعات.”

كان الوقوف لزاما من أجل لقمة العيش
وتؤكد الأهدل أن عددا من الأسباب دفعت المرأة المعاقة للبحث عن التمكين الاقتصادي من أجل الاكتفاء الذاتي، مات الكثير من أرباب الأسر في العدوان الغاشم على بلادنا وفقدوا مصدر الدخل فكان لزاما عليها الوقوف يدا بيد مع رب الأسرة لتوفير لقمة العيش.
وتضيف ” لقد استطاعت المرأة المعاقة الدخول في كافة المجالات وأصبحت الخياطة التاجرة صاحبة الحقائب والتطريز والإكسسوارات وساعدها التطور التكنولوجي على ممارسة حياتها بشكل طبيعي وساعدهن على اختيار أي مجال لإقامة أي مشروع “.

دور المنظمات المحلية
في دور المنظمات المحلية تبيّن لنا: بدور المدني – مسؤولة المشاريع لدى جمعية الأمان دور الجمعية كإحدى منظمات المجتمع المدني الخاصة بالمعاقين دورها في التمكين الاقتصادي للمعاقات ففي بداية 2016 م بدأ مشروع اسمه كرامه وأستمر لمدة عامين وكان مشروع إقراض يدعم المشاريع الصغيرة تم استهداف 43 مستهدفة ,ثم في العام 2019 م نفذت الجمعية مشروع أنامل الذي يدرب المعاقات أو أسرهن على انتاج المشغولات اليدوية وقد استهدف 105 مستفيدة , والآن يستهدفون 20 مستفيدة من خلال تدريبهن على الخياطة ومن ثم دعمهن بالقروض لبدء المشروعات الخاصة .
ورغم الأثر الكبير لمشاريع التمكين على المعاقات أو أسرهن، تظل المشاريع نادرة ومحدودة جدا مقارنة بنسبة المعاقات في اليمن، في ظل تردي الوضع الإنساني والاقتصادي، وتجاهل الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية الدولية لهذه الفئة الأشد حاجة في ظل العدوان والحصار الجائر على بلادنا.

قد يعجبك ايضا