وضعت القيادة في صنعاء نُصب أعينها، منذ بدأت مواجهة العدوان على اليمن، ثوابت وخطوطاً حمراء متعهدةً أمام الله وأمام الشعب اليمني أن تقف بكل ما أوتيت من قوة ضد كل من يحاول تجاوز تلك الخطوط أو يتخطى تلك الثوابت، كان في مُقدّمِها السيادة الوطنية على كل شبر من الجغرافيا اليمنية، وبالأهمية والقداسة نفسها وحدة الوطن، حينها كان الآخرون ممن اصطفوا مع العدوان قد حسموا أمرهم مسبقاً وقرروا تجاوز الخطوط ونسف الثوابت، وكان الثابت الوحيد لديهم هو جمع الأموال من الخارج على حساب قتل شعبهم وتجويعه ونهب ثرواته أو بالأصح الفتات مما أبقى لهم تحالف العدوان منها، والمنح والعطايا التي اشترى بها ولاءهم، جعلتهم يبيعون كل شيء بما في ذلك سيادة البلاد التي أصبحت قيمة لا تعني شيئاً لهم، وفي سابقة لم تحدث من قبل سلموا العدوان كل شيء وانسلخوا من قيم الانتماء والهوية.
وقد اختلفت طرق وأساليب العدوان في انتهاك كل الأعراف والقيم والثوابت التي تنتظم بها الحياة، بما تحمله وتقر به الدول من حقوق الجوار والتعايش الإنساني، وتحت عناوين وشعارات مضللة كالإغاثة والدعم والمساعدات والتحرير، فغرر بالكثيرين حتى تمكن من بسط نفوذه على مناطق الثروات في المحافظات الجنوبية والشرقية، وسيطر على أهم المواقع والجزر الاستراتيجية، لكن صنعاء وبما فاض لديها، فقط، من منسوب الكرامة والعزة كانت على مستوى عالٍ من الحفاظ على السيادة والوقوف أمام مؤامرات التمزيق للوطن، والتي حشد لها تحالف العدوان إنسه وجِنّه، إلَّا أنها أثبتت للعالم أجمع من خلال قيادتها الثورية والسياسية ورافعتها الشعبية الصلبة ألّا شيء أغلى من السيادة التي لا كرامة إلا بحفظها، وأنه لا شيء أهم من وحدة البلاد التي تمثل أبرز أسباب القوة، وفي مناطق سيطرة سلطاتها لم يستطع التحالف أن يمس ذرة من ترابها، ولا بد أنه يحسب ألف حساب للحظة التي ستصل إليه فيها قوات صنعاء في أماكن تواجده، شرقاً وجنوباً، وإنهاء سيطرته عليها.
لم يكتفِ تحالف العدوان بما انتهكه من سيادة اليمن في المحافظات التي مكنته حكومة هادي من السيطرة عليها ونهب وهدر ثرواتها، فبدأ مخططاً لتمزيق البلاد وتهيئة الأسباب التي توصل إلى إعلان انفصال جنوب اليمن عن شماله، بإنشاء وتمويل فصائل وتشكيلات عسكرية ودعم مكونات وتوجيهها للغرض نفسه، ومكَّنها من التحكم بمصائر تلك المناطق وفق خطط وأجندات تخدم مصالحه وأهدافه، إلَّا أنه لم يتمكن من الوصول إلى ما كان يصبو إليه بالشكل الذي رسمه وتمناه، فحرّك مؤخراً ورقة الاقتصاد باتجاه تعزيز وترسيخ الانفصال بتلك الورقة كسلاح أخير، واستغلالاً لتبعية المغرر بهم المطلقة، متمثلين في حكومة هادي، أوصل التحالف حربه الاقتصادية إلى مرحلة انقسام مالي خطير ببنكين في صنعاء وعدن وعملتين في كل منهما..
فنقلُ وظائف البنك المركزي إلى عدن وإغراقُها بعملة غير قانونية طبعها عن طريق حكومة الفار هادي بقرار أحادي لم يكن سوى بدء أولى مراحل مخطط يفضي إلى الانفصال، رغم أن النسبة الأكبر من كارثية المخطط وتداعياته المأساوية اقتصادياً ومعيشياً ستكون من حظ المناطق التي مدّ فيها نفوذه.
أخذت القيادة في صنعاء على عاتقها أيضاً مسألة التصدي لمؤامرة الانقسام المالي، ومواجهة إغراق البلاد بالعملات غير القانونية والمزورة، واتخذت الإجراءات اللازمة وفق خطط مدروسة ومحسوبة النتائج، للحفاظ على العملة الوطنية وإنهاء الانقسام المالي، داعيةً إلى توحيد السياسة النقدية لقطع الطريق أمام مشروع العدوان التمزيقي للبلد الواحد، وطالما أعلن بنكها المركزي جهوزيته لأي خطوات من شأنها حماية الاقتصاد الوطني على مستوى الجمهورية اليمنية، ولا يزال مركزي صنعاء يؤكد أن من نقل مؤسسات الدولة المالية وغيرها إلى عدن هو التحالف عبر الحكومة الموالية له، كما يؤكد دائماً أنه مستعد لبذل كل الجهود الجادة والحقيقية في سبيل التخفيف من معاناة أبناء الشعب اليمني والتصدي لمخططات تمزيقه ومحاولات توجيهه نحو الانفصال، بعيداً عن أطراف العدوان بما فيها الأمم المتحدة التي تقول غير ما تفعل وتُظهر ما لا تُبطن.
جرعة سعرية على الوقود في عدن
وفي سياق الحرب التي يشنها المرتزقة على معائش المواطنين في المحافظات المحتلة أفادت مصادر مطلعة في مدينة عدن أن حكومة المرتزقة رفعت رسمياً أسعار المشتقات النفطية وذلك بعد أيام من أزمة خانقة في المشتقات مع انتشار للسوق السوداء في مدينة عدن وعواصم المحافظات الشرقية والجنوبية المحتلة ، وقالت المصادر إن الجرعة رفعت الأسعار من 11200 ريال إلى سعر 12200ريال ، وتذرعت مليشيات المرتزقة في عدن بأن إدارتها للأسعار مرنة تتغير تبعا لتغيرات الأسعار العالمية ، وهو عذر أقبح من ذنب إذ لم تسجل الأسعار أي ارتفاعات مشهودة عالميا..ولم تتعرض عدن ومدن الجنوب لحصار كما هو الحال في صنعاء والحديدة والمحافظات الحرة التي يمعن العدوان في محاصرتها.
كما أفادت مصادر أن أزمة الوقود في المدن الشرقية تزداد بشكل تدريجي حيث تشهد حضرموت انعداماً للمشتقات في حين لجأ المواطنون إلى السوق السوداء التي حلت محل المحطات الرسمية.
متابعون أكدوا أن الجرعة التي فرضها مرتزقة العدوان في عدن والمحافظات والمناطق التي يسيطرون عليها ، من شأنها مفاقمة الوضع المعيشي المتدهور جراء انهيار العملة وتوقف صرف الرواتب وغياب الخدمات وتردي الأوضاع في المدن والمحافظات المحتلة بشكل عام ، ومن المتوقع أن تؤدي الزيادة في سعر البنزين إلى ارتفاع تكاليف النقل وكذا أسعار المواد الغذائية.
وعمدت مليشيات المرتزقة إلى افتعال أزمة مشتقات نفطية لتمرير الزيادة السعرية التي توصف بـ “القاتلة” لتوقيتها الذي يأتي في ظل تدهور اقتصادي ومعيشي غير مسبوق.