تسارعت الأحداث في أفغانستان خلال الأيام القليلة الماضية وتمكنت حركة طالبان من السيطرة على مساحة شاسعة من البلاد خصوصا مع تسارع وتيرة الانسحاب (السريع والمريب) للقوات الأمريكية والقوات الأخرى، وهو ما أتاح الفرصة لطالبان للسيطرة على 17 ولاية حتى أمس الجمعة من إجمالي 34 ولاية والطريق مفتوح -على مصراعيه -لطالبان لإسقاط المزيد من الولايات الأفغانية، وصولا إلى العاصمة (كابول) آخر معقل للحكومة الأفغانية (الموالية لأمريكا) إلا أن الأخيرة تخلت عن حكومة كابول وتركتها فريسة سهلة لطالبان التي كانت أمريكا قد غزت أفغانستان قبل عشرين سنة بمبرر إزاحة حركة طالبان التي كانت قد استولت على السلطة بقوة السلاح، وهي – أي طالبان – في طريقها -حاليا -للاستحواذ على السلطة بقوة السلاح -أيضا.
فما الذي عملته أمريكا طوال السنوات العشرين من غزوها واحتلالها لأفغانستان؟
وبالمناسبة عاد الصحفي الشهير تيسير علوني مراسل قناة الجزيرة في أفغانستان عندما سيطرت طالبان على السلطة بقوة السلاح للمرة الأولى، وهذه المرة ظهر علوني كخبير مختص في الشؤون الأفغانية وهو الذي كان المراسل الميداني للقناة في كابول قبل وأثناء الغزو والاحتلال الأمريكي، وقد اعتقل علوني بعد ذلك بتهمة الإرهاب عقب نجاحه في إجراء حوار تلفزيوني مع زعيم تنظيم القاعدة -آنذاك- أسامة بن لادن الذي اغتالته أمريكا في نهاية العام 2011م باعتباره العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر الدامية التي ضربت برجي التجارة في نيويورك ومقر البنتاجون في واشنطن وراح ضحيتها اكثر من ثلاثة آلاف قتيل، وهي الهجمات التي دفعت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس جورج بوش الابن لاتخاذ قرار غزو أفغانستان تحت عنوان :
القضاء على حكم حركة طالبان باعتبارها (إرهابية) أو راعية للإرهاب واحتضانها لتنظيم القاعدة (الإرهابي) الذي اتهمته أمريكا بالوقوف وراء التخطيط والتنفيذ لهجمات (11سبتمبر).
السؤال الذي يطرح نفسه:
كيف تمكنت حركة طالبان من إسقاط المدن والولايات الأفغانية بتلك السهولة والسرعة؟
علما أن الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة الجمهوري دونالد ترامب كانت قد وقعت اتفاقا مع حركة طالبان بشأن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان (انسحاب آمن) وحينها كانت الإدارة الأمريكية تؤكد أنها أنجزت المهمة في ذلك البلد وتمكنت من تأهيل وتدريب قوات أمنية قوية وجيش أفغاني قادر على حماية البلاد من أي تهديدات (داخلية أو خارجية) وأنها ساهمت في تأسيس نظام سياسي ديمقراطي!!