بين صنعاء.. وكتلة العدوان نوايا صادقة للسلام.. وسلوك لا محل له من السياسة

 

الثورة / وديع العبسي

مبادرة تلو المبادرة، أطلقها المجلس السياسي الأعلى لتحقيق السلام بصورته الموضوعية والتي تراعي مصالح الجميع.
في الذكرى الخامسة لثورة الـ 21 سبتمبر2014 أعلن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى، إطلاق مبادرة سلام تشمل وقف استهداف السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.
وأعلن المشاط، في إطار مبادرته،: “وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف”، مضيفا: “ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية ونحتفظ لأنفسنا بحق الرد في حال عدم الاستجابة لهذه المبادرة”.
وأكد حينها “بأن استمرار الحرب لن يكون في مصلحة أحد بل قد يفضي إلى تطورات خطيرة لا نريدها أن تحدث مع كوننا على يقين من أن ضررها الأكبر لن يكون علينا وإنما على دول العدوان بالدرجة الأولى وبشكل أساسي ومباشر”.
داعيا دول العدوان، “على نحو فوري إلى رفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي ووقف اعتراض السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة واحترام معاناة الشعب اليمني”، مردفا: “قطعا للذريعة المثارة حول إيرادات ميناء الحديدة وحول ما يتوهمه تحالف العدوان من تهريب السلاح عبر الميناء نؤكد استعدادنا لتوريد الإيرادات إلى فرع البنك المركزي، وندعو لقاء ذلك إلى القيام بتغطية العجز وبما يحقق الوفاء بتسليم مرتبات الموظفين في عموم محافظات الجمهورية اليمنية، كما ندعو آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة إلى الالتحاق بعملها في الميناء، ونذكر بأننا سبق وأن أصدرنا قرارات ومطالبات متكررة بذلك حرصا منا على السلام والتخفيف من معاناة الشعب”.
وتوعد المشاط «في حال استمرار القصف والحصار والعدوان، بضربات أكثر إيلاماً وأشدّ فتكاً وأكبر تأثيراً، ستصل إلى عمق مناطقهم، وإلى أهم منشآتهم الاقتصادية والنفطية والحيوية، ولا خطوط حمراء في هذا السياق». وحث المواطنين السعوديين والأجانب في تلك المناطق على «أخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن تلك المنشآت باعتبارها أهدافاً عسكرية للقوات اليمنية».
وردّت قوى العدوان على المبادرة بعشرات الغارات الجوية مستهدفة العاصمة صنعاء وعدداً من المحافظات، في تصعيد دفع الجيش واللجان إلى تنفيذ الوعيد بـ«ضربات أكثر إيلاماً وأشدّ فتكاً وأكبر تأثيراً».
الرؤية الوطنية
في أبريل 2018، قدم المجلس السياسي الأعلى الرؤية الوطنية لإنهاء العدوان وفك الحصار، وهي الرؤية التي اعتبر المراقبون إنها تعكس حرص القيادة السياسية على حقن الدماء وإحلال السلام المشرف وترسم معالم المستقبل المنشود لجميع اليمنيين.
ودعا قوى العدوان إلى التعامل بجدية مع الرؤية كمخرج لها للحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه.
ولقيت الرؤيةُ الوطنية التي تم حينها تسليمها رسمياً للأمم المتحدة، ترحيباً شعبياً ورسمياً وسياسياً؛ باعتبار أنها لامست هموم وتطلعات أبناء الشعب اليمني والتخفيف من معاناته وآلامه المستمرة على مدى أكثر من خمس سنوات.
الرؤية الوطنية للحل الشامل، والتي تتفوَّق في مضمونها على المبادرات التي قدمتها دول التحالف والأمم المتحدة، رغم أنها لا تُمثل سوى الحد الأدنى من تطلّعات اليمنيين، هدفت إلى إنهاء الحصار البري بفتح جميع المنافذ البرية للجمهورية اليمنية أمام جميع المدنيين والحركة التجارية، وكذا إنهاء الحصار البحري ورفع القيود عن جميع الموانئ اليمنية وعدم اعتراض السفن، وإنهاء التواجد الأجنبي في جميع الجزر والموانئ اليمنية، والعمل على دفع رواتب جميع منتسبي قطاعات الدولة في الجمهورية اليمنية حسب قوائم عام 2014 لدى الطرفين، حيث تفتح قيادة دول تحالف العدوان اعتماداً مستندياً لصرف الرواتب لمدة 10 سنوات قادمة حتى تعافي الاقتصاد اليمني، بالإضافة إلى اتِّخاذ التدابير اللازمة لتعزيز عملية تنسيق السياسة النقدية على المستوى الوطني وإتلاف العملات غير المتوافق عليها، ودعوة الأمم المتحدة للدول الدائنة للجمهورية اليمنية بإسقاط جميع الديون والفوائد، وإلزام دول العدوان بإعادة الإعمار وتعويض المتضررين ومعالجة الآثار المباشرة وغيرها وجبر الضرر ودعم الاقتصاد، وإعادة الإعمار وتعويض كُـلّ من تم قصف منازلهم من قبل تحالف العدوان أَو من ينتسب إليها، وتعويض مالكي وعمال المصانع والشركات والمنشآت والأسواق والمطاعم وغيرها برعاية الأمم المتحدة.
كما اعتبرها مراقبون الطريق السليم نحو تحقيق السلام والاستقرار في كُـلّ ربوع اليمن، ومدخلاً لحوار سياسي يمني – يمني بإشراف أممي، يحقّق فيه اليمنيون تقرير مصيرهم بأنفسهم بعيداً عن تدخل ووصاية دول العدوان والغزو والاحتلال، وحلًّا شاملاً لإزالة الآثار الناجمة عن الحرب والحصار على اليمن.
ورأوا إلى أن مضامينها تعتبر خارطة طريق نحو المستقبل الذي يسوده العدل والتعايش السلمي وتحقيق حياة العزة والكرامة لكل أبناء اليمن، لافتاً إلى أن هذه الوثيقة فيها إنصاف لكل الشهداء والجرحى؛ بسَببِ الحرب على اليمن والحصار.
رؤية شاملة
في تعليقه على الرؤية، عضو المجلس السياسي الأعلى محمد صالح النعيمي قال: للأسف الطرف الآخر لا يعي هذه القيم الإنسانية التي احتوتها نصوص المبادرة ولا الاعتبارات الموضوعية لهذه الرؤية الوطنية الهادفة للحل الشامل التي تنصف وتحقّق العدل للجميع والاستقرار، وتهدف لتعويض الشعب اليمني تعويضاً عادلاً جراء ما لحق به من العدوان”.
وأضاف: إن الرؤية الوطنية لوقف العدوان تعد صوتاً قوياً ومنصفاً؛ لذا أراد العدوان أن يشوش عليها وأن يلتف عليها ولم يتعامل معها بجدية، مبيناً أن القيادة السياسية وخلفها جميع أبناء الوطن مستمرون في الدفاع ومواجهة العدوان بكل الإمْكَانيات والقدرات، مضيفاً: وما تحقّق في الفترة الماضية من تطور في قدراتنا العسكرية والدفاعية، يؤكّـد عزيمة وإصرار اليمنيين على المواجهة والصمود حتى تحقيق النصر بفضل الله، وسنعمل على تطوير هذه القدرات.
فيما اعتبرها قانونيون رؤية شاملة لحل شامل، فينوّه المحامي محمد عبدالمؤمن الشامي -رئيس مركز وطن للدراسات والاستشارات القانونية-، بأن الوثيقة نقطـة انطلاق نحـو تحقيـق هـذه الرؤيـة الوطنية والسعي إلى معالجة شاملة ومتكاملة تحل المشاكل من ظاهرها وباطنها في آن واحد.
مبيناً أن هذه الرؤية هي مرجعية أَسَاسية للوصول إلى الحل في اليمن، حيث نصت هذه الرؤية على الحل شامل الذي يتم تأسيس نظام سياسي في اليمن يقوم على مجموعة من المبادئ الأَسَاسية، منها سيادة اليمن واستقلالها، وسلامة أراضيها، في دولة متعددة
الأحزاب مبنية على الحرية والممارسة الديمقراطية، والشمول والتمثيل والمواطنة وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والمساءلة، واستحداث آليات فاعلة لاحترام حقوق الإنسان، وإطلاق حوار وطني شامل لا يستثني أحداً.
استهلاك إعلامي
في مارس الماضي أكد عضو السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أنه حتى اليوم لم تطرح أي مبادرة جادة للسلام في اليمن، وأنه تم رفض جميع المبادرات المقدمة من قبل جماعته لإحلال السلام في البلاد.
وقال: “كل ما تلاحظونه هو فقط للاستهلاك الإعلامي، أما أن هناك تقديم أي خطة سلام، فلا يوجد أي شيء، لم نجد أي خطة سلام على الإطلاق حتى الآن، لم يتقبلوا ما قدمناه من مبادرات سلام بالشكل الواضح والمعلن ولم يستطيعوا أن يقدموا خططا حقيقية للسلام بما تكفل لشعبنا أمنه واستقراره وإيقاف العدوان والحصار عليه”.
مبادرة النقاط التسع
في “العيد السادس لثورة 21 سبتمبر”، دعا رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاد دول العدوان إلى الاستجابة لـ”دعوات السلام والمبادرات” التي قدمتها صنعاء.
وطالبها بـ “الإفراج عن السفن ورفع الحصار المفروض وفتح مطار صنعاء والانخراط في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب”.
وقال المشاط: “انسجاما مع أخلاق وقيم الحادي والعشرين من سبتمبر المجيد ندعو دول التحالف إلى الاستجابة لدعوات السلام ولمبادراتنا المتوالية وآخرها مبادرة قائد الثورة حفظه الله، عبد الملك الحوثي، التي عرضها على المبعوث الأممي حول مارب واستيعاب نقاطها التسع والتي لا تعدو كونها مطالب محقة واستحقاقات عادلة للشعب اليمني”.
واختتم حينها كلمته بدعوة “الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوقف الكيل بمكيالين والاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه معاناة الشعب اليمني وإدانة ما يتعرض له من حصار وتجويع وحرمان من الوقود والغذاء والدواء واستهداف للمدن والمدنيين”.
ومبادرة النقاط التسع هي المبادرة التي قدمها قائد الثورة السيد عبدالمك بدرالدين الحوثي حول مارب.
وأكد رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أن السيد عبدالملك قدم مبادرة منصفة وعادلة عبر الوفد العماني لتنفذ بالتزامن مع الملف الإنساني كونه أولوية، لافتا إلى أن المبادرة تراعي مصالح أبناء مارب أولًا.
وبين أن المبادرة اشتملت على تسع نقاط تحقق شروط السلام، منها: عدم الاعتداء على المواطنين وإعادة تشغيل المحطة الغازية، وضع عائدات سفن المشتقات النفطية في الحديدة لصالح المرتبات، أن يكون هناك إدارة مشتركة من أبناء محافظة مارب والحفاظ على الأمن والاستقرار وإخراج عناصر القاعدة وداعش، الالتزام بحصص المحافظات الأخرى من النفط والغاز وتشكيل لجنة مشتركة لإصلاح أنبوب صافر – رأس عيسى، ضمان حرية التنقل والإفراج عن كل المخطوفين، وتعويض المتضررين وعودة المهجرين من أبناء مارب.
وهي المبادرة التي تدلّ وتؤكد حسب مراقبين على النيات الصادقة للسلام لدى صنعاء التي ترفض الانتقائية الأمريكية والأممية والنظر بعين واحدة في التعاطي مع الوضع الإنساني القائم في كامل الرقعة الجغرافية لليمن، وليس مارب فقط.

 

قد يعجبك ايضا