الثورة نت/ وكالات
تواصل الدول الخليجية خاصة السعودية والإمارات التي تمتلكان معظم الغاز والنفط الذي يمتلكه العالم العربي ، الانتاج الأحفوري خاصة للنفط والغاز الذي يعد مسؤول رئيس عن ارتفاع درجة حرارة الأرض وما يتبعها من تغيرات مناخية بحسب تقرير أممي .
وبحسب إحصاءات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” العالم العربي يمتلك أكثر من57 بالمئة من الاحتياطي العالمي للنفط الخام، كما يمتلك أكثر من 26 بالمئة من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي.
وتفيد هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في تقرير لها على موقعها الإلكتروني اليوم السبت بأن خبيرة البيئة والناشطة البريطانية أنجيلا تيري تتفق مع المطالبات التي تدعو الدول الغنية المنتجة للنفط بتحمل مسؤوليتها عن ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي قائلة :”احتياطات النفط والغاز الهائلة في الشرق الأوسط جلبت معها أرباحا هائلة، هذه الأرباح عززت النمو نحو الاستهلاك، واقتناء سيارات كبيرة والسفر لمسافات أطول، وخلقت دائرة متصلة من العرض والطلب، وقد آن الأوان لكسر هذه الدائرة”.
وتضيف العالمة البريطانية قائلة “شركة آرامكو السعودية وحدها مسؤولة عن أربعة في المئة من انبعاثات الغاز في العالم. الحقيقة أن الشرق الأوسط لاعب كبير جدا عندما يتعلق الأمر بالنفط والغاز وعليه إدراك أن المستقبل لا يسير في هذا الاتجاه وإنما يسير نحو مصادر الطاقة النظيفة”.
وكان تقرير اللجنة الحكومية المعنية بتغير المناخ IPCC التابعة للأمم المتحدة قد أشار صراحة إلى أن الغازات المنبعثة من الوقود الأحفوري تعد المصدر الرئيس لارتفاع حرارة الجو، الأمر الذي حدا بالأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش للمطالبة “بإعلان نهاية الفحم ومصادر الطاقة الأحفورية قبل أن تدمر كوكبنا” معتبرا أن مصادر الطاقة هذه وقطع أشجار الغابات “تخنق الكوكب”.
ويشير تقرير أممي الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورؤساء وكالات الأمم المتحدة يشددون – على أهمية الاستعادة في الجهود العالمية المبذولة من أجل التخفيف من وطأة تغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة ’’إن تدهور العالم الطبيعي يقوض بالفعل رفاهية 3.2 مليار شخص – أو 40 في المائة من البشرية. ولحسن الحظ، فإن الأرض بها القدرة على الصمود. لكنها بحاجة لمساعدتنا.:
وقالت إنغر أندرسن المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في مطلع شهر يونيو الماضي ’’استعادة النظم البيئية هو حل رائع. إنها تبطئ من وطأة تغير المناخ، وتعيد التنوع البيولوجي المفقود، وتخلق أراضٍ منتجة للزراعة، وتوفر فرص عمل، وتعيد الحواجز الطبيعية ضد الأمراض والأوبئة الحيوانية المصدر.
وأضافت’’إذا عملنا بجد في أربعة مجالات – من أجل جعل التدفقات المالية متوافقة مع الطبيعة؛ ولحماية أولئك الذين يعملون على إدارة الأراضي؛ ولجعل مدننا خضراء؛ واستعادة الكوكب الأزرق – فإننا بذلك سنساعد الطبيعة على التعافي ونجعل حياة الجميع أفضل‘‘.
في السياق،أعلنت دول عربية عدة في مقدمتها السعودية والإمارات العربية المتحدة عن اعتماد استراتيجية لمكافحة تغير المناخ بتقليل الاعتماد على النفط والغاز كمصدرين رئيسين في دخولها القومية.
لكن معهد أبحاث بروكنغز Brookings الأمريكي شكك في دراسة له العام الحالي في جدية تلك الخطط مشيرا إلى أن خطط التنمية في القطاعين العام والخاص ما تزال مرتبطة بالنفط والغاز حتى في ظل النوايا الطيبة لما تعلنه الحكومات.
وتشير دراسة للبنك الدولي إلى أن عائدات النفط والغاز ما تزال تمثل نحو أربعين في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي ، ما عدا الإمارات 30 في المئة، والبحرين التي يوشك احتياطيها على النضوب 18 في المئة. فهل يمكن التخلي عن تلك العادات من أجل التغير المناخي؟
وبالرغم من أن انتاج الوقود الأحفوري، خاصة النفط والغاز، لا يقتصر على الدول العربية فقط، إلا أن هذه الثروة الطبيعية مثلت أساسا لقيام دول واستقرارها، كما أن عائداتها مسؤولة عن توازنات اجتماعية وسياسية تتجاوز النطاق الجغرافي لمناطق الإنتاج، وهو الأمر الذي يجعل من استمرار تدفق تلك العائدات أمرا مهما في سياسات العالم العربي.
وخفض تفشي فيروس كورونا الاستهلاك اليومي من النفط الخام بمقدار الثلث هذا العام، ودفعت الآثار الاقتصادية الناجمة عن الجائحة أسعار النفط لتبلغ أدنى مستوى لها منذ 18عاما.
وحدت زيادة استخدام السيارات الكهربائية، والاتجاه نحو التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة كثيرا من الخبراء، إلى التكهن باقتراب نهاية عصر النفط في البلدان العربية. ورغم أن ذلك قد يمثل نبأ سارا للبيئة، إلا أن تداعياته الاقتصادية على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تكون كارثية، ولا سيما أن أغلبها لا يزال يعتمد بشكل كبير على النفط كمصدر رئيسي للطاقة، رغم انفرادها بإمكانيات هائلة فيما يتعلق بإنتاج الطاقة النظيفة.
ويشكل الوقود الأحفوري المصدر الرئيسي لنحو 85 في المئة من إنتاج الطاقة في العالم، لكن جهودا كبيرة تُبذل لتغيير هذه الحال، إذ حفز تنامي الوعي بتداعيات ظاهرة تغير المناخ دول العالم للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، لتستعيض عن الوقود الأحفوري الذي يسهم بثلثي انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، ويقتل التلوث الناجم عنه أكثر من 4 ملايين شخص سنويا، ناهيك عما تسبب فيه من اضطرابات سياسية واقتصادية عصفت بعدد من الدول النفطية، لاسيما في الشرق الأوسط.
وتتوقع عدة تقارير أن يصبح توليد الطاقة من الشمس والرياح أقل تكلفة، من استخدام مولدات الفحم والغاز بحلول العام 2027، ما يشكل تحديا ضخما لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورغم ما تمتلكه دول المنطقة من إمكانات هائلة، فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة، إلا أن الطريق أمامها لا تزال طويلة، لتخفيض اعتمادها على النفط وخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، فضلا عن الاعتماد على الطاقة النظيفة، خاصة إذا علمنا أن 80 في المئة من إنتاج الطاقة المتجددة غير المائية قد تركز في أربع دول منها فقط، وأن الطاقة المولدة من مصادر متجددة مثلت 6 في المئة فقط من إجمالي سعة إنتاج الطاقة.
ورغم قتامة الصورة التي يرسمها ما تقدم من حقائق، تشير إحصاءات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن ثمة اتجاها لدى دول المنطقة، نحو تقليل الاعتماد على النفط والاستثمار في الطاقة المتجددة، إذ استثمرت دول الشرق الأوسط 11 مليار دولار أمريكي في مصادر الطاقة المتجددة عام 2016، مقارنة بمليار و200 مليون دولار عام 2008، بزيادة تقترب من تسعة أضعاف خلال ثماني سنوات فقط.
ويشير تقرير اللجنة الحكومية الدولية لتغير المناخ، إلى افتقار معظم حكومات دول الشرق الأوسط إلى الإرادة السياسية، للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بالسرعة اللازمة.