تحقيق السلام في اليمن ليس مستحيلاً.. على المبعوث الأممي “جرندبيرج ” أن لا يكرر أخطاء سابقيه
عبدالرحمن علي الزبيب*
انتهت فترة مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن عام 2021م بخيبة أمل كبيرة، وبيان قام بتلاوته في مجلس الأمن الدولي يبرر فيه فشل دور الأمم المتحدة في إيقاف الحرب في اليمن وتدهور الوضع الإنساني الخطير في اليمن بسبب فشل الأمم المتحدة في إدارة برامج ومشاريع الإغاثة الإنسانية في اليمن وشبهات الفساد العريضة الذي تسبب فيها غياب الشفافية الشاملة في عمليات المساعدات والإغاثة الإنسانية وكافة مشاريع وبرامج الأمم المتحدة في اليمن .
فشل في الملف الإنساني وأيضا إخفاق في الملف الاقتصادي وفشل في ملف السلام وإنهاء الحرب وتبادل أسرى الحرب الخ …
قائمة طويلة من المهام التي أخفقت فيها الأمم المتحدة خلال فترة مبعوث الأمم المتحدة السابق، في الوقت الذي كنا كشعب يمني ، نتمنى أن يختتم مبعوث الأمم المتحدة مهامه في اليمن بتلاوة إنجازاته لا إخفاقاته وأن يكون المحور الأول في بيانه نجاح جهود الأمم المتحدة لإيقاف إطلاق نار شامل في اليمن وإجراءات ضمان سلام مستدام ..
ورغم ذلك ذهب مبعوث الأمم المتحدة السابق وتم طي صفحته والتاريخ سيوضح ماذا عمل وأين أخفق ولماذا؟!..
كنا كشعب يمني نتمنى على الأقل أن يختتم مبعوث الأمم المتحدة مهامه بمكاشفة الرأي العام اليمني والدولي وجردة حساب لكل ما تم خلال فترة عمله وتحديد المسؤولية لكل من تسبب في إخفاق جهود السلام في اليمن كنا نأمل بنشر تقرير تفصيلي بكل الخطوات التي تمت خلال فترة عمله في اليمن والمعيقات والصعوبات والأسباب ومقترحات الحلول ..
ولكن للأسف الشديد غادر المبعوث الأممي عمله ببيان غامض غير واضح التفاصيل ونخشى أن يتسبب هذا الغموض في تكرار نفس الأخطاء والإخفاقات من قبل المبعوث الجديد ..
يطالب الشعب اليمني من الأمم المتحدة ابتداءً من مجلس الأمن الدولي وكافة أجهزتها ومؤسساتها بتقييم مهني واضح لعملها في اليمن خلال الفترة الماضية وإخفاقاتها لكي لا تستمر الأمم المتحدة في المكوث في مربع الإخفاقات والفشل في القيام بمهامها الإنسانية والسياسية وإخفاقها في تحقيق هدف إنشائها، وهو إيقاف وإطفاء الحروب في العالم وتحسين الوضع الإنساني ..
جاء تعيين السويدي هانس جرندبيرج مبعوثاً جديداً للأمم المتحدة في اليمن لينعش الآمال في تصحيح الأمم المتحدة مسار عملها في اليمن الذي ثبت فشلها خلال الفترة الماضية من عام 2014- وحتى الآن ..
نتطلع إلى تحرك إيجابي صارم لمبعوث الأمم المتحدة الجديد نحو إيقاف الحرب في اليمن وفصل كافة الملفات عن بعضها وتحرك كافة الملفات في مسارات منفصلة، بحيث لا يؤثر إخفاق أي ملف في الملفات الأخرى ونرفع إلى مبعوث الأمم المتحدة أهم محاور تحركه القادم إذا رغب في إنجاح مهام الأمم المتحدة في اليمن، كالتالي :
* إنجاح الملف الإنساني والإغاثة الإنسانية وتعزيز الشفافية الشاملة ومكافحة أي فساد في هذا الملف الهام وعدم ربط الملف الإنساني بالملفات الأخرى.
* إيلاء اهتمام هام بالملف الاقتصادي في اليمن ابتداء بتوحيد البنك المركزي اليمني وما يترتب على ذلك من توحيد الإيرادات والنفقات وفقا لموازنة عامه شفافة وضبط سوق الصرف الوطني وبما يضمن الحفاظ على استقرار سعر صرف الريال اليمني ويصاحب هذه الخطوة تفعيل آليات ومؤسسات مكافحة الفساد وإحالة أي طرف أو جهة أو شخص متورط في فساد والعبث بالإيرادات العامة أو النفقات العامة في اليمن إلى التحقيق معه من قبل لجنة تحقيق مستقلة ويخضع لها الجميع دون تمييز ولا استثناء .
* بذل الجهود لصرف مرتبات جميع موظفي الدولة في عموم محافظات اليمن دون تمييز ولا استثناء وفقا لكشوفات مرتبات عام 2014م وضمان استمرارية صرف المرتبات دون انقطاع ومنع أي طرف في التدخل في هذا الملف بأي شكل من الأشكال وهذا الإجراء إلى جانب أنه إنساني أيضا له أبعاد أكثر أهمية وأهمها استعادة مؤسسات الدولة لدورها وعملها الذي عطلها وأوقفها توقيف صرف المرتبات .
* فتح كافة المنافذ الداخلية والخارجية دون تمييز ولا استثناء لدخول وخروج كافة السلع والبشر وفقا للقانون وإدارة جميع المنافذ بشكل شفاف وإشراف أممي لضمان عدم استخدام تلك المنافذ بشكل خاطىء.
* تنفيذ عملية تبادل لأسرى الحرب شاملة في اليمن، الكل مقابل الكل.
* تحييد وزارات ومؤسسات الخدمات العامة من إدارة أي طرف في كافة محافظات اليمن.
* البدء بخطوات متسارعة لتوقيع اتفاق إيقاف إطلاق النار يتلوها مفاوضات شفافة تحت أضواء الكاميرات ويتم بث كافة جلسات التفاوض ليعرف الشعب اليمني من يعرقل ومن يعطل السلام وإلغاء آليات المفاوضات السرية وراء الكواليس التي غالبا ما تفشل وكل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية الفشل، بالشفافية سيتحمل الجميع مسؤوليتهم .
* الإعداد والتنسيق لخطط ما بعد إيقاف الحرب من إعادة الإعمار وإنفاذ جميع أركان العدالة الانتقالية من تعويض للضحايا .
تحقيق السلام في اليمن ليس مستحيلاً، هو فقط بحاجة إلى جهود حثيثة من الأمم المتحدة تبدأ تلك الجهود بتقييم جاد لدور الأمم المتحدة خلال الست السنوات الماضية في اليمن يحدد فيها الإخفاقات والصعوبات والمعيقات ليتم البدء بخطوات تتلافى تكرار تلك الأخطاء.
* باحث قانوني وناشط إعلامي