الثورة نت/ وكالات
بالتزامن مع تصاعد القتال بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان على الأرض، وفرار الآلاف من منازلهم، اُختتم في العاصمة القطرية الدوحة اجتماع للسلام بين الجانبين بالاتفاق على الإسراع بالمفاوضات لإيجاد تسوية عادلة للصراع الدائر في البلاد فيما أخفقوا بالتوصل إلى هدنة بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
وبحسب البيان الختامي المشترك للجانبين الصادر الليلة الماضية، فقد توصل وفدي الحكومة الأفغانية وحركة طالبان إلى الاتفاق على الإسراع بالمفاوضات الجارية في الدوحة بوساطة قطرية، لإيجاد تسوية عادلة للصراع الدائر في أفغانستان منذ عقود، على أن يعقدا اجتماعا آخر قريبا ضمن مسار الدوحة.
وتعهّد الطرفان في ختام اليوم الثاني من مفاوضات الدوحة للسلام في أفغانستان بالتوصل إلى حل عادل.
وأكدا في بيانهما الالتزام بمواصلة المفاوضات على مستوى رفيع حتى الوصول لتسوية تلبي مصالح الأفغان وفق المبادئ الإسلامية، كما اتفقا على تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء أفغانستان.
وجاء البيان عقب انتهاء الجلسة الثانية لمحادثات السلام الأفغانية، والرامية إلى التوصل لتسوية سياسية تؤدي لإحلال السلام في البلاد بعد عقود من الحرب.
على الصعيد نفسه.. أصدرت نحو 15 بعثة دبلوماسية وممثل حلف شمال الأطلسي في العاصمة الأفغانية كابول اليوم الاثنين بيانا مشتركا تدعو فيه حركة طالبان على وقف الهجمات العسكرية في أنحاء البلاد بعد ختام اجتماع الدوحة الذي لم يأت على ذكر أي وقف لأعمال العنف المحتدمة في أفغانستان.
وقالت البعثات الدبلوماسية وممثل حلف شمال الأطلسي في بيانها: “في عيد الأضحى.. يجب أن تضع طالبان أسلحتها للأبد وتظهر للعالم التزامها بعملية السلام”.. حيث ستبدأ عطلة عيد الأضحى في أفغانستان غدا الثلاثاء.
وصدر البيان عن البعثات الدبلوماسية لأستراليا وكندا والتشيك والدنمارك والاتحاد الأوروبي وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا وهولندا وإسبانيا والسويد وبريطانيا والولايات المتحدة إضافة للممثل المدني لحلف شمال الأطلسي.
ويشار إلى أن طالبان كانت تعلن في عطلات الأعياد السابقة وقفا مؤقتا لإطلاق النار وتقول إنها تريد أن تترك المواطنين الأفغان يقضونها في سلام.. لكن الحركة لم تصدر مثل هذا الإعلان حتى الآن هذه المرة مع تحقيقها مكاسب سريعة بمستويات غير مسبوقة تقريبا خلال معارك في أنحاء البلاد.
واكتسب مسلحو طالبان جرأة مع اقتراب انسحاب القوات الأجنبية من البلاد بعد 20 عاما من القتال.
وأدان بيان البعثات الدبلوماسية، انتهاكات الحقوق مثل مساع لإغلاق مدارس ووسائل إعلامية تناقلتها تقارير إعلامية في مناطق تمكنت طالبان مؤخرا من السيطرة عليها.. ونفت الحركة من قبل مثل تلك التقارير.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الحكومة الأفغانية وحركة طالبان اتفقتا على 4 أمور أساسية وهي: الإبقاء على تمثيل عال لوفدي الجانبين في المفاوضات لكي يستطيعا اتخاذ القرار، فضلًا عن الاتفاق على تجنب استهداف البنية التحتية والمدنيين، وتقديم المساعدة للفرق الطبية لمواجهة الارتفاع الكبير لأعداد المصابين بجائحة فيروس كورونا في البلاد.
كما وافق الطرفان على عقد جولة تفاوض أخرى في أقرب وقت، وعلى ضرورة تسريع المفاوضات لبلوغ حل سياسي شامل وعادل.
وكان مصدر في وفد حركة طالبان قد أفاد بأن الحركة قدمت اقتراحًا يتضمن إجراءات لبناء الثقة بينها وبين الحكومة؛ وذلك عبر إطلاق سراح السجناء لدى الجانبين والإعلان عن هدنة مؤقتة خلال فترة عيد الأضحى المبارك.
وأكدت الحركة أنها تؤمن بأن الحل السياسي هو الأنسب لإحلال السلام في أفغانستان، وأنها تسعى لإقامة علاقات مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
ويذكر أن الجولة الحالية من محادثات السلام الأفغانية انطلقت السبت، حيث عبّر رئيسا وفدي الحكومة برئاسة عبدالله عبدالله وحركة طالبان برئاسة الملا عبد الغني برادار عن تفاؤلهما بالوصول لتفاهمات توقف التصعيد الجاري في أفغانستان.
وكان رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبدالله عبدالله، الذي يرأس فريق الحكومة الأفغانية في المحادثات، قد توقع نتيجة “إيجابية وبناءة” من المحادثات.
وكشفت مصادر مطلعة على الأمر أن طالبان أصرت في الجولة الأخيرة على إطلاق سراح 7000 سجين وشطب أسماء قادتها من القائمة السوداء للأمم المتحدة، وأكد وفد الحكومة ضرورة وضع خريطة طريق للسلام في أفغانستان.
وعقد الاجتماع خلف أبواب مغلقة بين فريق الحكومة المؤلف من 7 أعضاء بقيادة عبدالله عبدالله ووفد طالبان المكون من 7 أعضاء بقيادة عبد الغني بردار نائب زعيم الجماعة.
وقال المتحدث باسم مجلس المصالحة فريدون خوازون: “وجود وسيط في المفاوضات والمشاركة السياسية وأمور أخرى كانت المواضيع الرئيسية للمناقشة.. وسنستمر في المفاوضات وسنصدر بيانًا في النهاية”.
وشددت وزارة الدولة لشؤون السلام على أنه سيتم بذل جهود كبيرة لإيجاد سبل لتسريع جهود السلام.
في غضون ذلك، أكد زعيم طالبان هبة الله آخوند زاده في بيان بمناسبة عيد الأضحى، أنه رغم التقدم العسكري الذي تحققه حركته على الأرض، فإنها تؤمن أن الحل السياسي هو الأنسب لإحلال السلام بالبلاد.
وأضاف آخوند زاده: “دعونا نحل مشكلاتنا فيما بيننا وننقذ وطننا من الأزمة السائدة.. نحن من جهتنا مصممون على التوصل إلى حل من خلال المفاوضات”.
وشدد زعيم طالبان على أن حركته تسعى لإقامة علاقات مع المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة بعد انسحاب قواتها من أفغانستان.. قائلاً: “نريد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية جيدة ووثيقة، مع جميع دول العالم بما فيها الولايات المتحدة”.
وفي تصريحات وجهها لدول الجوار، قال آخوند زاده: إن حركته لن تسمح باستخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن جيرانها واستقرارهم.
وفي الوقت الذي يعقد فيها الاجتماعات الساعية لإحلال السلام في أفغانستان ووقف الحرب بالتوصل لحل عادل للحرب قالت حركة طالبان اليوم: إنها استولت على منطقة دهراود في إقليم أرزكان، إلى الجنوب الغربي من كابول، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية ليل الأحد.. فيما أكد مسؤولون في الإقليم تقدم طالبان.
وفي إقليم سامنجان الشمالي الذي تستمر الاشتباكات فيه حتى اليوم، قال الجيش الأفغاني: إن قوات الأمن تمكنت من استعادة منطقة من أيدي المتمردين، وإن 24 من مقاتلي الحركة بمن فيهم قائدان وحاكمها للمنطقة، قتلوا.
وزار الرئيس الأفغاني أشرف غني عاصمة إقليم هرات في غرب البلاد اليوم.
واستولت طالبان على جميع مناطق الإقليم في الأيام القليلة الماضية باستثناء مدينة هرات العاصمة، التي تخضع للحصار.
من ناحية أخرى، كتب رئيس المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان المشارك في المحادثات عبد الله عبد الله اليوم الاثنين على “تويتر”: إن الاجتماعات التي عقدت بين القادة الأفغان وحركة طالبان في الدوحة بحثت سبل التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الصراع.
وأضاف: “اتفقنا على مواصلة المحادثات والسعي للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الحالية وتجنب سقوط قتلى من المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية لمواجهة جائحة كوفيد-19”.
الجدير ذكره أن المحادثات بين طالبان والمسؤولين الأفغان بدأت في سبتمبر من العام الماضي لكنها لم تسفر حتى الآن عن أي تقدم.. ونفى المتحدث باسم طالبان في الدوحة محمد نعيم تقارير إعلامية تفيد بأن الحركة وافقت على وقف إطلاق نار في العيد في مقابل إطلاق سراح سجناء منها.