»القبول بأمريكا يعني القبول بإسرائيل«.. وثائق تكشف الدور الأمريكي في كسر المقاطعة العربية للبضائع الصهيونية
أمريكا وتدجين العرب لإسرائيل..”لا تقاطعوا البضائع الإسرائيلية وقاطعوا مؤتمرات المقاطعة”
نظام صالح استجاب لتوجيهات أمريكا بإنهاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية مقابل الانضمام لمنظمة التجارة الحرة
أمريكا عملت على إغلاق مكتب المقاطعة العربية المركزي في دمشق
كشفت وثائق سرية عن أن النظام السابق في اليمن قبل طلب أمريكا بإنهاء مقاطعة الكيان الصهيوني ، قبل أكثر من عشرين عاما.
وحسب الوثائق التي نشرتها وزارة الاعلام مؤخراً فإن نظام علي عبدالله صالح في اليمن استجاب للطلبات الأمريكية المتكررة بشأن إنهاء مقاطعة البضائع الإسرائيلية ، وقاطع مؤتمر المقاطعة السنوي الذي كان يعقد حينها في دمشق بمقر مؤتمر المقاطعة.
وقد عرضت أمريكا على النظام السابق كي يقبل بإنهاء المقاطعة انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية ، وتشير الوثائق إلى أن السفارة الأمريكية في صنعاء ومسؤولين أمريكيين زاروا اليمن، وجهوا طلبات إلى رئاسة الجمهورية بإنهاء المقاطعة للبضائع الإسرائيلية ، ومقاطعة اجتماعات مكتب المقاطعة المركزي في دمشق عام 2007م.
الثورة/ عادل العصار
• المقاطعة العربية
في 2 ديسمبر 1945 ، أصدرت جامعة الدول العربية التي شكلت حديثًا ، وكانت تتألف آنذاك من ستة أعضاء ، دعوتها الأولى للمقاطعة الاقتصادية للمجتمع اليهودي في فلسطين ، وحث الإعلان جميع الدول العربية (وليس الأعضاء فقط) على حظر منتجات واستخدام منتجات الصناعة اليهودية في فلسطين وجاء في نص الإعلان:
تعتبر منتجات اليهود الفلسطينيين غير مرغوب فيها في الدول العربية. يجب حظرها ورفضها طالما أن إنتاجها في فلسطين قد يؤدي إلى تحقيق الأهداف السياسية الصهيونية.
في عام 1946 ، أنشأت جامعة الدول العربية اللجنة الدائمة للمقاطعة ، ومقرها القاهرة ، وبعد إعلان الكيان اليهودي رسميا عن نفسه على الأراضي الفلسطينية في 14 مايو 1948 ، كررت جامعة الدول العربية دعواتها لحظر جميع المعاملات المالية والتجارية مع اليهود ، وقطعت جامعة الدول العربية الاتصالات البريدية والبرقية والراديوية مع الكيان اليهودي ، وفرضت الدول العربية حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على الكيان الذي تشكل لتوه.
ثم في العام 1949 ، انتقلت لجنة المقاطعة العربية إلى دمشق بسوريا عام 1949 ، ودعت الدول العربية إلى إنشاء مكاتب وطنية للمقاطعة ، تضمنت الإجراءات اللاحقة التي اتخذتها اللجنة إلزام أولئك الذين يبيعون البضائع إلى الدول العربية بتقديم شهادة منشأ لإثبات أن البضائع لم يتم تصنيعها من قبل اليهود ، وتخصيص 50 ٪ من قيمة البضائع المصادرة بهذه الطريقة لموظفي الجمارك ، منع العرب من استخدام البنوك اليهودية وشركات التأمين والمقاولين ووسائل النقل اليهودية في فلسطين. بدأت الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بتنفيذ هذه القرارات من خلال الإجراءات القانونية والإدارية.
• انشاء مكتب المقاطعة المركزي في دمشق
في 19 مايو 1951 ، أنشأ مجلس جامعة الدول العربية خلفًا للجنة المقاطعة الدائمة التي أحلت وقتها ، مكتب المقاطعة المركزي (CBO) ، ومقره في دمشق ، وتم إنشاء مكاتب فرعية في كل دولة عضو في جامعة الدول العربية ، تم إنشاء منصب مفوض المقاطعة لتوجيه مكتب المجتمع المدني وتم تعيين النواب ، الذين كانوا يعملون كضباط اتصال معتمدين من قبل كل دولة عضو في جامعة الدول العربية. كانت المهمة الأساسية للمنظمات المجتمعية في دمشق هي تنسيق المقاطعة مع المكاتب التابعة لها ، وتقديم تقارير منتظمة إلى مجلس جامعة الدول العربية ، كان مكتب المقاطعة يعقد اجتماعات نصف سنوية منذ عام 1951 لتنسيق سياسات المقاطعة وتجميع القوائم السوداء للأفراد والشركات التي انتهكت المقاطعة.
تقوم كل دولة عضو في جامعة الدول العربية بتنفيذ القرار من خلال الإجراءات القانونية والإدارية. أخيرًا ، نص القرار على أن «المشاركة في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظم بمبادرة من دولة واحدة أو من قبل منظمة دولية لا يمكن أن تحضر إذا دُعي الكيان الصهيوني أيضًا» ، وتوسع في مرسومها الصادر في عام 1950 بأن مثل هذا المؤتمر لن ينظم من قبل دولة عربية.
• أمريكا:أغلقوا مكتب المقاطعة وقاطعوا اجتماعاته
ما بين الأعوام 2000 حتى ٢٠٠٧ ضغطت أمريكا على اليمن عدم حضور اجتماع مكتب المقاطعة المركزية لإسرائيل في دمشق للفترة من ٥ إلى ٧ نوفمبر ٢٠٠٧ ، وتكشف الوثائق عن مساومة أمريكية للنظام اليمني وقتها بأن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية يتطلب منه التخلي عن مقاطعة إسرائيل وعدم حضور اجتماع مكتب المقاطعة العربية المركزي في دمشق.
وفي وثيقة ثالثة حول مذكرة من السفارة الأمريكية إلى وزارة الخارجية تتضمن «املاءات بوقف المقاطعة للبضائع والخدمات الصهيونية».
في العام ٢٠٠٧ ضغطت أمريكا لإفشال انعقاد مؤتمر المقاطعة العربية لإسرائيل في دمشق للفترة من ٥ إلى ٧ نوفمبر ٢٠٠٧ ، إذ تكشف وثيقة مؤرخة بـ 11/11/ 2007م إملاءات أمريكية واضحة للنظام الحاكم في اليمن بعدم حضور اجتماعات مكتب المقاطعة المركزية في دمشق ، وضرورة التخلي عن مقاطعة إسرائيل.
وتتضمن الوثيقة التي هي عبارة عن رسالة موجهة من السفارة الأمريكية إلى وزارة الخارجية اليمنية طلبا من الأمريكيين لليمن بعدم حضور مؤتمر المقاطعة العربية لإسرائيل المنعقد في نفس الشهر بدمشق ، ، مقابل انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية التي كان الصريع عفاش يسعى للانضمام إليها وقد ضمنت بتاريخ.
الرسالة الموجهة من السفارة الأمريكية إلى وزارة الخارجية تتضمن والتي أرفقت برسالة غطائية من وزير الخارجية أبو بكر القربي كانت عبارة عن «املاءات بوقف المقاطعة للبضائع والخدمات الصهيونية» ، وتكشف رسالة السفارة المرفق بها مذكرة رفعها وزير الخارجية ابوبكر القربي إلى مدير مكتب الرئاسة على محمد الآنسي طلب السفارة الأمريكية من الحكومة «بعدم دعم أو إرسال ممثلين إلى مؤتمر المقاطعة العربية لإسرائيل.
وجاء في مذكرة السفارة الأمريكية –مرفقة برسالة القربي – «إن الولايات المتحدة ترى بأن لقاء المقاطعة العربية لا يمثل عائقا في الاقتصاد العالمي فحسب ولكن يشكل ايضا حاجزا يحول دون المشاركة في الاقتصاد العالمي وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوسيع التجارة وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي».
الرسالة الصادرة من السفارة الأمريكية أشارت إلى أن الأمريكيين طلبوا من الحكومة التخلي عن المقاطة لإسرائيل ومقاطعة مؤتمر المقاطعة المركزي في دمشق ، ونصت الرسالة «إن انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية يتطلب من الحكومة أن تتخلى عن مقاطعتها المبدئية للبضائع والخدمات الاسرائيلية، وقد حان الوقت كي تتخذ الجامعة العربية قرارا بإغلاق مكتب المقاطعة المركزي في دمشق».
وختم القربي مذكرته المرفقة بالرسالة الأمريكية بالقول «ولا شك أن هذه المذكرة قد أرسلت للعديد من الدول العربية وموقفنا هو الإجماع العربي، وقد تم توجيه سفيرنا في سوريا بالتأكيد عن المشاركة من قبل الدول العربية في الاجتماع».
• التدجين المبكر”إنهاء المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة”
اشتدت المقاطعة العربية على الصهاينة وأثرت بشكل كبير على الوجود الصهيوني في المنطقة وعزلت إسرائيل اقتصاديا ، وحتى بداية التسعينيات التي سبقها المقاطعة النفطية العربية كانت الجامعة العربية تصدر قرارات سنوية بالمقاطعة لإسرائيل ، ومنذ بداية التسعينيات بدأت أمريكا الضغط على الأنظمة العربية ومنها النظام الحاكم في اليمن لإنهاء المقاطعة ، واتخذت التدرج في دفع الأنظمة إلى التخلي عن المقاطعة.
بدأت أمريكا مبكرا بالضغط لإنهاء المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة بداية ، ثم انتقلت إلى الضغط بإنهاء المقاطعة العربية للبضائع الصهيونية من الدرجة الأولى ، وصولا إلى التطبيع الكامل خلال العشرية الحالية الذي رعته أمريكا.
(يقصد بالمقاطعة من الدرجة الأولى مقاطعة البضائع والخدمات مصدرة من إسرائيل ، أما المقاطعة من الدرجة الثانية، فهي مقاطعة الشركات غير العربية التي تتعامل مع إسرائيل ، اما المقاطعة من الدرجة الثالثة فهي مقاطعة الشركات التي تشحن بضائعها من خلال المنافذ الإسرائيلية).
• خيانة مبكرة
في لقاء جمع وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية في اليمن أحمد ضيف الله الغريب ، والوكيل المساعد لوزارة الخارجية الأمريكية الذي زار صنعاء في مايو 1993 ، طلب الأخير من الجانب اليمني إنهاء مقاطعة الشركات الأمريكية التي لها علاقات بإسرائيل وهي المقاطعة من الدرجة الثانية.
ويكشف محضر اللقاء للاجتماع المشار إليه عن الدور الأمريكي المبكر لإنهاء المقاطعة للصهاينة ، وعن خيانة النظام اليمني للقضية الفلسطينية والتوجه نحو التعامل مع الصهاينة.
وتشير الرسالة المؤرخة بـ ٩/٥/١٩٩٣ التي وجهها وكيل وزارة الخارجية للشئون السياسية احمد ضيف الله الغريب إلى مدير مكتب رئاسة الجمهورية حينها علي محمد الآنسي، وأرفق بها محضر مكتوب بخط اليد حول لقاء الاول مع الوكيل المساعد لوزارة الخارجية الأمريكية الذي زار صنعاء وناقش معه موضوع الانتخابات وملفات أخرى منها ملف المقاطعة للشركات الأمريكية التي لها علاقة بإسرائيل ، إلى طلب أمريكي من النظام الحاكم إنهاء المقاطعة.
وتذكر الرسالة أن الوكيل المساعد لوزارة الخارجية الأمريكية طلب «إعادة النظر في سياسة المقاطعة المفروضة على الشركات الأمريكية التي لها علاقة بإسرائيل ويقول إن معظم الشركات الأمريكية الهامة لها علاقة قوية مع إسرائيل وهي تشكو من الشروط الذي تفرضها المقاطعة».
•الأمريكيون: المقاطعة للبضائع والخدمات الإسرائيلية تعيق السلام
مع تنامي التأثيرات الكارثية على اقتصاد الكيان الصهيوني والشركات الأمريكية جراء المقاطعة العربية لإسرائيل ، تسارعت التحركات الأمريكية لتمارس ضغطا اكبر في اتجاه ايقاف استمرار هذا التوجه.
في الأول من يونيو عام ٢٠٠٥ جمع لقاء وزير الخارجية الأسبق أبو بكر القربي مع السفير الأمريكي لدى اليمن توماس شارلز كرادجسكي، لمناقشة ملفات منها زيارة إيران التي عاد منها القربي ، وتركز النقاش حول المقاطعة وضرورة إنهائها.
عبر السفير عن الانزعاج الأمريكي من المقاطعة للبضائع الصهيونية ، متحدثا للوزير أبو بكر القربي بأن المقاطعة تعيق عملية السلام ، وأنها تزعج الإدارة الأمريكية.
وتكشف وثيقة هي عبارة عن رسالة موجهة من وزير الخارجية أبو بكر القربي إلى علي محمد الآنسي مدير مكتب رئاسة الجمهورية وفيها إحاطة للأخير عما دار في اجتماع القربي بالسفير الأمريكي في صنعاء ، عن الطلب الأمريكي لإلغاء اجتماعات لجنة المقاطعة العربية.
وتبين الرسالة المكانة التي كانت تحظى به توجيهات السفير الأمريكي، إذ قدم القربي شرحا عما تطرق إليه في اجتماعه بالسفير الأمريكي كرادجسكي لموضوع «المقاطعة العربية لإسرائيل في ضوء التحضيرات لعقد اجتماع للجنة المقاطعة العربية»، وأوضح القربي أن السفير الأمريكي أوضح «بأن أمريكا ترى عدم جدوى المقاطعة وضرورة رفعها، ليس فقط تلك المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة، ولكن المقاطعة من الدرجة الأولى للشركات التي تتعامل مع اسرائيل».