يقصد بالاكتفاء الذاتي أن يعتمد بلد ما على إمكانياته الخاصة للحصول على احتياجاته من السلع الاستهلاكية والاستثمارية بهدف التقليل من مستوى التبعية السياسية والاقتصادية للدول الأخرى وبالتالي تحقيق درجة أعلى من الاستقلالية في قراراته ومواقفه الدولية والداخلية، والاكتفاء الذاتي هو القدرة على إنتاج جميع الاحتياجات الأساسية محليا من خلال الاعتماد الكامل على الموارد والإمكانيات الذاتية والاستغناء كليا عن الاستيراد لتلبية هذه الاحتياجات وأيضا من أهميته أنه يحمي الدولة في حال تعرضها للحصار، أي أن الاكتفاء الذاتي يعد حماية وطنية ويخفف من حاجات الدولة في توفير العملات الأجنبية لاستيراد المواد الأساسية أي أنه يخفف الضغط على ميزان المدفوعات وينتهي العجز في الموازنة العامة ويحافظ على سعر قيمة العملة الوطنية، بالإضافة إلى أنه يحقق شعورا بالعزة والكرامة للدولة واستقلالية في قرارها، ويخلق فرص عمل ويعتبر خلا للعديد من المشكلات ومنها مشكلة البطالة ..
وقد أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في كثير من محاضراته ضرورة العمل على تطوير الإنتاج المحلي والسعي للوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بدلا من الاعتماد على المنتجات الخارجية وقال إن علينا أن نعي ضرورة الإنتاج المحلي حيث أننا الآن نستورد كل متطلبات حياتنا وبأموال كبيرة جدا وبمليارات الدولارات سنويا، وأضاف أن مليارات الدولارات التي تذهب للخارج لو صرفت نحو الداخل فهي ستشغل الفقراء بدلا من ذهابها إلى جيوب الأجانب، ووجه الجانب الرسمي للاهتمام بالإنتاج الداخلي على كل المستويات، مؤكدا أن الأمر يتطلب تعاون المجتمع في ذلك، ومن ناحية أخرى أكد السيد القائد في محاضراته على ثلاث قضايا استراتيجية يمكن أن تمثل مداميك أولية لبناء اقتصاد وطني وتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي الاستراتيجية الأولى التنمية المحلية والثانية الاقتصاد الريفي والثالثة الأسرة المنتجة أو الاقتصاد المنزلي .
ومن خلال ما يطرحه السيد القائد -حفظه الله- في محاضراته يجد المتابع والمتأمل أهمية ما تتناوله هذه المحاضرات التي يطرق فيها العديد من المواضيع الهامة ذات الارتباط الوثيق بحياة الناس وقضاياهم وما يحتاجون إليه في أمور دنياهم وأخراهم، ومن ذلك التأكيد على ضرورة الاكتفاء الذاتي والتوجه الجاد للاهتمام بالزراعة حيث تُعد الأرض من أهم محددات التوسع في القطاع الزراعي وأن حجم الإنتاج يتحدد بالمساحات المزروعة خلال موسم معين من العام الزراعي وأن أهم محددات النمو في الإنتاج الزراعي هي عناصر الإنتاج الرئيسية التي تتمثل في الأرض والعمل ورأس المال إضافةً إلى الموارد المائية ومستوى التطور في استخدام الأساليب الفنية الحديثة في الإنتاج، وعلى الدولة أن تتحرك بجدية لتطوير هذا الجانب، حيث تقدَّر المساحات القابلة للزراعة في اليمن بملايين الهكتارات وتتوزع في السهول والأودية والمدرجات الجبلية، وبناء على توجيهات قائد الثورة بضرورة التوجه نحو الزراعة والإنتاج المحلي من الحبوب والمنتجات الزراعية الأخرى لتقليل الاستيراد الخارجي وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولاسيما في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اليمني جراء العدوان والحصار الاقتصادي، ويأتي ذلك أيضا في إطار مشروع الرئيس الشهيد (يد تحمي.. ويد تبني) وما جاء في مصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وما تتضمن من مشاريع وأنشطة تسهم في خدمة المجتمع، وهنا يجب أن يحظى المزارعون بالدعم والمساندة، وبالفعل اتجهت الدولة لتشجيع ودعم مزارعي الحبوب بجميع أنواعها وجميع المنتجات الزراعية واستصلاح الأراضي في العديد من المناطق والمحافظات الزراعية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي..
ويأتي التأكيد على الاكتفاء الذاتي أيضا من خلال الاهتمام بالصناعة، حيث يتعين على الدولة لتحقيق السياسة الصناعية الحالية والمستقبلية توحيد آفاق مستقبلية تعتمد على عنصري الموارد الطبيعية والبشرية، حيث تعتبر وفرة وجودة تلك الموارد نقطة بداية للمسار الصناعي خاصة ما يتعلق بموارد الطاقة كون الاقتصاد الوطني اقتصاد ريعي ما دفع بالحكومة إلى إيجاد وسائل للتكييف مع هذه العراقيل والتحديات من خلال تفعيل عدة برامج في إطار التنمية الاقتصادية، وفي إطار ذلك يلزم اقتراح سياسة جديدة لتأهيل المؤسسات الاقتصادية العامة للدولة في تحسين الإنتاج المحلي وتطوير القدرة التنافسية لمواجهة المنافسة الدولية..
ومن خلال دعم المنتج المحلي سواء الزراعي أو الصناعي والإصلاحات الجوهرية في هذا الجانب وتوجيه جزء كبير منه بما يخدم الاحتياجات الأساسية للمواطن وللمشاريع الإنتاجية المعززة للاكتفاء الذاتي وبرامج التعافي الاقتصادي تأتي أهمية التعليم بجميع أقسامه وخاصة التعليم الفني والمهني لصنع مخرجات ذات كفاءة واقتدار تكون سبباً للتعافي الاقتصادي وكذلك أهمية النهوض بالمشاريع الصغيرة والأصغر لتحقيق النمو الاقتصادي وإعادة النظر في المنظومة القانونية وعمل حلول جوهرية تسهم في فتح العديد من الأسواق المحلية والدولية، ومن جملة السياسات التجارية المطلوبة اللجوء إلى وسائل حماية الصناعة الوطنية من المنافسة الأجنبية للوصول إلى الطاقة القصوى من الإنتاج المحلي خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الصناعة اليمنية وذلك من خلال فرض الرسوم الجمركية المناسبة على السلع المستوردة والمنافسة للإنتاج المحلي بما في ذلك القيود الكمية على المستوردات في بعض الحالات وذلك لكي تتمكن الصناعة الوطنية من الوقوف على قدميها وتغطية تكاليف إنتاجها المرتفعة وتحقيق مستوى مقبول من الأرباح وتقديم المحفزات المالية بأشكال مختلفة وبما يتناسب مع حاجة الصناعات المختلفة وأهميتها للاقتصاد الوطني ودعم إمكانياتها وقدرتها على التصدير.