وفق الرؤية الضيقة المخزونة في أذهان تنابلة النظام السعودي من الصحفيين أصحاب الوجوه الشوهاء ، تصدى هذا البعض للحديث عن تصريحات الأخ محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني المفاوض التي أدلى بها في مطار صنعاء عقب وصوله مع الوفد العماني الشقيق ، كان التركيز الأكبر على كلمة حُسن الجوار، للأسف وفقاً للضغائن والأحقاد الجاهلية الموغلة في قعر الصدور، لم يتم التعاطي بثقافة القرآن الكريم الثابتة في قول الخالق سبحانه وتعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) ، فبدلاً من قراءة الآية بشكل إيجابي يترجم الدلالات الواضحة فيها اتسم الحديث بضيق الأفق والرغبة في التأجيج وزيادة الاحتقان والإصرار على تحريض العالم ضد الطرف الوطني المدافع عن حياض الوطن والمجسد لإرادة 90 % من أبناء الشعب اليمني من خلال استخدام الأسطوانة المشروخة ذاتها ، التي تتحدث عن دور إيران في التوجيه ومد الانقلابيين بالسلاح حسب وصف أحد الكُتاب الذي تناقض مع نفسه وهو يُشير إلى التطور النوعي الخطير الذي أحرزه الحوثيون في تطوير الأسلحة والاستفادة القصوى من خبراء إيران وحزب الله مع الإشارة إلى أن زيادة ترسانة الأسلحة لدى الانقلابيين سيُمثل تهديداً مباشراً للأمن في المنطقة ويهدد الملاحة في البحر الأحمر بشكل خاص .
وفي ختام المقال أورد وصية مؤسس النظام في نجد والحجاز لكي ينصح العالم بأن يستفيد منها للإبقاء على اليمن متخلفاً فقيراً إذا أرادوا أن يأمنوا شرهم ، ما أسلفت كان مجرد واحد من غُثاء المواضيع الهدامة المترجمة لما تُكنه صدور هؤلاء الناس من أمواج الحقد والكراهية لليمن وشعبه، ولتأكيد هذه المعلومة أعود بالذاكرة إلى عقد السبعينيات من القرن الماضي ، فقد استغل الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي زيارة الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري لليمن وعرف منه أنه سيزور السعودية بعد ذلك ، فحمله رسالة للملك خالد قائلاً ( كلما أرجوه يا فخامة الرئيس أن تطلب من الملك خالد أن يدع اليمن وشأنه وأن يوقفوا موجات التآمر والكيد، فاليمنيون أكثر خُلقاً وإنسانية وحباً وتقديراً للأشقاء في المملكة ، يكفي أن تعرف أن اليمنيين هم أدوات النهضة في المملكة، وكلما نرجوه منهم أن يتركونا وشأننا لكي نبني هذا الوطن بالإمكانيات المتاحة لدينا ولا نُريد من أحد شيئاً) أستغرب الرئيس الحمدي ومضى أكثر من أسبوع على عودة النميري إلى بلاده ولم يتلق منه أي رد ، اضطر أن يوفد إليه مبعوث خاصاً أطال الله عمره فلا يزال حياً يرزق ، أستغرب المبعوث والنميري يقول (اعتذر لي من الأخ الرئيس الحمدي استحيت أن أنقل إليه رد الملك خالد ، الرجل نطق بألفاظ أستحي من الله أن أنقلها لفخامة الرئيس، تصور خرج من اللياقة وأسلوب التخاطب السليم بين الدول والزعماء وقال (لن نستكين ولن يهدأ لنا بال إلا عندما يتحول اليمنيون إلى أحذية، ننتعلها متى شئنا ) أكتفي بما أسلفت وفيه صفاقة وحقارة لا مثيل لها في التاريخ الإنساني ، ومن نفس المعلومة تتضح لنا أسباب العدوان الوحشي والقصف العشوائي لكل شيء يمت بأدنى صلة للحياة في اليمن .
* الصهاينة في ميون
الغريب أن النظام الإماراتي يسير على نفس النهج ولكن بمستوى أدنى في الأخلاق والقيم ، لا أقول هذا الكلام من فراغ ، لكني أروي موقف أحد اليمنيين الشرفاء من أبناء عدن ، فهو مهندس وقد طُلب منه الذهاب إلى جزيرة ميون لإصلاح آلة من الآلات الموجودة هناك ، ودُفع له مبلغ مغرِ إلا أنه عندما وصل إلى الجزيرة قرأ على الآلة كلمات عبرية وسمع السائق وآخرين يتحدثون بالعبرية ، بل وعلى رأس أحدهم الكوفية المعهودة فعرف منهم أنهم صهاينة ، ألقى بالمال وأدوات الهندسة التي بيده جانباً وسقط أرضاً مدعياً أنه أصيب بمرض ، فبادر الموجودون إلى إسعافه إلى وحدة صحية في نفس المكان ، لكنه أقنعهم بأن لديه علاج خاص في البيت يعول عليه كثيراً في الشفاء ، فأخذوه إلى عدن لنفس الغرض وعندما وصل امتنع عن العودة ورفض أن يعود معهم ، وفي صباح اليوم التالي فر إلى شبوة ثم إلى البيضاء وهو الآن موجود في إحدى المدن اليمنية المحررة ، عندما سمعت منه هذه القصة لم أستغرب ، لأن هذه الدولة الطارئة والمسؤولين المُسخ ليسوا إلا أدوات قذرة تمكن الصهاينة والأمريكان من تحقيق غاياتهم التي ظلوا يتطلعون إليها لزمن طويل وحاولوا تحقيقها بكل الوسائل ، في هذا الجانب أذكر أن الرئيس السابق صالح عاد من زيارة لأمريكا يتباهى بأنه استطاع أن يلعب على الأمريكان وأن يطلب منهم التواجد في كمران بدلاً من سقطرى وميون، مقنعاً إياهم بأن كمران أكثر استراتيجية تكسبهم القدرة على المراقبة ومنع تسلل الإرهابيين إلى اليمن والمنطقة ، تصوروا هذه المحاولة اعتبرها الرجل بطولة مع أنه بالفعل منح الأمريكان مكاناً يتواجدون فيه وكانوا قد وصلوا إلى كمران ووضعوا لهم حامية فيها بحجة محاربة الإرهاب ، ولم يتوقف الأمر عند ذلك ولكنهم أنتقلوا إلى شيراتون صنعاء بدعوى حماية السفارة الأمريكية وأصبح شيراتون عبارة عن مركز للاستخبارات الأمريكية، خاصة في ظل التنسيق والتعاون بين الأمن القومي سابقاً وجهاز الاستخبارات الأمريكية ، لأن الأخيرة كانت تمنح هذا الجهاز سبعة ملايين دولار شهرياً ، وكان هذا المبلغ يذهب إلى جيوب حمران العيون وينفق على الجهاز ونفقاته التشغيلية من الميزانية العامة للدولة ، ولهذا الغرض جاء الرئيس الأسبق بإبن أخيه عمار محمد عبدالله صالح إلى هذا الجهاز وجعل عليه رجل الاستخبارات الأول علي الآنسي مدير مكتبه كي تظل الدائرة مغلقة ولا يعرف أحد بهذا الأمر ، بعد ذلك تحول الأمن القومي إلى إدارة من إدارات الاستخبارات الأمريكية وكان يمدهم بالمعلومات وكل ما يحصل عليه من أخبار تخدم هذا الجانب .
أنظروا هؤلاء.. هم اليوم من يقولون إنهم يسعون إلى تحقيق السلام ، أي سلام يتحدثون عنه؟! فبينما كانت الطائرة العمانية تحلق في سماء اليمن ، كانت الطائرات السعودية تضرب في عدد من المحافظات وتهدم المساكن على رؤوس ساكنيها من الأطفال والنساء ، وفي نفس الوقت يتحدثون عن السلام ، السؤال موجه إلى من يدّعون أنهم رعاة هذا السلام ، بالذات الولايات المتحدة الأمريكية ، تتحدث عن السلام وهي طرف مباشر في الحرب تمد المعتدين بأبشع الأسلحة وأشدها فتكاً بالإنسان والحياة ، وهذا يجعلنا نتساءل بمرارة أي سلام مع هؤلاء الناس؟! وسيظل السؤال معلقاً في السماء حتى يجد إجابة شافية ، إمّا بنصر مؤزر يحققه أبطال الجيش واللجان الشعبية وهو المرجح ، أو بوجود نظام دولي عادل يعرف ما معنى السلام وما معنى الإنسانية وحقوق الإنسان ، وهذا الأخير مستبعد في ظل وجود الهيمنة الأمريكية .. والله من وراء القصد ..
