حين التزمت صنعاء بتوريد عائدات ميناء الحديدة إلى حساب المرتبات تنصَّلت حكومة المرتزقة عن اتفاق السويد
الملف الاقتصادي في مسار المفاوضات.. أولوية إنسانية يفرضها الوفد الوطني في كل الجولات
مع التأكيد على أن السيادة والثوابت الوطنية خطوط حمراء حل الوفد السلطاني العماني ضيفاً في صنعاء الحرية والصمود والاستقلال قرابة خمسة إيام عائدا إلى مسقط عاصمة السلطنة العمانية الشقيقة حاملا معه آمالا عريضة للشعب اليمني ، في أن تفضي المفاوضات التي يقودها الأشقاء في عمان إلى رفع المعاناة الإنسانية والمعيشية والاقتصادية التي فرضها العدوان والحصار لأكثر من ست سنوات بدءا برفع الحضر عن مطار صنعاء والموانئ اليمنية وغيرها حيث تبرز مطالب شعبية كثيرة بحل المشكلة الاقتصادية وعلى رأسها صرف مرتبات الموظفين التي توقفت نهاية العام 2016م بعد القرار الكارثي والغير وطني بنقل البنك المركزي اليمني إلى عدن ،وبالتأكيد فإن الملف الاقتصادي لم يغب في خطابات السيد القائد والذي شدد في آخر خطاب له على أن رفع المعاناة المعيشية والاقتصادية عن الشعب اليمني أولوية دينية ووطنية لا يمكن إغفالها في مسارات التفاوض لإنهاء العدوان والحصار الاقتصادي الشامل الذي تفرضه قوى العدوان على اليمن
الثورة / أحمد المالكي
رئيس الوفد الوطني المفاوض الذي رافق الوفد العماني حضورا وذهابا محمد عبد السلام قال : أنه قُدم للوفد العماني الشقيق التصور الممكن لإنهاء العدوان ورفع الحصار المفروض على اليمن بدءاً من العملية الإنسانية” بدءا من قائد الثورة وانتهاء بالأطراف الرسمية والشعبية التي التقاها.. لافتا إلى أن التصور اليمني ركز على العملية الإنسانية وما يتطلبه من خطوات لاحقة تؤدي للأمن والاستقرار في اليمن ودول الجوار.
ومما لاشك فيه أن الملف الاقتصادي أخذ مسارات عدة في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة مرورا بمفاوضات ستوكهولم والأردن عمّان
وما أفضت إليه الاتفاقات الخاصة بصرف مرتبات الموظفين من إيرادات الحديدة وإصرار الوفد الوطني المفاوض على إدراج المِـلَـفِّ الاقتصادي ضمن المشاورات ، ومضت صنعاء في التزاماتها بتوريد عوائد ميناء الحديدة إلى حساب المرتبات في بنك الحديدة بإشراف الأمم المتحدة، فيما تنصلت حكومة المرتزقة عن التزاماتها..فهل ستفضي المفاوضات الجارية إلى إنهاء الخلافات في هذا الملف الإنساني المحوري.
لا ينتظر المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ واللجنة الاقتصادية العليا إشادة أممية أو دولية، أو حتى اعترافاً من خصومها، بكونها لم تتخلَّ عن إبداء المسؤولية فيما يتعلق بالآثار والتداعيات الناجمة عن حرب اقتصادية موازية لحرب عسكرية، بدأها تحالف دول العدوان بقيادة السعودية والإمارات، في 26مارس 2015م إذ كان لها السبق في فرض الملف الاقتصادي ضمن أهم الملفات والمحاور التي تضمنتها بنود مشاورات استو كهولهم السويد في ديسمبر 2018م.
ضغط ومتابعة
اتفاق السويد الذي كان واضحاً وصريحاً في السياق الاقتصادي، جاء كما يقول القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا ومحافظ البنك المركزي بصنعاء، هاشم إسماعيل، “بناءً على ضغط ومتابعة وإصرار من قبَل وفدنا الوطني المفاوض، وهذا الأمر لم يكن جديداً في اتفاق السويد وإنما سبقه إصرارٌ منذ أولى جولات المشاورات في إدراج المِـلَـفِّ الاقتصادي ضمن المشاورات، لكنه في السويد كان لافتاً، فقد نص الاتفاق صراحةً على إيداع إيرادات موانئ الحديدة في حسابٍ خاص بالبنك المركزي في محافظة الحديدة، وتقوم الأمم المتحدة بإلزام المجتمع الدولي والطرفِ الآخر بتغطية فجوة العجز ما بين كُلفة فاتورة مرتبات 2014م، وما بين ما يتم تجميعُه في هذا الحساب.
قبل ذلك كان الكثير من الرفض، عند كل محطة من محطات البحث عن إحلال السلام، لكن صنعاء بقيت متمسكة بموقفها المبدئي الذي يؤكد ضرورة تبني الملف الاقتصادي، كأبرز الملفات والمحاور على طاولات التشاور أو التفاوض. ومن مشاورات جنيف في يونيو 2015م، إلى مشاورات الكويت في أبريل 2016، وغيرها من اللقاءات البروتوكولية لاحقاً، واجهت صنعاء الكثير من أشكال الرفض للتعاطي مع الملف الاقتصادي ومعاناة الملايين من اليمنيين جراء استمرار العدوان والإغلاق والحصار ضد الإمدادات الغذائية والدوائية والوقود.
فرض
لكن مع إمكانية القول بنجاح صنعاء في فرض الملف الاقتصادي، ما يتضمنه من قضايا مهمة كقضية المرتبات المنقطعة عن 80 % من موظفي الدولة في السلك المدني، واحتجاز وقرصنة الإمدادات، ومطار صنعاء.. وغيرها، إلا أنها لا تزال في قلب مواجهة عدم التزام الخصوم بالاتفاقات الموقع عليها، وتواطؤ الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. “فالملف الاقتصادي لا زال يراوحُ مكانَه، ويوظَّفُ بما يخدُمُ الأجندة العسكرية للعدوان”، بحسب تعبير هاشم إسماعيل.
إنهاء الانقسام
ظل الوفد الوطني متمسكاً بضرورة إنهاء حالة الانقسام المالي التي كرسها قرار نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن، على أمل أن إعادة البنك المركزي إلى مقره الرئيس في صنعاء سيمكنه من أداء وظائفه بشفافية وكفاءة، كما كان عليه الوضع حتى شهر أغسطس من عام 2016م، لكن بنود الاتفاقية اقتصرت على “إيداع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في فرع البنك المركزي اليمني في الحديدة، للمساهمة في صرف رواتب موظفي الدولة، بدون أن تشير إلى إشكالية نقل وظائف البنك وما تبعها من استحداث لعملة “غير قانونية” وطباعة كميات كبيرة منها بدون غطاء نقدي، كما لم تلزم حكومة المرتزقة بتوريد ما تحت يدها من موارد عامة تكاد تشكل 90 %، من ضمنها عائدات النفط والغاز والموانئ والمنافذ والمساعدات الخارجية وغيرها، ليتسنى صرف الرواتب لجميع الموظفين وفقاً لكشوفات 2014م.
التزام
مضت صنعاء في التزاماتها بتوريد عوائد ميناء الحديدة إلى حساب المرتبات في بنك الحديدة بإشراف الأمم المتحدة، فيما تنصلت حكومة المرتزقة عن التزاماتها، الأمر الذي أعاق التقدم في مسألة استئناف صرف المرتبات لكل موظفي الجمهورية وفق كشوفات 2014م. ولا تزال الأمم المتحدة تمارس دوراً متواطئاً تجاه عدم الالتزام باتفاق تمّ بإشرافها.
مسؤولية
من جانبه حمل عضو الفريق الاقتصادي المفاوض في الملف الاقتصادي أحمد الشامي بعد جولة المفاوضات التي تمت في العاصمة الأردنية عمان المجتمع الدولي والمبعوث الأممي والأمم المتحدة المسؤولية في معالجة الملف الاقتصادي والذي يجب تحييده بعيداً عن الحرب لا سيما وأن الملف الاقتصادي هو الذي سيبني الثقة للتوصل لحل سياسي.
وقال الشامي: إنه لو تم تحييد الاقتصاد فعلاً وإدارة السياسة النقدية بحكمة لكانت السيولة متوفرة والمرتبات تصرف باستمرار.
مشيرا إلى أنه تم في ستوكهولم مناقشة موضوع الملف الاقتصادي ككل ، وكيف يتم معالجة المنظومة الاقتصادية كلها بما فيها توحيد البنك المركزي والسياسة النقدية والمالية وتوحيد الإيرادات بالكامل بحيث تدخل إلى حساب خاص في الجمهورية اليمنية كلها وتصرف المرتبات باعتبارها كأولويات .
أداة للحرب
وأشار عضو الفريق الاقتصادي إلى أن قوى العدوان ومرتزقتهم لم تعد لديهم طريقة لمحاربة وإيذاء الشعب اليمني إلا عن طريق الاقتصاد لأنهم فشلوا عسكرياً وسياسياً واجتماعياً وإعلامياً وثقافياً وبقي لديهم الملف الاقتصادي الذي يستخدمونه كأداة حرب ويحاولون أن يضغطوا به علينا.
مؤكدا أن الحصار الاقتصادي وكذلك عدم صرف المرتبات، جعل الوضع الاقتصادي متردياً، فالموظف لا يستطيع شراء الدواء لأنه لا يجد قيمة الدواء ولو كان معاشه يأتيه فسيذهب لشرائه،
تنصل
في اتفاق السويد قبل أكثر من عامين، تكللت جهود صنعاء على طريق تبني الملف الاقتصادي على طاولة المشاورات برعاية الأمم المتحدة، باتفاق تنص مسودته على جملة من المهام كان ينبغي على حكومة المرتزقة مبادلتها الوفاء والالتزام، إذ شددت المسودة على أهمية الحفاظ على الاقتصاد الوطني من الانهيار، واعتبار ذلك مهمة يجب على الجميع أن يعمل من أجلها لتخفيف معاناة المواطنين في كافة المحافظات بدون استثناء، ودفع رواتب موظفي الدولة، السلك المدني، ومعاشات المتقاعدين والسيطرة على معدلات التضخم وتحقيق استقرار الريال. إلا أن طرف ما يسمى بالشرعية تنصل عن كل الالتزامات والتوافقات في كل ما تم التوصل إليه بخصوص الملف الاقتصادي وصرف المرتبات.