الوحدة اليمنية .. بين وحدة النسيج والتفريق السياسي !!

إكرام المحاقري

 

منجزات وهمية بسبب الفساد الإداري ونهب لمقدرات دولة كانت دولتين، ولعب بمصير شعب في الشمال والجنوب، لطالما تغنى الرئيس الأسبق “عفاش” وتمنن بالوحدة على الشعب خلال عقود حكمه وكأنها منجز فردي، وعلى أرض الواقع تم استباحة كل شيء لعصابة اعتقدت أن هذا من حقها، وللشارع الجنوبي ألف قصة في المعاناة والنهب، وهذا حال الشمال أيضا وإن كان بمبررات أخرى، والمجرم واحد في الاتجاهين..
لم يكن لليمن الحبيب إلا أن يعود وتتوحد لحمته المجتمعية فهو في حقيقة الأمر يمن واحد، وحاله كحال الدولة الإسلامية التي تحولت إلى دويلات متعددة تحت مسميات كثيرة على يد الاستعمار، ثم أتى الفساد والمنجزات الوهمية التي زادت المعاناة والصعوبات بحق الشعب الذي وصل به الأمر للبحث عن وطنه داخل الوطن المفقود!
كانت خطوة لا غبار عليها حين لُم شمل اليمن وعاد موحدا تحت راية وطنية واحدة، والعجيب في الأمر هو لماذا فقدت الوحدة بريقها وأثرها القيم في الشارع اليمني إبان حكم صالح؟ بل إن شعارات التفرقة هي التي عادت إلى الشارع اليمني!
تحول الأمر إلى ثقافة عصبية بغيضة، وتنابز بالألقاب التي مزقت الوطن رغم وحدته، فهناك من يقول “دحباشي” وهناك من يقول شمالي وجنوبي، وتحولت الوحدة إلى لعبة سياسية للسيطرة على رقعة الأرض وليست لزرع المحبة والود والإخاء بين اليمنيين، و تطور الأمر أكثر حتى وصلنا إلى دعوات لتقسيم اليمن إلى ثلاثة ثم أربعة حتى وصل العدد إلى سبعة أقاليم في عهد الخائن هادي! وما يزال اليمن يعاني من ثقافة التشرذم حتى اليوم، خاصة في المناطق المحتلة.
عيد الوحدة ليس مناسبة للترويج لمنجزات وهمية، ولا لإشعال شعلة وشمعة، بل يجب أن يكون لها صداها في جميع المجالات السياسية والإنسانية التي غيبها نظام صالح وشوه جمالها من خلف ستار الوطنية، لا بد للاخوة في الجنوب أن يتمتعوا بالوعي الكامل حيال هذه الأمور الهامة خاصة ومطابخ العدوان قد عملت على إكمال ما قام به نظام صالح لكن بطريقة أخرى، لم نعد نسمع في واقعهم شعارات وطنية بقدر ما نسمع شعارات التمزق والانفصال والتشرذم، ومن باب الإنصاف فالإخوة في الجنوب قد نالهم من (آل الأحمر) ما نال فلسطين من صهيون، من نهب للحقوق وإخفاء قسري للشخصيات الوطنية البارزة، واستهداف واستباحة للبشر والحجر، وهذا ليس ببعيد عمَّا حدث في المحافظات الشمالية وإن كان بشكل مختلف، ولولا الوعي المكتسب لأهل الشمال الذين نجاهم من آفة العنصرية والمناطقية والسلالية ومن أفة سياسة النظام السابق لوجدنا ذات التوجهات المدمرة في الجانبين..
ما يجب أن نتحدث عنه اليوم وما يحب أن يتحقق من جديد هو وحدة الأرض والإنسان والموقف والثقافة والرؤية، ووحدة التوجه في مواجهة العدو الذي عاث في الأرض الفساد، وليس هناك من سيكرر جريمة 94 بحق أبناء الجنوب غير دول العدوان التي كانت في واقع الأمر من تديرها آن ذاك، فحكام الخليج قديما وحديثا لم يتركوا اليمن وشأنه، فهل آن أوان أن نتحد حقا لما فيه مصلحتنا جميعا ومصلحة بلدنا وأجيالنا بعد أن ننبذ أسباب الفرقة والشتات؟! وكل عام واليمن بخير.

قد يعجبك ايضا