في الإجازة الرسمية بعد نهاية الدوام المدرسي لطلاب المدارس يعيش الطلاب الشتات ما بين الشوارع وانكبابهم على أدوات التكنولوجيا الحديثة بكافة أشكالها لقضاء معظم أوقاتهم إن لم تكن كلها.
وجميعنا يعلم سلبيات ذلك التوجه الخاطئ، ففي الشارع يختلط الحابل بالنابل والغث بالسمين.
ومن يحرص أهله على تربيته تربية سليمة، فإنه يجب عليهم أن يجنبوهم ما يهدمها من الشارع، وألا يتركوا لهم الحبل على الغارب في تربيتهم، وذلك لئلا يكون الشارع بكل شوائبه النبع الذي يرتوون منه.
ولأن الأولاد في سن يسهل تشكيلهم فيه ، قد يتنافسون في ما هو مداعاة للخطر، وقد يتجمعون عصابات ويحملون أسلحة خفيفة مثل الخنجر وغيره مما يتسبب –لا سمح الله- في حوادث مفجعة.
ومن سلبيات الشارع أيضا أن يجر رفقاء السوء أولادنا لما هو مخُل بالعرف والدين، كأن يتعمدوا تحريضهم على ملاحقة البنات في الشوارع، وغير ذلك من السلوكيات الخاطئة التي يخرج فيها أولادنا عن القيم والمبادئ الأصيلة.
بعد تأثير الشارع ورفقة السوء يتمرَّد الأبناء على أهلهم وعلى تربيتهم التي حرصوا على استقامتها طوال سنوات، ويصبح من الصعب احتواؤهم، نجدهم بعد ذلك لا يلتزمون بأوقات محددة للخروج، ويقضون أوقاتهم خارج البيت فترات أطول مما يجب ومما كانوا عليه من قبل، كونهم غير ملتزمين بالدوام المدرسي وعدم الجلوس في البيت لاستذكار دروسهم، وتستجد فيهم سلوكيات مريبة اكتسبوها من الشوارع.
أما خطورة التكنولوجيا فهي تعد خطرا فتاكا وعن طريقها تتشكَّل لدى الأولاد اعتقادات مخالفة لما نشأوا وتربوا عليه، وبالتالي تنعكس على سلوكياتهم، ومن خلال تلك الأدوات يكتسب الابن ثقافات مغايرة، إما عبر التلفاز أو ألعاب البلاستيشن، أو مواقع التواصل، حيث أن الأولاد يعدون مثل الوعاء الذي يتشكل حسب المادة المفرغة بداخلة.
نجد بعض الألعاب الإلكترونية تؤثر بشكل كلي على أبنائنا وتغيِّر من نفسياتهم وتعاملهم مع من حولهم ومنها ما تجعل من الفرد مستهترا وعديم المسؤولية، وتجعل أعصابه مشدودة على الدوام، ويصبح على غير عادته وسلوكه، ويصبح القتل والتدمير عنده شيئا هينا ولا يفرِّق بعدها بين الواقع والخيال، وأخص بالذكر هنا لعبة “البوبجي” المدمِّرة للعقول التي تخلِّف تبعات نفسية مخيفة لدى من يدمنها ويصبح يعيش في عالم افتراضي معظم وقته، وبالتالي يصعب عليه التعايش مع أهله ومجتمعه بالشكل المطلوب.
وإلى جانب تلك الألعاب هناك المسلسلات غير الهادفة التي تخلق ثقافة جديدة لدى من يتابعها، فتراه لا يفرِّق بين الحلال والحرام، وإنما يعشق التقليد الأعمى للبطل الفلاني والبطلة الفلانية في اللبس والشكل والعادات ويخرج المتلقي عن طور العادات، وتراه يستهين بالحرام ويعتبره سمة يجب التحلي بها.!! تلك الأمور كلها وأشد منها تحدث مع أولادنا ويطول الحديث عنها.
لذا..يجب علينا أولاً أن نقنع أولادنا بالالتفات لأهمية المراكز الصيفية ومردودها على تربية وتشكيل ثقافتهم على خلفية الثقافة الحقيقية المرتبطة بديننا وأعرافنا وعاداتنا، مما يجعل منهم أفرادا أسوياء متعايشين مع مجتمعهم بشكل طبيعي، ليصبحوا جيلا هادفا يؤثر في مجتمعه ويساعد على إنمائه.
المراكز الصيفية ستخلق بداخل أولادنا المثل العليا وتزرع بداخلهم مكارم الأخلاق وتنمي عقولهم بما يتوافق مع شريعتنا الإسلامية السمحاء، وأكثر من هذا وذاك ستعرفهم بآيات الله وتقربهم من كتابه الجليل وبصور مبسطة ترغبهم في ذلك.
اليوم المراكز الصيفية تتخذ مع الطلاب عامل التشويق وخلق روح المنافسة وتستخدم معهم طرقاً سلسة لإدخال المعلومات عكس الطرق الروتينية التي يرونها مملة في المدراس النظامية.
فاتجهوا بأبنائكم نحو تلك المراكز الصيفية لأنها تنمي جيلا صاعدا جيلا مسلحا بالعلم والتقوى وليست كما يظن بعض الناس مراكز مذهبية طائفية بل مراكز لتنشئة جيل واع ومثقف.