“سيف القدس” .. انتفاضة أُمَّة (5-5)

عبدالفتاح علي البنوس

 

 

في فلسطين تتجلى عظمة التأييد والتمكين الرباني لأبطال المقاومة الفلسطينية في معركة (سيف القدس ) والتي يواجهون من خلالها كيان العدو الصهيوني المحتل بترسانته المسلحة الهائلة التي ترجح كفته في أي معركة أو مواجهة عسكرية يخوضها بلغة العقل والمنطق وحسب التقديرات والمعطيات العسكرية البشرية ، ولكن تظل مشيئة الله هي الغالبة على كل شيء ، وتظل قوة الله هي المهيمنة ، فلا يمكن لأي قوة في العالم أن تنتصر أو تتمكن من بسط نفوذها وإحكام سيطرتها وفرض هيمنتها هنا أو هناك ، من خلال الاستقواء بما تمتلك من مخزون هائل من الأسلحة الحديثة والمتطورة ، بمعزل عن المشيئة الإلهية ، شاهدنا ذلك خلال ما مضى من سنوات العدوان والحصار السعودي الإماراتي الأمريكي على بلادنا وشعبنا ، فما تمتلكه تلكم الدول من ترسانة مسلحة وما تم استخدامه منها طيلة الست السنوات الماضية وحتى اليوم كان كافيا -بحسب المعطيات العسكرية- لتدمير دول وإهلاك شعوب بأكملها ، ولكن عناية الله ومشيئته وتأييده للمستضعفين من أبناء يمن الحكمة والإيمان أبطلت مفعول هذه الترسانة ومكنت أبطال الجيش واللجان الشعبية من خلق حالة ولو نسبية من توازن الردع ، مكنتهم من الانتقال من الدفاع إلى الهجوم ، في ظل تعزيز روح الثبات والصمود والمواجهة التي أرهقت دول العدوان عسكريا ، واقتصاديا ونفسيا ، وباتت اليوم على قناعة تامة بفشلها الذريع في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة ، ولولا الأوامر والتوجيهات الأمريكية للسعودية والإمارات بالاستمرار في العدوان والحصار لما ترددت في البحث عن مخرج مناسب لها من الحماقة الكبرى التي أوقعتا نفسيهما فيها..
وها هي آيات التأييد والتمكين والعون الإلهي اليوم تتجلى في فلسطين وبأيدي أبطال مقاومتها الأفذاذ الذين نجحوا في تقزيم الكيان الصهيوني وتعرية أسطورة ( الجيش الذي لا يقهر ) كما نجح قبلهم أبطال حزب الله في المقاومة اللبنانية خلال العدوان الصهيوني على جنوب لبنان في العام 2006م، فالتضخيم الإعلامي للقدرات العسكرية الصهيونية والذي تروج له إمبراطوريات من القنوات الفضائية ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الممولة من قبل اللوبي اليهودي في مختلف أرجاء العالم ، بمساندة بعض الفضائيات ( العربية ) المسماة، بـ(العبرية ) الهوى والهوية والانتماء ، كان كفيلا بضرب نفسية أكبر الجيوش المدربة والمسلحة بأحدث الأسلحة وأكثرها تطورا ، ولكن في ظل التربية الإيمانية والثقة المطلقة بالله والتوكل والاعتماد عليه ، والتي تمثل السلاح الفتاك الذي يمتلكه أبطال المقاومة الفلسطينية ، جعلهم لا يكترثون بهذا التضخيم ولا بهذا التهويل ، فبدى هذا الكيان وما يمتلك من عدة وعتاد قزماً أمامهم ، فأعلنوا الرد العملي على تدنيس الصهاينة للمسجد الأقصى واعتداءاتهم الإجرامية على المصلين في المسجد الأقصى من خلال البدء في خوض معركة «سيف القدس» التي ما تزال مشتعلة ومحتدمة ، وما يزال العدو الصهيوني من خلالها يتلقى الضربات الموجعة الواحدة تلو الأخرى ، الضربات التي حوَّلت حياة الصهاينة إلى جحيم، وباتت الملاجئ مقرات للسكن والإقامة المؤقتة للكثيرين منهم خوفا على أرواحهم من صواريخ المقاومة التي فرضت عليهم معايشة الرعب والذعر ليلا ونهارا..
بالمختصر المفيد: معركة سيف «القدس ليست» معركة ولا انتفاضة خاصة بفلسطين والفلسطينيين ، ولكنها معركة وانتفاضة كل شرفاء وأحرار العالم ، وهي معركة فرضها الاحتلال بإجرامه ووحشيته وصلفه وانتهاكاته واعتداءاته الهمجية التي طال صبر المقاومة عليها ، العدو الصهيوني لا رادع له غير القوة ، ولا يمكن تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة و عاصمتها القدس إلا بالقوة ، ومن يتحدثون عن مفاوضات ويلهثون خلفها لتحقيق ذلك سلميا ، يضحكون على أنفسهم.. لقد قدم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات التنازلات السيادية من أجل السلام المزعوم تحت يافطة ( حل الدولتين ) وواصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن نفس المسار وقدم تنازلات إضافية ولكن دون جدوى ، فمهما قدمت السلطة الفلسطينية من تنازلات ؛ فإنها تقابل من قبل الصهاينة برعونة وتصعيد وانتهاكات لا أول لها ولا آخر ، ويذهبون تحت الغطاء والدعم والإسناد الأمريكي والتواطؤ الأممي للتمادي والتوسع في بناء المستوطنات ورفع وتيرة الاعتقالات وتشديد الحصار ، وارتكاب المزيد من الجرائم في حق الفلسطينيين ، لتصل بهم الجرأة مع الأمريكان لطرح مؤامرة «صفقة القرن» التي تمثل انتهاكا سافرا لكافة التفاهمات واللوائح و القرارات الأممية ذات الصلة ، وبها تعززت القناعة التامة لدى حركات المقاومة الفلسطينية بأن منطق القوة وحده هو الكفيل بردع الغطرسة الصهيونية الأمريكية ، وأن السلام لن يتحقق في ظل الاحتلال ، وإذا ما تحقق فلن يتحقق إلا عبر تنشيط المفاعيل وقوة الردع التي تمتلكها ، لا عبر طاولة المفاوضات وما يسمى بمبادرات السلام التي كانت السبب في وصول القضية الفلسطينية إلى ما هي عليه اليوم من تحديات ومخاطر تتهددها ، في ظل التآمر الدولي والعربي الخليجي على وجه الخصوص ، الذي تتعرض له من فوق الطاولة ، بعد أن ظل لسنوات يتم من تحتها ..
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا