من المسلَّمات أن المفاوضات بين طرفي المعادلة هي خارطة طريق للحلول السياسية شريطة أن يكون ممثلو كل طرف غير مجهولي الهوية، ويتحملون مسؤولية النتائج، ويتسنى لمن ينبغي التعامل معهم بشكل رسمي.
لو توقفنا أمام ضجيج الإعلام الذي يتناول أخبار المفاوضات والمبعوثين الذين توجهوا إلى سلطنة عمان، وهما الأمريكي ليندر كينغ والبريطاني مارتن غريفيث، ثم خاطبنا الذات، لنقول:
هل المبعوثان يمثلان طرف العدوان الخارجي على بلدنا ؟ أم هما غير محسوبين على أي طرف؟ أم هما مستقلان ومن بلدان ليست متورطة في قضية بلدنا ؟
أليست مواثيق ولوائح الأمم المتحدة تقضي بأن أي مبعوث أممي توفده الهيئة الأممية لأي بلد تخضع قضيتها للتدويل لا يكون محسوباً على أي طرف من أاطراف الصراع؟
إذاً هل سيتم التعامل مع غريفيث كممثل لبريطانيا المتورطة في العدوان على اليمن ؟ أم كمبعوث أممي غير محسوب على أي طرف؟ وما ينبغي أن يتم في مثل هذه الحالة وطالما هناك إدراك من رجال القانون بالمعايير الأممية المتعلقة بإيفاد أي مبعوث أممي والتي تقضي بأن لا يكون أي مبعوث لمجلس الأمن محسوباً على أي طرف من اطراف الصراع .
هل ينبغي مخاطبة الهيئة الأممية لتوضيح هذه القضية كجزء من التنبيه؟
أم أن الإغفال أو التجاهل يصبح جزءاً من الكارثة؟
على هذا الأساس أتمنى أن يكون هناك مبعوث ليس من بلد يمثل أحد الأطراف الضالعة في القضية اليمنية، وأتمنى أن يكون هناك مبعوث أممي لا يكون محسوباً على بلد تمثل طرفاً من أطراف الصراع، وذلك لضمان الحل السياسي الشامل والعادل لقضية اليمن، فما بالكم يا سادة يا كرام، عندما يكون المبعوث الأممي بريطاني الجنسية، وبريطانيا هي من أبرز الأطراف المتورطة في العدوان على اليمن، وتكليفه من الهيئة الأممية كمبعوث لها يعد إغفالاً إن لم نقل استهدافاً لتلك المواثيق واللوائح الأممية من قبل المجلس الأممي ؟
وهل هذا الإغفال متعمَّد أم أن صنَّاع القرار في مجلس الأمن يخضعون لتأثير دول الناتو وعائدات النفط الخليجي ؟
التركيز على هذه المسالة من وجهة نظري بالغ الأهمية، والإغفال يزيح الحلول العادلة ويفسح المجال لتلاعب الأطراف المتغطرسة، أي التي لا تملك الحق .
من هذا المنطلق أقولها بكل صراحة: ليندر كينغ ليس مستقلا، بل يمثل أحد اطراف الصراع وهي أمريكا ولا ينبغي التعامل معه كشخص مستقل، وكذلك غريفيث هو بريطاني الجنسية وأتى كمبعوث أممي، والهيئة الأممية أغفلت معايير الاختيار والمؤسف أنه تم اتباع التضليل لكي لا تدرك الأطراف المعنية ذلك، فهل يستدعي الأمر توجيه رسالة لمجلس الأمن والدول الخمس دائمة العضوية ؟
لكي تكون هناك شفافية في برنامج التفاوض، بينما الترحيل والإغفال لا ينتج حلولاً شاملة وعادلة لجوهر القضية اليمنية التي هي اليوم خاضعة للتدويل منذ عقد من الزمن.
بالتالي هل يتطلب الأمر مطالبة الأمم المتحدة بتغيير المبعوث “غريفيث” باعتباره محسوباً على طرف من اطراف الصراع ؟
ينبغي أن يتم تحديد موقف ليندر كينغ كمبعوث يمثل طرفاً من أطراف الصراع وهي أمريكا، ولا ينبغي التعامل معه كطرف مستقل ويحمل حلولاً مستقلة.
أنصح بالاهتمام بما تم الإشارة إليه سلفاً لأن ذلك يمثل المدخل العملي لضمان نجاح أي مفاوضات جدية وندية تفضي لحلول سياسية منصفة، بينما الصمت عار والإغفال عار وإلى متى سنظل في وجه الجدار؟!
*نائب وزير الإعلام
Next Post