رمضان في سوريا.. عادات فريدة وأجواء لا تخلو من التكافل والألفة

 

يتميز شهر رمضان المبارك بمزايا وطقوس فريدة عن غيره من الشهور لروحانية هذا الشهر الفضيل ومكانته العزيزة في نفوس المسلمين ، وتختلف هذه المزايا والطقوس من بلد لآخر، إلا أن الغاية والهدف من كل ذلك هو تعزيز روح التكافل والإخاء بين الناس واستشعار عظمة الصيام والفوز بأجره.
نذهب اليوم في جولتنا الرمضانية إلى واحدة من أعرق وازهى العواصم العربية التاريخية “دمشق” الحضارة والتاريخ والوجهة الإسلامية الضاربة في عبق التاريخ ، لننقل للقارئ الكريم أجواء وروحانية الشهر الفضيل في أحياء ومدن سوريا الجميلة .
تتميز دمشق العاصمة عن غيرها من العواصم العربية بحضور بهي ومنفرد يجعلها محل جذب الأنظار ووجهة للأفئدة لطقوسها الرمضانية الخاصة وأجوائها الهادئة إلا من صخب المآذن وعربدة شوارعها المكتظة بالمارة الذين يقضون ساعات يومهم بين مزاورة الأهل والجيران وقضاء حوائجهم في أسوق دمشق الشهيرة ، رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية والأمنية التي يعيشها السوريون اليوم ، إلا أنّ الكثير منهم يحرصون على التمسّك ولو ببعض عادات رمضان التي توارثوها لسنوات طويلة.
مدفع رمضان
عصر اليوم السابق لشهر رمضان المبارك يطلق مدفع الاثبات التي تطلقها قذائفه في الأسواق التي تمتلئ بالباعة والمتجولين في واحدة من أهم ملامح العادات الرمضانية والتي توحي الإعلام بقدوم الشهر الكريم ويقوم من خلالها الناس بتبادل التهاني وإهداء الحلوة ،وعند السحور يستيقظ السوريون صباح كل يوم على مدفع السحور ونغمات المسحراتي الذي يدعى شعبيا “ابو طبلة” حيث يتجول في الأحياء الشعبية داعيا بنغماته وطرقات طبلته الصائمين لعبادة الله وقيام الليل وإعداد وجبة السحور.
سكبة رمضان
منذ بداية شهر رمضان، يطهو أبناء مدينة أدلب طعاماً يكفي عشرة أشخاص، على الرغم من البعض لا يتجاوز عدد الأسرة ثلاثة أشخاص. فهذه العادة ورثها السوريون عن آبائهم وأجدادهم. فلا يكاد يفطر منزل إلا ويشاركهم الجيران وجبة الإفطار.
وللدمشقيين عادات تراثية في مأكلهم ومشربهم في شهر رمضان الكريم، حيث يتم الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم بتجهيز الكثير من أصناف الحلويات منها الغريبة بالقشطة والنمورة والنهش وغيرها من الأصناف الشامية المشهورة والتي يزداد طلبها في رمضان إضافة لكون علب الحلوى أحد أهم هدايا رمضان بين العائلات حين يلبون دعوات الإفطار فيما بينهم.
بالنسبة إلى مناطق سوريا كثيرة، يرتبط شهر رمضان بتناول مأكولات تقليدية محبّبة على قلوب أهلها. فأهالي مدينة حلب يرون الكبّة على أنواعها ضروريّة جداً في رمضان. لكنّه مع غلاء أسعار اللحوم، بات الناس في هذه الأيام يعتمدون أكثر على الكبّة النيئة والمقلية من دون لحم، كما يفضلون أبناء حلب المحاشي وكذلك في دمشق. أما في دير الزور، فلا يبدأ أهلها رمضانهم إلا بوجبة بيضاء كاللبنية أو الكبة بلبنية. لا بدّ أن يكون طعام رمضان دسماً بالنسبة إليهم.
أسواق ليلية حيّة
في رمضان، تكتظ الأسواق في معظم المدن والبلدات السورية بالباعة والمشترين خلال الساعات التي تسبق موعد الإفطار، ليعمّها السكون خلال اجتماع العائلات حول الموائد. وتعود تلك الأسواق لتنتعش من جديد بعد صلاة العشاء، وتستمر كذلك حتى ساعة متأخرة من الليل. فالسوريون يشترون في رمضان حاجياتهم الغذائية كلّ يوم بيومه حتى تبقى طازجة، خصوصاً أنّ الكهرباء تنقطع كثيراً ولا يمكن بالتالي الاعتماد على البرادات. لذلك، تجد الأسواق مزدحمة بصورة كبيرة قبل الإفطار. أمّا بعد صلاة العشاء، فيعود الناس إلى الأسواق ومحلات الألبسة والمقاهي. كثيرون يفضّلون التسوّق في هذا الوقت، أي بعد الإفطار. حينها، تكون درجات الحرارة أخفّ وطأة من النهار الحارق”. ويلفت إلى “المحلات هنا تغلق بمعظمها عند منتصف الليل”.
إفطار جماعي
تتمسك عائلات كثيرة، لا سيّما في الأرياف والقرى السورية، بعادة الإفطار الجماعي. فيجتمع أفراد العائلة الكبرى حول مائدة الإفطار طوال أيام الشهر الكريم. قبل الإفطار بساعات، تجتمع النسوة لتحضير الطعام معاً في منزل العائلة لتسود روح التكافل والألفة في أجواء رمضان البهيجة بين أوساط العائلة والمجتمع الواحد.

قد يعجبك ايضا