السياسة والعقيدة والثقافة والقيادة والمواقف والأعمال والتوجهات والمنطلقات والقيم والمبادئ عوامل أساسية في صناعة الواقع العام للمجتمعات إما الخير أو الشر وإما الحرية والاستقلال أو العبودية والاستعمار، وعلى أساس هذه العوامل تكون النتائج ويكون الواقع، وأي سياسة لا تنسجم مع شريعة الله ولا مع هديه فهي سياسة شيطانية وأي ثقافة خارج إطار ثقافة القرآن فهي ثقافة مغلوطة ومنحرفة وأي عقيدة تخرج عن سياق قول الله تعالى {إن الدين عند الله الإسلام} فهي عقيدة باطلة وأي قيادة تنحرف عن شريعة الله وتخالف قيم ومبادئ الإسلام وتحكم عباد الله بعيداً عن هدي كتابه فهي قيادة فاسدة، وأي عالم أو شيخ يطلق على نفسه عالم دين ويتحرك لتدجين الأمة وتثبيطها وخدمة عدوها فهو عالم سلطة وعالم دنيا وعدو للإسلام والمسلمين ، ولو يعمل المجتمع المسلم على دراسة واقعه بوعي وحكمة لوصل إلى النتيجة النهائية التي تكشف له سبب ما هو فيه من تخبط وتيه وسبب ما يعانيه من شقاء وعناء.
دروس وعبر وأحداث ومتغيرات تكشف الحقائق أمام الناس بالشكل الذي تجعلهم يميزون الحق من الباطل الصح من الخطأ في كل المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية والإعلامية وغير ذلك، ورغم هذا كله لا يزال التخبط في أوساط الكثير من أبناء هذه الأمة هو سيد الموقف وكأنه ليس هناك أي سبيل ولا حل للخروج من هذا الوضع المهين الذي يعصف بواقع الأمة نتيجة ارتهان وانبطاح وخيانة الكثير من زعماء الأمة الإسلامية الذين جعلوا طاعة أمريكا فوق طاعة الله وتسببوا في إضعاف كيان هذه الأمة وجعلوها أمة مستباحة في فكرها وثقافتها وجغرافيتها وثرواتها وأفقدوها كل مقومات القوة نتيجة خيانتهم لقيم ومبادئ الإسلام ونتيجة ولائهم وطاعتهم وتبعيتهم للأمريكان والصهاينة بعلم ومعرفة الجميع والأمر لم يعد مجرد تهمة باطلة أو نتيجة لمماحكات سياسية أو طائفية بل واقع نعيشه باستمرار وحقيقة لا غبار عليها، ومع ذلك لا وجود لتحرك فعلي عملي شامل للتغير والخروج من هذا النفق المظلم والمخيف إلا القليل من المجاهدين والأحرار في هذا البلد أو ذاك ومع ذلك هم في دائرة الاستهداف.
العبودية الحقيقية لله تعالى وحده تجعل صاحبها يرفض الطاعة والخضوع لأحد من المجرمين في هذا العالم مهما امتلك من مقومات القوة المادية والعسكرية، وتجعله يرفض الاستعمار الأجنبي لوطنه وشعبه مهما كانت التحديات، أما التبعية لأمريكا وإسرائيل ودول الاستكبار فإنها تدفع صاحبها لتفضيل طاعة اليهود والنصارى على طاعة الله، وهذا ما نشاهده ونلمسه من أولئك الزعماء والملوك الذين يهرولون إلى أحضان الصهاينة للتطبيع معهم وإلى أحضان الأمريكان لإعلان الولاء والطاعة لهم وفي مقدمتهم آل سعود وعيال زايد ، العبودية الحقيقية لله تعالى على المستوى الفردي والجماعي تجعل الناس يتحركون بكل قوة في مختلف المجالات لمواجهة الطواغيت ورفض مشاريعهم والتصدي لمخططاتهم ، العبودية المطلقة لله تعالى وحده تجعل من يتحركون على أساسها أقوياء نفسياً ومعنوياً وإيمانياً وعسكرياً وينظرون إلى ما سوى الله انه ضعيف وحقير لا يستحق أن يخشى الناس منه لأنه تحت قهر الله وسلطانه وجبروته.
وهنا نتساءل ما الذي حققه أولئك الزعماء والملوك العملاء ومن يطيعهم ويتبعهم من المرتزقة الخونة الذين يدينون بالولاء لأمريكا والطاعة لإسرائيل؟ هل منحوا هذه الأمة الحرية والاستقلال والعزة والكرامة؟ أم أنهم جعلوها تفقد كل هذه المقومات؟ بل وصلوا إلى ما هو أبعد من ذلك عبر علمائهم الذين دجنوا الأمة وفصلوها عن مصادر قوتها وعزتها وحالوا بينها وبين تأييد الله ورعايته وجعلوها أمة ضعيفة في كيانها رغم ما تمتلكه من مقومات القوة، وجعلوها تخسر الدنيا والآخرة، وهذا يكشف ويوضح لنا أن العبودية لغير الله لا يمكن أن يأتي منها سوى الذل والهوان والويل والدمار والاحتلال والاستعمار والخسارة والعذاب، وأن الذين يعبدون الله وحده ويكفرون بكل طواغيت الأرض هم من يصنعون الحرية والاستقلال والعزة والكرامة في الدنيا وهم من يحصدون الفوز والفلاح والنجاة في الآخرة ، ولهذا نجد أن التبعية للطواغيت والمجرمين والمفسدين تكون نتائجها كارثية على المجتمعات في شتى مجالات الحياة ليس فقط في الدنيا بل في الآخرة أيضا، أما العبودية المطلقة لله تعالى وحده فإن ثمارها طيبة ومباركة وإيجابية وعظيمة في الدنيا والآخرة.