طريق الهداية هي الطريق أو السبيل الوحيد لإنقاذ الناس من جحيم الآخرة وسعير النار، كونها الطريق إلى الله، والموصلة إليه وإلى رضوانه، فلا شيء يبقى على هذه الدنيا غير بقاء الله، وليس هناك مجد حقاً غير التمسك بحبل الله، والنظر إلى ما عند الله، ولذا فالرجوع إليه هو بالرجوع إلى منهجه، ومن نهج منهجه سبحانه فقد هدى وسلك طريق الهداية.
كثير هم الناس الذين فقدوا حياتهم وفقدوا معها طريق الهداية، التي بفقدهم لها فقدوا بعدها حياة الآخرة، فلو يحسبها الإنسان من جميع النواحي سيجد أنه سيرحل عن هذه الدنيا لا محالة، وأنه عندما ينظر نظرة ثاقبة إلى كل مخلوقات الله بجميع أنواعها وأشكالها وأحجامها وطبيعتها، هل سيكتشف أنها خلقت مسخرة للإنسان فقط للهو واللعب وكفى؟!! أم أنها خلقت مسخرة؟، لنسأل عنها وعن كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة كوننا المستخلفين على هذه الأرض والكون بأسره!!، قال تعالى:” ثم لتسألن يوم إذٍ عن النعيم” صدق الله العظيم، وفي ما معنى الحديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم:” يُسأل المرء يوم القيامة عن عمره في ما أفناه وعن شبابه في ما أبلاه وعن ماله في ما أنفقه ومن أين اكتسبه” صدق رسول الله.
من لا يعرف طريق الهداية فعليه أن يعرفها، إنها طريق سهلة ومعبدة وميسرة ومفتوحة غير مغلقة، إنها طريق الخير والفلاح، كيف لا؟ وهي من تنجي العبد من سخط الله وتؤهله للفوز برضوانه، فهي طريق المُتقين، وهي طريق المُحسنين والمؤمنين والمسلمين والمُخبتين، وهي طريق الله وطريق رسول الله وآل بيته وصحبه، وهي طريق الأولياء والصالحين، الهادية إلى رضوان الله، فكيف يغفلها الغافلون، وكيف يتوه عنها من قلبه بيد مقلب القلوب سبحانه؟، صحيح إنها طريق يعتريها المعوقات والمنغصات والمطبات والحفر والمنحدرات التي هي من صنيع الشيطان وفتن الدنيا، لكن من أطمأن وجنَّد نفسه للحيلولة دون الوقوع في أي منها، سيجد نفسه قد وصل إلى مراد الله ومرضاته وفضله في الدارين.
في الجانب الأخر طريق الغواية، فيقال في علم الشرطة إن حب التجربة هو من يوقع الإنسان في أعمال قد يخسر الكثير بسببها، ولم يكن بحاجة أصلاً لأن يجربها كالإدمان والمعاصي والجرائم وغيرها، ونحن نقول هي عادة الشيطان الرجيم إذا أراد أن يوقع الإنسان في معصية، فأول ما يبدأ لفك عقدة الممانعة من قبل الشخص هو عبر الحث عليه بهذه الألفاظ، لماذا لا تجرب؟ هي مرة وكفى، اكتشف ما يعمله الناس، هناك من يستمتع بعملها، لماذا لا تعملها؟ فيوقع الناس في الحرام كالزنا وشرب الخمر واقتراف المعاصي والذنوب والمحرمات، أعاذنا الله وإياكم منها ومن جميع المعاصي والذنوب”، ولذا فطريق الغواية هي طريق تعتبر المسلك الآخر الذي دائماً ما ترى الناس مسرعين للدخول منه !!!!، كيف لا؟ وهي طريق الملذات والشهوات والصعود إلى الأهداف الشخصية من على أكتاف الغلابى والمساكين والفقراء وجهود الآخرين !!!، ولكنها طريق تنتهي بالعبد إلى سعر وجحيم ونار وصديد.
إذا كانت طريق الغواية هي من يدخلها الناس من باب التجربة، ثم تستمر بهم الطريق إلى ما لا يحمد عقباه في الدنيا والأخرة، فلماذا لا تكون طريق الهداية أولى بهذه البداية بالتجربة؟ فلماذا لا يجرب أحدنا أن يكون متقياً ورعاً ومستقيماً بالخُلق؟ ولماذا لا يحدث الناس أنفسهم أن يجربوا نهج وطريق الصالحين والقانتين؟ ولماذا لا يحث الناس أنفسهم عن التجربة وكيف سيكون وضعهم مع أداء الصلاة في أوقاتها بدون تكاسل أو تقصير وكذا الزكاة وأي تعاليم من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف كقول الصدق وغض البصر والبحث عن لقمة الحلال ولو بشق الأنفس وعزة النفس وعدم الاستخفاف بالآخرين غيرها كثير؟، فأعتقد أن طريق الهداية ستبدأ من هذه التجربة، كيف لا ؟ ومن تأنس بذكر الله ومعيته هل يرضى بذلك بديلاً ؟!!!، ومن ذاق حلاوة الايمان والاستقامة والتقوى والإحسان، هل يرضى بغير ذلك نهجاً وطمأنينة؟!!! وهل وهل وهل؟ أسئلة تحتاج من الإنسان إلى أن يجربها في طريق الهداية والابتعاد عن طريق الغواية، وسيجد كلٍ منا الفرق، ولكن لماذا لا يكون شهر رمضان المبارك هو أساس البداية لهذه التجارب الهادية إلى طريق الهداية ؟!! .. هذا وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
،،ولله عاقبة الأمور،،.