كيف يقضي المجاهدون أوقاتهم في جبهات العزة والكرامة: أجواء روحانية مليئة بالذكر والانتصارات

 

يصوم اليمنيون شهر رمضان المبارك بين أهاليهم آمنين مطمئنين بفضل رجال وهبوا أنفسهم للدفاع عن الأرض والعرض وفضلوا البقاء في الثغور على العودة لقضاء شهر رمضان الكريم في بيوتهم، ولولاهم -بعد الله سبحانه وتعالى- لوصل العدوان ومرتزقته إلى أراضينا وعاثوا فيها الفساد كما يحدث في المحافظات الجنوبية المحتلة، ولذلك كان حقا على اليمنيين تقبيل رؤوس هؤلاء الأبطال والدعاء لهم في ساعات هذا الشهر الكريم بأن يثبتهم الله وينصرهم ويجعلهم الحصن الحصين للبلاد الطيبة وأهلها الأحرار..
في هذه السطور نسلط الضوء على هؤلاء العظماء وتضحياتهم ونلتقي بعضهم ونسمع منهم كيف يقضون أوقاتهم في جبهات العزة والكرامة وكيف هي الأجواء الرمضانية عندهم وما هي رسائلهم للداخل والخارج.. فتابعوا:

في البداية التقينا الملازم محمد الجايفي «أبو كنان» من أبناء مديرية بني الحارث الذي قضى العشرة الأيام الأولى من شهر رمضان في جبهة الجوف ثم جاء زائراً وكان أول سؤال تبادر إلى ذهننا أن نسأله: هل تصومون أم تفطرون في جبهات القتال؟ فما كان منه إلا أن ابتسم ابتسامة عريضة ثم قال:
« ليش نفطر.. ليش نضيع أجر وثواب الصيام واحنا في ميادين الجهاد بالعكس اختصنا الله بأن نجمع بين هذين الثوابين العظيمين الصيام والرباط في سبيل الله ونحن نحرص على الصيام رغم صعوبته في ميادين الجهاد فنحن أولاً نقدم موعد تناول السحور إلى الساعة الثانية عشرة ليلاَ بسبب أن المرتزقة يقومون بالزحوفات قبل وبعد الفجر لانهم يعلمون أننا مشغولون بالصيام وثانيا يكون نومنا ما يقارب الساعتين لكل فرد وبالتناوب، أما نهار رمضان ففيه المشقة والتعب والتنقل بين الجبال والوديان حاملين عدتنا الثقيلة وحتى الإفطار فيكون متأخراً حتى يدخل الليل فليس هناك مساجد نسمع منها صوت أذان المغرب ورغم هذا كله إلا أننا صامدون صمود الجبال الرواسي محتسبين الأجر من الله تعالى».
أجواء روحانية
أما رفيق دربه -الذي عاد معه من نفس الموقف المجاهد وليد عبدالله «أبو إسحاق» فقد عاد مكرهاً ليزور والدته المريضة -فحدّثنا عن الأجواء الروحانية والإيمانية التي يعيشها المجاهدون في جبهات القتال حيث قال:
« شهر رمضان في الجبهة له متعة خاصة ومذاق خاص وأنا كنت العام الأول رمضان كله في الجبهة وما روحت إلا عاشر العيد، فيعلم الله أن في الجبهة أجواء روحانية وإيمانية لا يستطيع اللسان وصفها بالكلمات ومهما قلت فلا يمكن أن أجسد تلك الأجواء العظيمة فهناك تزداد معاني الأخوة بين الأفراد والإيثار، نتدارس القرآن ونتذاكر بالخير والمنفعة والصلاح- باختصار أجواء إيمانية خالصة بأنفاس المؤمنين الصادقين الثابتين على الحق والموقف ونقضي ساعات رمضان بين التنكيل بأعداء الله والتسبيح والتكبير والتهليل وقراءة القرآن والصوم وغيرها من الأعمال الصالحة».
شهر الانتصارات
أما المجاهد أبو الكرار المؤيد الذي التقيناه جريحا في مستشفى 48 قادما من جبهة مارب فهو نموذج حي للتضحية وله قضية تضحية عجيبة ارتبطت بشهر رمضان المبارك، حيث أخبرنا رفاقه أنه جريح للمرة الثالثة وفي شهر رمضان الثالث توالياً حيث أصابت كتفه شظية في شهر رمضان العام قبل الفائت وكسرت يده في رمضان الماضي وفي الرابع من شهر رمضان الحالي انفجر به لغم ارضي بعد تطهير وتمشيط احد المواقع ولكن هذه المرة بتر الأطباء قدمه من تحت الركبة بسبب الإصابة وعندما تمكنا من الدخول إليه والحصول على بعض الحديث منه لم يحدثنا عن إصابته بل حدثنا عن الانتصارات التي تتحقق في الجبهات وأخبرنا بأن الشهداء لا يسقطون والجرحى لا يصابون إلا بسبب التقدمات والانتصارات التي تحدث في رمضان وسرد لنا عدداً من الانتصارات والاقتحامات التي تحققت في شهر رمضان العام الماضي والذي قبله عازما أن يعود إلى الجبهة بقدم اصطناعية أو على رجل واحدة..
برنامج يومي إيماني
أما عن البرنامج اليومي الإيماني للمرابطين في جبهات القتال فقال المجاهد توفيق الرحومي «أبو محمد»:
« في شهر الجهاد والصبر يقيم المجاهدون المرابطون في جبهات القتال البرنامج الرمضان بكل التزام وانضباط وكل المتارس والمواقع يقرأون القرآن ويزدادون نوراً وهداية وبصيرة» من ملازم السيد الشهيد القائد ويزدادون ارتباطاً بالله من خلال محاضرات السيد القائد التي من خلالها نستقي من هدى الله الصبر والصمود والثبات والتفاني في سبيل الله وكلنا شوق لتحقيق الانتصارات في شهر الانتصارات هذا الشهر الذي انتصر فيه الإسلام في غزوة بدر الكبرى يوم الفرقان وكان في هذا الشهر فتح مكة، ونجدد عهدنا لرسول الله أن نحقق النصر في شهر النصر وإننا صبر في الحرب وصدق عند اللقاء، وفي شهر القرآن نجدد عهدنا أن نجسد القرآن قولاً وفعلاً وأن نثبت للعالم أن من يحمل ثقافة القرآن لا يمكن أن يهزم».
الأجر والثواب
وللتأكيد على الأجر والثواب للمرابطين في الجبهات في شهر رمضان المبارك التقينا العلامة محمد ضيف الله- من علماء اليمن وخطيب مسجد الفرقان الذي تحدث فقال:
«من فضل الله على اليمنيين أن جعل هذا الشهر الكريم هو شهر الصبر والمصابرة، والجهاد والمجاهدة، والعزة والنصر والكرامة.. جاء رمضان السابع تواليا هذا العام والبلد في ما زالت تعاني من عدوان غاشم وحصار خانق وحرب إجرامية مستعرة ومحن مشتعلة أشعلها العدوان ومرتزقته، وأوقد نارها بنو سعود وآل نهيان أعداء الإسلام والمسلمين؛ أذلهم الله وأخزاهم، وها هو رمضان النصر قد حلّ وأيام الفتوحات قد أقبلت، وبشائر النصر قد لاحت، فابشروا بالخير والفتوحات وأمِّلوا في الله عظيم الأمل وأكبر الرجاء في حصول الخير والانتصارات، فإن النصر مع الصبر، وإن مع العسر يسرا (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)..
ورسالتي للمرابطين وأبناء اليمن في جبهات العزة والكرامة أن لا تهنوا ولا تحزنوا، ولا تخافوا ولا تقلقوا، فوالله إن العاقبة للمتقين والنصر في النهاية حليف اليمنيين المستضعفين، وهذه الشدائد الْمُرّة والظروف الصعبة ستولِّد قادة الأزمات، وتنتج رجال الصبر والمغامرات وفرسان الحق والبطولات الذين يعز الله بهم الدين ويدفع بهم الشدائد ويجعل النصر والفتح يكون على أيديهم (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).

قد يعجبك ايضا