شهر رمضان ضيف خفيف الظل ، يحل علينا كل عام ، بمقدمه ترتاح بها النفوس وتصفو القلوب ، وتطيب الخواطر ، فهو شهر الغنائم التي يتسابق الصائمون عليها ، الغنائم الربانية التي أعدها وخصصها لمن صاموا رمضان إيمانا واحتسابا ، وحري بنا جميعا أن نستغل هذا الضيف الزائر الاستغلال الأمثل ، وأن لا نفرط أو نقصر في التقرب فيه إلى الله بما تيسر لنا من الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة ، علينا أن نستغل كل ثانية فيه لتنمية مدخراتنا بين يدي الله عز وجل قبل أن نجد أنفسنا وقد خرجنا منه صفر اليدين حالنا حال المفلس..
رمضان محطة تعبوية تنويرية إيمانية ، يتزود خلالها الصائمون بما ينفعم في الدنيا والآخرة ، لذا من التعاسة أن تنقضي أيامه ولياليه دون أن نخرج منه بزاد يرفع من موازيننا ، هناك من يهدرون هذا الشهر الفضيل في إشباع الرغبات والملذات واللهو واللعب ليلا ، والنوم العميق نهارا ، يتفننون في ابتكار الألعاب والتسالي التي تشغلهم لساعات طويلة من الليل ، وزادت وسائل التواصل الاجتماعي وشركات تصنيع الهواتف الطين بلة من خلال تطبيقات الألعاب وأنظمة الدردشة والتواصل عبر الفيسبوك والواتسآب والتويتر والماسينجر والتليجرام وغيرها من الشركات والأنظمة التي باتت تسرق من غالبية الشباب ليالي هذا الشهر الفضيل ، غير مدركين فداحة مغادرة رمضان بدون أن يحصلوا على جوائزه القيمة..
هناك مجالس للذكر وحلقات لتدارس القرآن وبرنامج رمضاني يومي يربط الصائم بالله ورسوله والقرآن الكريم ، برنامج ثقافي توعوي ينير له الدروب ويجعله على بينة من كل ما يدور حوله ، ويمنحه الفرصة للظفر بالجوائز الإلهية الكبرى التي خصصها الله للصائمين ، وهذه نعمة كبيرة على الجميع استغلالها والاستفادة منها الآباء والأمهات، الأولاد والإناث، الشباب والشابات ، الكل أمامهم الفرصة للفوز والقبول والتفوق بين يدي لله ، هناك في الجنة باب يسمى باب الريان ، هذا الباب لا يدخله إلا الصائمون ، ولا يمكن أن يتقبل الله الصوم منا إلا إذا كان تاما لا تشوبه شائبة ، فالمسألة ليست مجرد الامتناع عن الأكل والشرب في النهار والخلود في النوم حتى أذان المغرب ، ومن ثم تبدأ فترة العشاء والمقيل والسمر في تناول القات والاعتكاف أمام شاشات التلفزة والتنقل من قناة إلى أخرى لمتابعة المسلسلات والبرامج وممارسة الألعاب التي للأسف الشديد لا تمارس إلا في هذا الشهر الفضيل..
الله لا يريد منك هذا الصيام الذي لا تخرج منه بحصيلة سوى الجوع والعطش ، عليك أن تحرص على مصاحبة الأخيار في هذا الشهر وتحاول قمع نفسك الأمارة بالسوء وتجاهدها من أجل تفادي الضياع والتعاسة ، ساعات قليلة تقضيها مع ربك ، تمنحك الأجر الكبير ، الدروس الرمضانية ومجالس الذكر الإيمانية تقام في مختلف المدن والمحافظات اليمنية الحرة ، في المساجد والمنازل والمخيمات الرمضانية والحدائق والمتنفسات العامة، ووحدك أخي الصائم من سيحصد الفائدة منها ، أنت من ستنمي علاقتك مع ربك ، وسترفع من رصيد حسناتك ، وتحصد ثمار ما فتح الله عليك من العلم والمعرفة خلال ليالي رمضان ، مهما كان مستواك العلمي فلا تزال في حاجة إلى هدى الله ، لا تزال بحاجة إلى المزيد من الوعي والبصيرة والثقافة التي تضعك في المسار الصحيح وتأخذ بيديك للعمل بمقتضى النهج القويم ، النهج الرباني المحمدي ، الذي يكفل لك السعادة في الدارين ..
بالمختصر المفيد: شهر رمضان نعمة ربانية يجب أن نقابلها بالشكر لله ، وأن نعمل على استغلالها وعدم التفريط فيها ، فعجلة الزمان تدور سريعا ، ومعها تنقضي أيام وليالي هذا الشهر الفضيل ، فالله الله في الجد والمثابرة ، والمسارعة في التزود بتقوى الله ، من خلال الالتحاق بمجالس وحلقات الذكر التي تربطك بالله ورسوله ، وتمنحك الدرجات العليا بيد يدي الله عز وجل..
صوما مقبولا ، وذنبا مغفورا ، وعملا متقبلا ، وإفطارا شهيا ، وعاشق النبي يصلي عليه وآله .