الاستعداد لرمضان.. زحمة الأسواق وفقر البيوت

 

يستعيد عبدالعليم غالب ذكريات طفولته والماضي البعيد، وأجواء الاستعداد لرمضان في الريف، والسيارات التي كانت تعود من الأسواق محملة بكثير من البضائع في شهر شعبان، وكيف بدأت تتقلص التحضيرات مع مرور الأعوام.
في السابق كانت استعدادات رمضان تدخل السرور والبهجة إلى قلوب العائلة كلها، وكانت المنازل تتحول إلى ما يشبه مخازن للمواد الغذائية الخاصة بالشهر الكريم إلا أن الحياة تغيرت، وانقلبت أحوال الناس، وصار كثير من الذين كانوا ميسوري الحال معدمين، كما يقول غالب.

الشهور متساوية
يؤكد غالب أن السنوات الأخيرة كان لها النصيب الأكبر في تقليص الاستعدادات التي لم يعد يقوم بها إلا أشخاص قليلون من أصحاب الأعمال الخاصة أو المسؤولين النافذين.
وهذا ما يعتقده فضل سالم الذي لم يذهب إلى السوق للاستعداد لشهر رمضان المبارك وشراء مستلزماته منذ سنوات، وصارت الشهور عنده متساوية، إلا أنه غير متذمر من ضيق الحال، ويغمره الرضا بأن يعيش الشهر الكريم حسب الإمكانيات المتاحة.
ويقول سالم لـ «رمضانيات»: في الأخير رمضان شهر العبادة وليس الأكل، ولا يوجد في الظروف التي تعيشها البلد فرق بين الشهور، فكلها كفاح من أجل البقاء، ولم أعد أهتم بالاستعدادات للشهر الكريم منذ أربع سنوات.
ويتفق غالب وسالم على أن جائجة كورونا ضاعفت هموم الناس ومشاكلهم، وجعلت قلوبهم مسكونة بالقلق والخوف من وصول الوباء وتفشيه، وأفقدت بعض الناس أعمالهم لكن الوضع المعيشي العام متدهور منذ سنوات، وتأثير الوباء على المجتمع محدود.
تجهيزات قليلة
«رمضان يجي هو ورزقه» بهذه العبارة التي يرددها ويؤمن بها الناس في اليمن، وخاصة بعد أن تغلق أمامهم كل الأبواب، يختصر سفيان قائد استعداداته لرمضان.
يقول قائد لـ«رمضانيات»: جاء رمضان العام الماضي وأنا أمر بظروف صعبة حتى الطاقة الشمسية الصغيرة التي كنت استخدمها للإضاءة تعطلت، وبقينا في الظلام، لكن لم تمر إلا أيام حتى بدأ الخير بالقدوم، وسخر الله لنا الرزق، فكان من أفضل الشهور.
ولا يحتاج رمضان إلا القليل من التجهيزات التي يحرص على شرائها كالتمر والشربة والمهلبية والجيلي وبعض الأشياء التي تستخدم في صنع الحلويات ومتطلبات أخرى قليلة أما بقية الاحتياجات فتشترى بشكل يومي، بحسب قائد.
إقبال كبير
على الرغم من أن كثيراً من الموظفين أكدوا أنهم لم يقوموا باستعدادات للشهر الكريم إلا أن المحلات والأسواق مزدحمة أكثر من الأيام في الشهور الأخرى.
إقبال الناس على شراء المستلزمات الخاصة برمضان أقل من السنوات الماضية على الرغم من أن الناس تعيش حالة فقر منذ بداية الحرب، فأوضاعهم المعيشية تزداد سوءاً كل عام، بحسب صفوان الزريقي –عامل في محل تجاري.
ويرى الزريقي أن الناس كانوا يهتمون بشراء مكونات أصناف متنوعة من المأكولات والحلويات، ويتوسعون في الإنفاق على كثير من الأشياء الكمالية أما حاليا فاغلب الطلبات تقتصر على الأساسيات عدا بعض الناس من ميسوري الحال.
إلا أن التاجر عبدالرحيم غسان يؤكد أنه لا يوجد فرق بين استعدادات الناس لرمضان هذا العام والأعوام السابقة، ولم تغير كورونا شيئاً في حياة الناس واستقبالهم للشهر الفضيل، لكنه يضيف أن الاستعدادات ليست كما كانت قبل سنوات الحرب.
شهر الكرم
يتسابق الناس في شهر رمضان على أعمال الخير والتراحم، حتى التجار الذين يحتكرون ويغالون بالأسعار طوال العام يتحولون إلى كرماء ويقومون بأعمال خيرية لمساعدة الفقراء، وتظهر كثير من المبادرات المجتمعية الخيرية، وتوزع التمور والمواد الغذائية على منازل المحتاجين، مما يساعد المعدمين ويجلب لهم السعادة، كما يقول صفوان.
ويتمنى غسان من رجال المال والأعمال والمحسنين أن يكونوا أكثر قربا من الناس الفقراء والمحتاجين، ويساعدوهم بقدر المستطاع، وخاصة والبلد تمر بأوضاع تفرض على الجميع التكافل والتراحم لاسيما في شهر الرحمة والتعاون.
يقول غسان: الإنسان اليمني يتمسك دائما بالحياة والأمل مهما كانت الظروف، وسيستعد الناس للشهر الكريم بحسب إمكانياتهم ومقدرتهم المالية.
الرضا بالواقع
يمر شهر رمضان واليمنيون يعيشون أوضاعاً مأساوية، نتيجة لاستمرار الحرب، وفقدان أسر لبعض أفرادها في المواجهات العسكرية، وحرمان أسر أخرى من أحباب يقبعون في السجون والمعتقلات، والوضع الاقتصادي الذي أنهك الناس، وجعل الفقر يسيطر على 80 % من المواطنين، إلا أن الناس يحاولون التكيف مع واقعهم والعيش وفقاً لإمكاناتهم راضين بما قسم الله لهم من رزق ومعيشة.

قد يعجبك ايضا