الأكيد أن أول مراحل معالجة أي مشكلة هو الاعتراف بوجودها ومن ثم معرفة أسبابها والعمل على حلها ، أما التنصل من المشكلة والتبرؤ منها وجعلها مطمورة ، أو التحايل وتحميلها الآخرين اعتقادا من النفس الأمارة بالسوء أن ذلك سيعفي المسؤول عن مسئوليته فهذه هي المشكلة الحقيقية بل والطامة الكبرى ، فكل دول العالم بما فيها تلك الدول المتقدمة لا زالت تأن حتى اليوم من مشاكل جمة وليس مشكلة وحيدة أو اثنتين ، ولكن ما يميز بعض الدول عن الأخرى أن من الدول من تعترف بالمشكلة حال وجودها ويعملون جاهدين على حلها وليس ترحيلها أو التغاضي عنها ، ولعل ما يؤرق القائمين على إدارة خدمتي المياه والصرف الصحي اليوم بدءاً من وزير المياه – رغم أن مسئوليته إشرافية على المؤسسة المحلية للمياه بالأمانة وليست تنفيذية كون المؤسسة مستقلة ماليا وإداريا بحسب القرار الجمهوري رقم ( 53 ) لسنة 2000 م لإنشائها – مرورا بأمين العاصمة باعتباره رئيس مجلس الإدارة وانتهاء بمدير عام المؤسسة ونوابه أن ما يؤرقهم أن تتفاقم مشاكل المياه والصرف الصحي وتخرج عن السيطرة ويعجز الجميع عن القيام بواجبهم .
ولعل أكثر ما يخشى وقوعه أن تتوقف محطة معالجة الصرف الصحي عن العمل نتيجة انقطاع الوقود وتساهل فئات المشتركين والمستفيدين من خدمة المياه والصرف الصحي سواء ما يعرف بمشتركي الاستهلاك المنزلي أو التجاري أو الحكومي عن الوفاء بالتزاماتهم وتسديد المستحقات والمديونية التي عليهم للمؤسسة ، فمواصلة قيام المؤسسة بواجبها الوطني والإنساني في خدمة المواطنين مرهون اليوم بالتزامهم وتسديد المستحقات التي عليهم ، لأن ما سيحدثه توقف محطة الصرف الصحي عن العمل أقل ما يمكن وصفه بالكارثة البيئية والصحية فستنتشر أمراض الفشل الكلوي وأمراض الكبد وإمراض السرطان ، والكوليرا والإسهال الفيروسي والبلهارسيا البولية والمعوية والدوسنتاريا الأميبية، والطفيليات المعوية ، وقتئذ سيدفع الجميع الثمن غاليا جدا ( حياتهم ) .
فما تعانيه مؤسسة المياه اليوم من قلة الموارد المالية من جهة وشحة المحروقات وغلاء أسعارها من جهة ثانية يهدد ديمومتها واستمرارها في عملها ، وما لا يعرفه الناس أن مشكلة توقف محطة معالجة الصرف الصحي أخطر من مشكلة توقف ضخ المياه ، فمياه الصرف الصحي تحتوي على مياه عضوية مما يؤدي في حال عدم معالجتها وتوقف المحطة إلى تكوين بؤر لتلوث الحشرات ، فضلا عن الغازات الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة القاتلة !!