بينما أنت متّكئٌ تقرأ كتابك بيمينك أو بشمالك وتقلّب صفحاته وتتنقّل ما بين سطوره، إذا بك تجلس وتأخذ حاسوبك أو تليفونك الجوال بيديك وقلبك وعينيك، وتجوب الفضاءات الرقمية من زاويتك الأرضية، وتتزاحم في الشَّاشة التي أمامك الصور والأصوات والحروف والكلمات وكأنك حاكم ولاية في عالمك الافتراضي تُرفَع إليك تقاريرها يوميًّا!
لو جلبت عنترة بن شدَّاد العبسي من زمنه وأخرجته من قبره ليطلَّ على عالم اليوم لأمسك بتليفونه الجوال وفسبك وغرَّد، وراسل عبلة بالواتساب!
نلاحظ شكلاً من التَّحدّي الذي يمكن وصفه بأنه تكنولوجي الصبغة لا غير بين الكلمة اللغوية والكاميرا الرقمية، ومن هنا جاء النص الرقمي/ الإليكتروني / الافتراضي / التفاعلي / المفتوح…
من سمات هذا النص انفتاحه على الأزمان المستقبَلة، وانفتاحه على الأجناس الكتابية، ويتميز بالاختزال غالبًا، وتتداخل فيه الصورة والصوت والكلمة في عملية التماهي الأدواتية المبالَغ فيها لدرجة تكاد تتحول معها الصفحة الشخصية لكل مستخدمٍ إلى صحيفةٍ مستقلَّة، ومع ذلك لا يمكن القول بالاستغناء عن الورق نهائيًّا، بدليل أننا ما نزال نستعمل الأوراق والدفاتر والأقلام إلى جانب الحواسيب والتليفونات!