الأمم المتحدة والفشل الذريع في حلحلة قضايا الشرق الأوسط

 

عواصم /
أخفقت منظمة الأمم المتحدة حتى الآن في حل ملفات وقضايا منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المطروحة أمامها على أكثر من طاولة لوضع حلول ناجعة لتلك القضايا والملفات لعدد من دول المنطقة بينها اليمن وفلسطين المحتلة وسوريا وليبيا.
يأتي ذلك في الوقت الذي تقف فيه المنظمة الدولية التي يتمثل دورها في التوسط لحل تلك المشكلات عاجزة تماما عن القيام بدورها.
ويطرح الخبراء والنقاد في مختلف دول العالم بين الحين والآخر تساؤلات حول مدى جدية الأمم المتحدة والجهد الذي تبذله لوضع حد لتلك الصراعات، فيما يواجه العالم هذا العدد الهائل من الأزمات التي تبدو مستعصية على الحل.
ويعقد مجلس الأمن الدولي الذي أنشئ عام 1946م مشاورات بشأن كافة القضايا والأزمات بين الحين والآخر، في حين تستغرق بعض تلك القضايا سلسلة من الاجتماعات يناقش خلالها أعضاء المجلس الخمسة عشرة تلك المواضيع، لكن يبدو الى حد بعيد أن الأمم المتحدة تعاني من ضعف في عملية صنع القرار بسبب الشقاق بين القوى الكبرى في العالم.
ويعتقد أن السبب الرئيسي في أن الأمم المتحدة تبدو عقيمة هو أن الدول الأعضاء غير متعاونة على الإطلاق مع بعضها البعض، جراء الانقسامات الدبلوماسية داخل مجلس الأمن لكن يعتقد إلى حد بعيد أن هناك أجماعاً على وقف العدوان على اليمن.
العدوان على اليمن
مع انقضاء 6 سنوات على بدء العدوان ودخوله عامه السابع، تقف الأمم المتحد عاجزة أمام وقف هذا العدوان الغاشم الذي تقوده السعودية على اليمن والذي تسبب في أكبر كارثة إنسانية في العالم على الإطلاق، بحسب عدة منظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة وذلك بالرغم من الإجماع الدولي على أهمية وقف هذا العدوان.
ونشر موقع الأمم المتحدة تقارير عدة عن الأوضاع الإنسانية في اليمن، فتحت عنوان اليمن يتضوّر جوعا وطفل يموت كل 10 دقائق حذرت منظمات إنسانية من أن اليمن يتأرجح على حافة الانهيار الكامل، مع احتياج أكثر من 80% من السكان إلى مساعدات إنسانية عاجلة وحماية، في البلد الذي يعاني من ويلات الحرب والجوع ومن تهديدات صحية تفاقمها جائحة كوفيد-19.
وبحسب اليونيسف، فإنه من بين الأشخاص الذين يحتاجون للمساعدة 12 مليون طفل، تحوّلت حياتهم إلى كابوس، وعلاوة على كل ذلك، تواجه البلاد أزمة غذاء: “2.1 مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاد.
وتحذر المنظمات الإنسانية من أنه إذا لم يتم توفير تمويل بشكل عاجل قريبا، فإن عدم وجود الطعام الكافي سيقود إلى أعلى مستويات من انعدام الغذاء الذي يشهده اليمن.
وتجاوز الوضع الإنساني في اليمن حدود ما يمكن توصيفه بالأزمة، وبات البلد على شفا كارثة إنسانية مزدوجة، إذ يهدد البلاد وباء الكوليرا، وأيضا المجاعة، بحسب ما أعلنت عنه العديد من منظمات الأمم المتحدة ومنها منظمة اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي في بيان مشترك، “هذا أسوأ حالة وباء للكوليرا في العالم،” بحسب منظمات الأمم المتحدة الثلاث.
ويُرجح أن يكون 1900 شخص قد لقوا حتفهم بالفعل جراء الإصابة بهذا الوباء، بالإضافة إلى ذلك، يعاني ما يقارب من مليوني طفل يمني من سوء التغذية الحاد. كما أن 60 % من السكان لا يستطيعون الحصول على قوتهم اليومي.
واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان الإمارات، حليف السعودية في العدوان على اليمن، بدعم وحدات يمنية تعذب الأسرى بالإضافة إلى إدارة الإمارات لسجنين على الأقل، حيث يمارس فيهما التعذيب.
وتتواصل عمليات تحالف العدوان الذي تقوده السعودية في اليمن بلا هوادة، كما أن غارات تحالف العدوان لا تستثني المدنيين أيضاً، بحسب الأمم المتحدة.
وللأسف، يقتصر عمل الأمم المتحدة في الملف اليمني على رفع تقارير الى مجلس الأمن عبر مبعوثيها الخاصين إلى اليمن في الفترات السابقة واللاحقة، بالإضافة إلى تقييم المنظمات الإنسانية التابعة لها للوضع الإنساني في البلاد.
فلسطين المحتلة منذ نحو سبعين (النكبة)
قامت المليشيات الصهيونية والجيش الإسرائيلي المشكل حديثا بين عامي 1947م، و1949م، بطرد أكثر من نصف السكان الأصليين لفلسطين.
وتم إجبار حوالي 800.000 فلسطيني على الخروج من فوهة البندقية، أو فروا خوفًا من مذبحة على أيدي القوات الصهيونية.
وفي عام 1948م، نفّذت الميليشيات الصهيونية مذابح استراتيجية للقرى الفلسطينية لتكون بمثابة أمثلة على البقية، مما شجع القرويين على الفرار خوفًا، ومثال على ذلك مذبحة دير ياسين.
وفر اللاجئون في عام 1948م لأنهم خافوا على حياتهم، ولأنهم كانوا يتوقعون العودة بعد انتهاء الحرب. ولكن لم يُسمح لهم مطلقًا بالعودة – لمجرد أنهم ليسوا يهودًا.
وعلى الفور، بدأ الكيان الإسرائيلي في استيراد الشعب اليهودي من جميع أنحاء العالم كما لو كانوا بضائع بشرية وإجبارهم على أن يصبحوا مستوطنين في الدولة اليهودية التي تأسست حديثًا.
وفي السنوات التي أعقبت عام 1948م مباشرة، أنشأ الكيان الإسرائيلي سلسلة من قوانين الفصل العنصري التي سمحت لليهود من جميع أنحاء العالم – بغض النظر عن واقع روابطهم العائلية بالبلاد – بالوصول المتميز والحق في الاستقرار والحصول على الجنسية في بلد جديد.
وتم تدوين ذلك بموجب “قانون العودة” – الذي يقوم على الزعم غير التاريخي بأن جميع اليهود في جميع أنحاء العالم مرتبطون بطريقة “عرقية” بطريقة ما بالعبرانيين الفلسطينيين القدماء.
وفي نفس الوقت الذي أسس فيه الكيان الإسرائيلي هذه القوانين العنصرية، حرمت اللاجئين الفلسطينيين وأتباعهم من حق العودة إلى وطنهم، على الرغم من أن هذا الحق مكرس في القانون الدولي.
ولا يزال اللاجئون الفلسطينيون محرومين من حقهم في العودة حتى يومنا هذا.
وبعد عام 1948م، سلم الكيان الإسرائيلي بشكل منهجي أراضي ومنازل اللاجئين الفلسطينيين المحرومين إلى يهود من أوروبا، ومن الشرق الأوسط لاحقًا.
وفي الواقع، تم القضاء على العديد من القرى الفلسطينية – أكثر من 500 منها بشكل منهجي من على وجه الأرض من قبل الميليشيات الصهيونية والجيش الإسرائيلي الجديد، باستخدام الجرافات والديناميت وتم بناء القرى اليهودية بدلاً من القرى العربية الفلسطينية.
ولايزال الفلسطينيون يأملون في قيام دولتهم وعاصمتها القدس وعلى كامل ترابهم الوطني، فيما أقتصر عمل منظمة الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية على أصدار القرارات التي يصب بعضها في صالح الكيان الإسرائيلي وبعض الإدانات والتنديددات:
قرارات الأمم المتحدة بشأن دولة فلسطين
في الفترة من عام 1967م إلى عام 1989م، اتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 131 قرارا يعالج بشكل مباشر الصراع العربي الإسرائيلي، وكثير منها يتعلق بالفلسطينيين؛ ومنذ عام 2012م، صدر عدد من القرارات التي تتناول بصورة مباشرة الدولة الفلسطينية الحديثة.
أما بالنسبة لسوريا وليبيا
وبالنسبة لسوريا فقد دخلت الحرب عامها العاشر وتعيش البلاد رهينة صراعات دولية وذلك مع دخول جيوش عدة دول وتنظيمات مسلحة اليها وتشهد صراعات سياسية دولية ذهب ضحية كل ذلك مئات الآلاف من المدنيين وموجات نزوح بالملايين ودمار هائل أصاب البنية التحتية في البلاد.
أما ليبيا فمع مرور عقد من الزمن على التدخل العسكري لحلف الناتو تشهد البلاد اليوم تدخلات أجنبية مباشرة في الشأن الليبي لدعم الأطراف المتنازعة على الساحة الليبية.
وأخيراً نقول هذا هو المشهد في اليمن وفلسطين المحتلة وسوريا وليبيا اليوم وبالرغم من مرور أكثر من عقد من الزمن على الأوضاع فيها إلا أن منظمة الأمم المتحدة تقف عاجزة أمام حلحلة تلك القضايا والملفات.

قد يعجبك ايضا