من يتابع كرة القدم في اليمن هذه الأيام يصل إلى قناعة تامة بأن هناك تدهوراً مخيفاً بل ومخيفاً جداً إلى درجة نخشى أن يأتي اليوم الذي لا نجد فيه شيئاً اسمه كرة قدم في البلاد وهذا ليس كلامي أنا فقط بل كلام الكثيرين من الجمهور الرياضي بمختلف مستوياته بدءاً من الإعلاميين الرياضيين وصولاً إلى المشجعين الذين يعبرون عن استيائهم من المستويات المتردية التي وصلت إليها هذه اللعبة.
المستويات التي تقدمها الفرق المشاركة في الملتقى الشتوي لنادي الوحدة وفي المباريات الودية النادرة التي تقام بين الفينة والأخرى تؤكد هذا الكلام.. مستويات هزيلة لا ترقى إلى أن نطلق عليها كرة قدم بل شيء آخر وقد أحسن ابني وصديقي الصغير عبدالله الذي اثق في تحليلاته وتوصيفه بما يمتلكه من موهبة يشهد بها كل من يتحدث معه حين أطلق على ما نشاهده في هذه المباريات لفظ “حجر وسيري سايرة”، أي أنها فعلا بعيدة عن المستوى الفني المطلوب ولو في أبسط وادنى درجاته وأنها يمكن ان تكون لعبة هزلية أو كما يفعل العمال عندما ينقلون أحجار البناء بتلك الصعوبة الكبيرة، وهو ما جعل صديقنا يطلق عليها هذا اللفظ، فنحن عندما نتابع ونشاهد المباريات نرى أن اللاعبين يتناقلون الكرة بصعوبة بالغة وكل منهم يهرب منها كما يهرب المرء من الحية ولم تعد هناك المتعة الحقيقية التي كنا نشاهدها في ملاعبنا وربما إلى عهد قريب.
كرة القدم بمنظومتها المتكاملة في العالم تتطور وتتقدم وتزدهر إلا في بلادنا فإنها تتدهور وتضعف وتتراجع وعند الحديث مع الزملاء الإعلاميين فإن البعض منهم يرجع أسباب ذلك إلى غياب الاهتمام من قبل إدارات الأندية والاتحادات بعمليات التطوير لهذه اللعبة والبعض يعيدها إلى عدم الاهتمام بالنشء والشباب وعدم رعاية الموهوبين وتوفير الإمكانات اللازمة لهم من مدربين وأدوات وغيرها والبعض أعاد السبب إلى غياب بطولات الفئات العمرية سواء في الأندية أو في المدارس التي تعتبر هي المنبع الأساسي لكنها لم تعد كذلك وانعدمت فيها تماما، فيما البعض الآخر قال إن نقص المدربين هو السبب فلم يعد لدينا من المدربين الأكفاء سوى بعدد أصابع اليدين وإن وجد المدربون الشباب فإنهم دون تأهيل حقيقي والبعض قال إن السبب هو في غياب البطولات والمسابقات سواء المحلية أو الدولية.. وهكذا فإن الأسباب تعددت لكن النتيجة هزالة في مستوى لعبة كرة القدم اليمنية ومستوى متدهور إلى درجة كبيرة جدا و”من كذَّب جرَّب” وما عليه سوى حضور أي مباراة.
ونحن عندما نبحث عن أسباب هذا التدهور الكبير في مستويات الفرق فإن الأمر ربما يحتاج إلى ندوات وورش عمل لتشخيص المشكلة بطرق علمية بمشاركة كافة الأطراف المعنية من خبراء ومدربين وفنيين وإعلاميين وإداريين ومسؤولين في الأندية والاتحاد والوزارة والأكاديميين والباحثين للخروج بتشخيص دقيق للحالة واقتراح الحلول والمعالجات ووضع رؤى واستراتيجيات مستقبلية لتطوير اللعبة، أما إذا ظل الوضع هكذا فكما قلنا إنه قد يأتي اليوم الذي نفتقد فيه شيئاً اسمه كرة قدم في بلادنا ولن يبقى سوى هوشلية، وعلى رأى الصديق الصغير “حجر وسيري سايرة” وهذه دعوة للجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها تجاه الأمر لإنقاذ كرة القدم اليمنية، فما تمتلكه من مواهب ومبدعين ومخزون بشري هائل يمكن أن نصل به إلى مصاف الدول المتقدمة في كرة القدم ولكن لا بد أن نعرف كيف؟ وهنا تكمن مشكلتنا التي جعلت من مستوى كرتنا يصل إلى هذا الحد من السوء.
فكرة..
اقترحت أنا وزميلي الإعلامي وابني وصديقي الصغير عبدالله “فكرة” ملخصها أن تتبنى إحدى الشخصيات الداعمة للرياضة إقامة ندوة لمناقشة أوضاع كرة القدم في اليمن والحلول لانتشالها من وضعها المتردي عبر لجنة من المختصين لوضع محاورها واقتراح المشاركين فيها من ذوي الاختصاص والكفاءة على أن يحضرها ممثلون للجهات الرسمية والاتحاد واللجنة الاولمبية والقطاع الخاص وصندوق الشباب والخروج بالتزامات كافة الأطراف لتنفيذ توصيات ومخرجات الندوة حتى لا تضيع كما تضيع الكثير من الندوات وتنتهي كما بدأت.. الفكرة مطروحة على طاولة.. كل من الحباري.. الكبوس.. جمعان.. صلاح.. الآنسي.. ومجموعة هايل سعيد ومن يرغب من داعمي الرياضة في تبني المشروع ولكن بشرط أن يكون بعيدا عن مسؤولي الأندية وتسلطهم لأن دخولهم فيها سيفسدها كما أفسدوا الرياضة بكل تفاصيلها وأوصلوها إلى أدنى مستوياتها.