مبادرة مسمومة

فهمي اليوسفي

 

 

* المبادرة التي اطلقتها السعودية يوم الأحد الماضي الموافق 21مارس 2021م هي مبادرة مسمومة. بل أشبه بحقنة ملوثة بفيروس الإيدز تحاول الرياض دسها لقتل الخصم وهذا سلوك إدماني لدى الكيان السعودي منذ تأسيسه كما تؤكده حلقات التاريخ فلسنا معنيين بقبولها أو مغازلة بنت عمها لأن السواد الأعظم من أبناء اليمن يناضلون من أن أجل التحررمن الوصاية السعودية والأمريكية وهذا حق كفلته قوانين الأرض وتشريعات رب السماء .
لسنا مستعدين أن نظل ندفع فاتورة المبادرات السعودية بدءاً من المبادرة الخليجية التي هندستها هي ذاتها مع بقية مطابخ الناتو وصولا لهذه المبادرة المسمومة .
من حق اليمن أن يرفضها لأنها أتت من طرف معتد ومتورط في ارتكاب جرائم بحق اليمن وأبنائه منذ 6 سنوات وحتى اليوم ولم تأت من طرف حيادي ومن المفترض أن يتم وضع النظام السعودي بقفص الاتهام اذا وجدت العدالة الدولية .
دوافع المبادرة
نحن ندرك أن هناك ثمة دوافع جعلت كيان سعود يتقدم بهذه المبادرة هي كثيرة من ضمنها ..
وصول نظام سعود وبقية كوكتيل تحالف العدوان بارتكاب جرائم في اليمن على مدى 6 سنوات وحتى اليوم واستهانتها بقوى ثورة 21 سبتمبر التي لا تمتلك سوى أسلحة شخصية بينما السعودية لديها أحدث ترسانة عسكرية بما فيها المحرمة ولكن جنت على نفسها براقش . جنت الرياض الفشل من تحقيق مصفوفة أهدافها بل انصدمت بما لم تكن تتوقعه من تحقيق تلك الأهداف ولم تتوقع أن نتائج المعركة قد غيرت حساباتها ولم يخطر ببالها مع الغرب أن واقع المعركة جعلها تتحول من هجوم إلي دفاع . وهنا عندما تتجرع الهزيمة تسقط هيبتها في الداخل والخارج الأمر الذي جعلها تسعى لهندسة مشاريع خداعية تحمل اسم مبادرات أو هدنة لتحقيق أهدافها العسكرية بطرق التفافية كما فعلت في المبادرات السابقة لكن ليس كل مرة تسلم الجرة ..
واقع المعركة الميدانية ومتغيرات الواقع وكذبها المستمر جعلها فاشلة في نظر شعوب العالم في عدوانها غير المشروع على بلدنا مما ولد لديها هستيريا وخوف ولم تمنح الضوء الأخضر من واشنطن وكل ذلك لم يوقف تصدع قوى العدوان العسكرية لدول التحالف وها هي الوقائع تتحدث عن ذاتها في استمرارية التصدع لهذه القوى على مختلف الجبهات ومنها مارب التي ظلت محل أطماعها مع الجوف وشبوة وحضرموت والمهرة باعتبار هذه المحافظات في باطنها ثروات نفطية لا تقدر بثمن وهذا يثير لعاب السعودية وشركات الغرب كما أن الانتصارات التي حققتها وتحققها القوى المناهضة للعدوان في مارب وتحديدا هذه الأيام زاد من هستيريا الرياض وواشنطن ولندن وبقية الأطراف الامبريالية الغربية والعربية التي تسعى للسيطرة على المربعات النفطية على غرار ليبيا والعراق وسوريا كون استكمال تحرير مارب من قبل جماعة صنعاء يعد بمثابة إعلان هزيمة للرياض وواشنطن ويجعل اطراف العدوان داخليا واقليميا ودوليا تتحمل تبعاته من الألف إلى الياء مع الأخذ بعين الاعتبار أن تحرير مارب من قبل القوى المضادة للعدوان يعني سقوط كافة العقود السرية والصفقات والمطامع التوسعية التي أبرمت بين حكومة الفنادق وشركات الغرب و نظام سعود وتصبح خسارة هذه الجارة في خبر كان ولا ننسى أن أربع محافظات يمنية منها مارب والجوف وشبوة وحضرموت تمثل حاضنة لأكبر حقول النفط في جزيرة العرب وخروج سعود من مارب هو خروج طمعها من حقول نفط اليمن بل سيكون لطمة للغرب والرياض .
فشل كافة خطط تحالف العدوان بالقضاء على القوى المناهضة للعدوان في طليعتها انصار الله جعلهم يحاولون استعادة أنفاسهم كمحاولة لإجهاض دور صنعاء من مواصلة مشوارها نحو تحرير بقية المحافظات الخاضعة للاحتلال السعودي والإماراتية بل سوف يتيح لصنعاء فيما بعد فتح ملفات الحدود والأراضي اليمنية المغتصبة نجران وجيزان وعسير وشرورة والوديعة والبدء بالحساب والعقاب على ضوء سجلات نهب ثروات اليمن من الماضي للحاضر والذي سيتحمل المسؤولية هم آل سعود عبر شركات ارامكو .
ما هو جار من تصدع عسكري لكل قوى العدوان أثار رعب الأمريكان وآل سعود ومن ساندهم ويخشون أن انتصار صنعاء على كوكتيل العدوان يؤثر سلبا على مشروع المطامع الصهيونية العالمية والناتو على مستوى المنطقة أي من سد النهضة وحقل أوجادين إلى سد مارب وحقل الربع الخالي ويخشى الغرب وكيان سعود تطور وانتقال ثقافة المقاومة إلى العديد من دول المنطقة الخاضعة للوصاية الأمريكية بشكل غير مباشر .
انتصار صنعاء يعني مغادرة مشروع الرياض المتعلق بمد أنبوب النفط للمهرة ويصبح مضيق باب المندب خارج السيطرة الغربية . .
انتصار صنعاء يعني انتقال ثقافة الثورة والمقاومة إلى العمق السعودي قد يفضي لإسقاطه من الداخل وبنفس الوقت يؤثر على اقتصاد الغرب ويحطم حلم إسرائيل التوسعي ما بين الفرات إلى النيل .
فشل الرياض من تمرير مشاريع الخداع والاحتيال عبر أطراف خارجية جعلها تعلن عن مبادرة مسمومة.
محاولة طمس بصماتها العدوانية التي قد يأتي يوم تجعلها تدفع الضريبة وتصبح ملزمة بتحمل مسؤولية العدوان .
فشلها في اليمن يعني فشل الأدوات الإقليمية للغرب ويعتبر فشلاً لمشاريعه وتصبح المملكة في نظرهم فاشلة حتى في نظر إسرائيل وهذا الفشل يترتب عليه فشل المشاريع الإسرائيلية على مستوى المنطقة والفشل يعني التخلي عن نظام المملكة وتقديمها لمحاكمة دولية بل سوف يتيح للغرب الاستحواذ على مجمل مدخرات نظام مملكة منشار على نفس الطريقة التي تم اتباعها مع صدام حسين والبشير وغيره .
وهناك عدد من الدوافع للسعودية لتقديم المبادرة . .
الأهداف العميقة للمبادرة
هناك مجموعة من الأهداف تحاول الرياض تحقيقها عبر هذه المبادرة المسمومة منها الآتي:
.. إيقاف قوى 21سبتمبر من استكمال تحرير مارب لنفس الدوافع السالفة الذكر .
.. إيقاف الضربات التي تتجرعها من قبل صنعاء بعد أن أصبحت صواريخها وطيرانها المسير تصل إلى عمق الرياض لأن ذلك يسقط سمعة العائلة الحاكمة أمام الداخل أو الخارج .
.. محاولة وضع الخطط الخداعية على نفس البروفات السابقة بدءاً من مبادرة الخليج حتى هذه المبادرة لتحقيق مكاسب عسكرية بطرق خداعية .
.. محاولة طمس بصماتها في مجمل الجرائم التي ارتكبتها بحق اليمن منذ بدء العدوان وحتى اليوم وحصر القضية بأطراف في الداخل وتجنيب الخارج المعتدي مسؤولية مشاركته في الجريمة وبحيث تتمكن من الهروب حتى لا تتحمل التبعات .
.. التضليل على المجتمع الدولي بأنها غير متورطة بجرائم في اليمن لكي لا تصبح هذه النقطة وسيلة لاستدراجها لأي قضية أمام المحافل الدولية .
.. توفير المبرر الزور للمبعوث الأممي ليتمكن من تقديم شهادة زور في الإحباطات القادمة أمام مجلس الأمن مقابل صفقات سعودية تأتي إليه من تحت الطاولة .
.. المحاولة بتثبيت الصفقات والعقود والاتفاقيات السرية مع الأمريكان التي قد أبرمتها عبر حكومة الفنادق فيما يخص الأرض والثروة في اليمن أي التي تمس سيادة اليمن .. وبحيث لا تلتفت صنعاء إلى تلك المشاريع الخطيرة التي ينفذها الأمريكان في العديد من دول المنطقة بما فيها بلدنا ومن ضمن تلك المشاريع بناء قواعد عسكرية ومشاريع أخرى . ..
.. المحاولة لرفع معنويات مرتزقتها ودواعشها الذين أصبحوا اليوم يتساقطون على مختلف الجبهات عل ذلك يساعد على إيقاف تصدعها وتتوقف الضربات التي تصل إلى عمقها وتشرب من نفس الكأس .
إذاً هذه نبذة من أهداف السعودية ..
لو تم النظر إلى النقاط الواردة في هذه المبادرة.. سوف يلمس القارئ الحصيف السم في تلك البنود .
لهذا من حقنا أن نرفضها ونضع شروطنا حولها و من المفترض أن تكون ضمن شروط صنعاء .
رفض هذه المبادرة لأنها لا تتطابق مع ثوابت مشاريع السلام شكلا ومضمونا ولأن السعودية ليس فيها نظام يؤمن بالسلام بل العكس وباعتبار مبادرتها أتت من طرف معتد وليس حيادياً ..
أن يتوقف عدوان التحالف وتنسحب كل قوى العدوان من أراضي اليمن إلى حدود ما قبل 90 م شمالا وجنوبا ..
أن تقدم دول التحالف كل العناصر الداعشية لصنعاء لمحاكمتهم ..
أن تعترف الرياض وتلتزم بإعادة إعمار اليمن .
أن يُكسر الحصار الشامل على اليمن برا وبحرا وجوا .
أن يعاد البنك المركزي إلى صنعاء وتعاد كل المبالغ المنهوبة وعائدات النفط للبنك في صنعاء .
أن تعاد الأموال المنهوبة من قبل عصابات الفساد التي كانت في صنعاء ومن هي مستمرة بنهب الثروة النفطية .
أن يتوقف استخراج الثروات من قبل السعودية من الأراضي اليمنية المغتصبة نجران وجيزان وعسير وشرورة والوديعة .
أن تلتزم الرياض بتسليم كافة أجندات العدوان القابعين لديها . ..
تسليم كافة أسلحة العدوان لصنعاء . والالتزام بتسليم مرتبات موظفي الدولة منذ انقطاعها للبنك بصنعاء .
.. عدم عرقلة وصول مشتقات النفط والغذاء وشروط أخرى ..
أن توجد ضمانات دولية كروسيا والصين وإقليميا إيران.
أن تلتزم السعودية بتقديم كافة الكشوفات عن المعتقلين السياسيين من اليمن لعقود من الزمن وتلغى أي اتفاقيات تمت بشأن الحدود من أربعينيات القرن المنصرم في الجنوب وشمالا من عام 1934 م ..
أن تلتزم الرياض بتسليم كل الأطراف المتورطة بقضايا الفساد والإرهاب إلى صنعاء وإعادة كافة الأموال المنهوبة وآثار اليمن ومخطوطاته . . وأيضا شروط أخرى ….
أن تنسحب السعودية من الجزر اليمنية التي بسطت عليها في القرن المنصرم ومنها جزر فرسان .

*نائب وزير الإعلام

قد يعجبك ايضا