الثورة / حمدي دوبلة
اليمن لا يحتاج إلى مساعدات ومؤتمرات إنسانية تساعد مرتزقة الداخل والخارج للتسول باسمه والمتاجرة بمعاناته، بقدر ما يحتاج إلى موقف دولي جدي يفضي إلى وقف الحرب ورفع الحصار بشكل فوري.
وكانت فعاليات المؤتمر الافتراضي الذي عقد مؤخرا برعاية أممية قد خرج بنتائج مخيبة وفق أغلب المراقبين ولم تصل التبرعات إلى مستوى ما كانت تتوقعه المنظمة الدولية التي تتحدث عن معاناة إنسانية هي الأسوأ في العالم بسبب العدوان والحصار المتواصلين منذ ست سنوات، لكنه حقق شيئا من تبييض صفحة دول العدوان التي اقترفت جرائم ومجازر سوداوية في حق اليمن وشعبه طوال تلك السنوات وما تزال ترتكب أفظع الجرائم وحرب الإبادة الشاملة من خلال الحصار ومنع وصول الغذاء والدواء ومشتقات النفط مستغلة في ذلك الصمت والتواطؤ الأممي غير المسبوق.
الحاجة الأهم
سعت دول العدوان – ومعها الأمم المتحدة طوال الفترة الماضية – إلى تنظيم مؤتمرات إنسانية لدعم اليمن والإسهام في الحد من آثار الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي تسببوا فيها ليس بهدف الحيلولة دون تفاقم الوضع المعيشي للمواطنين ولكن من أجل تحسين صورتهم البشعة والظهور أمام العالم في ثوب المنقذ والحريص على الشعب اليمني بينما لا يتورعون عن قتله صباح ومساء.
ويقول محمد علي الحوثي – عضو المجلس السياسي الأعلى، تعليقا على المؤتمر الأخير للمانحين لليمن – أن أكبر منحة لليمنيين هي وقف العدوان وفك الحظر الجوي والحصار القاتل للشعب اليمني.. مؤكدا أن كل هذه تحتاج إلى قرار ممن يسمون أنفسهم مانحين وهم في نفس الوقت من يشاركون بالعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي وحلفاء به.. واعتبر الحوثي أن تقديمهم للفتات من أرباح مبيعات أسلحتهم التي تقتل الشعب لا توقف المجاعة التي يصنعونها.
وأكد عضو ” السياسي الأعلى” أن الأجدر بالدول التي شاركت في مؤتمر المانحين وأعلنت وضعها بعض الملايين لمساعدة الشعب اليمني، أن تقف موقفا ينسجم مع قوانينها بإعلانها وقف مبيعاتها من الأسلحة التي تستخدم ضد الشعب اليمني، وأن تتخذ قرارا بإيقاف المشاركة الفعلية في العدوان والدعم اللوجستي والاستخباراتي، أما غيرها فهي عمليات تجميل لإجرامها.
وأضاف: لو كان مؤتمر المانحين عقد من أجل الموقف الإنساني، المفترض أول إجراء قبل أي تبرع هو وقف سبب المجاعة والأزمة الأسوأ عالميا من خلال وقف الحصار والعدوان ثم التعويض لإزالة آثاره.
من جهته يؤكد رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبدالسلام، أن المؤتمرات الإنسانية لليمن تساعد على “تبييض صفحة” تحالف العدوان الذي تقوده السعودية.
ويضيف عبدالسلام ” وقف العدوان ورفع الحصار هو أكبر مساعدة يمكن أن تقدم لليمن، ودول العدوان تتحمل كامل المسؤولية عما حل بالبلاد من كوارث“.. مضيفا أن دعوة الأمم المتحدة الدول المانحة لتقديم مساعدات لا تعفي دول العدوان من تحمل مسؤوليتها“.
وأكد ”أكبر مساعدة تقدمها دول العدوان لليمن هي الغارات اليومية والحصار الجائر ومنع المشتقات النفطية وإغلاق مطار صنعاء الدولي وما نتج عن ذلك من كوارث إنسانية”.
وأوضح محمد عبد السلام أن المؤتمرات ذات الطابع الإنساني من أجل اليمن – في ظل ما يتعرض له من عدوان وحصار – لا تساعد اليمن قدر ما تساعد دول العدوان بإتاحة الفرصة لها لتبييض صفحتها، كما أكد أن المؤتمرات تساعد دول العدوان لتقديم نفسها على أنها دول مانحة لا دول عدوانية معتدية يلزمها وقف العدوان ورفع الحصار وليس التشدق بتقديم مساعدات.
الوضع الإنساني الأسوأ في العالم
في الوقت الذي تتباكى فيه دول التحالف العدواني على الشعب اليمني لا تتورع في تعمد تضييق الخناق عليه من خلال حرب اقتصادية شعواء تشنها على اليمن دون هوادة حتى أصبحت المأساة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ عالميا ومع تلك الممارسات اللاإنسانية لدول العدوان تزداد المأساة حدة يوما إثر آخر، وكل ما يقال عن هذه المؤتمرات لا تعني شيئا لليمنيين الذين باتوا يتطلعون إلى موقف دولي جدي يضع حدا للحرب العدوانية ولمعاناته المتصاعدة
ويقول أمين عام المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي عبدالمحسن طاووس، أن اليمن يعاني الكثير من الصعوبات في ظل تعمد دول تحالف العدوان تجويع الشعب اليمني وانتهاج سياسة العقاب الجماعي بمنع دخول سفن المشتقات النفطية والغاز المنزلي إلى ميناء الحديدة، وتأخير السفن المحملة بالمواد الغذائية والتجارية بهدف مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية.
وأشار طاووس – الذي التقى أمس الأربعاء في صنعاء المنسق المقيم الجديد للأمم المتحدة منسق الشؤون الإنسانية وليام ديفيد غريسلي – إلى ضرورة تعزيز الأدوار الإيجابية للمنظمات الأممية والدولية العاملة في اليمن والعمل وفق خطة الاحتياج للعام الجاري، لافتاً إلى ضرورة مواكبة العمل الإنساني لجهود الضغط من أجل رفع الحصار ووقف العدوان عن الشعب اليمني ليتمكن من النهوض دون الحاجة لجمع التمويلات الإنسانية التي لا تفي باحتياجاته الملحة.
مساعدات مخيبة
وجاءت نتائج مؤتمر المانحين الأخير، مخيبة للآمال ولا تنسجم مع حجم المعاناة في البلاد
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مما أسماه “حكما بالإعدام” على اليمنيين، معربا عن خيبة أمله بعدما جمع مؤتمر للمانحين الدوليين أقل من نصف ما يحتاجه اليمن.
وأعرب غوتيريش عن خيبة أمله، قائلا إن التعهدات تشكّل تراجعا عن العام الماضي حين بلغ مجموع المساعدات التي تلقّتها الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية العاملة في اليمن 1.9 مليار دولار في ظل أزمة فيروس كورونا، وأقل بنحو مليار عن العام 2019.
وقال غوتيريش في بيان “يحتاج ملايين الأطفال والنساء والرجال اليمنيين بشدّة إلى المساعدات للبقاء على قيد الحياة.. قطع المساعدات حكم بالإعدام”.
كما حذّر منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك – عقب انتهاء الاجتماع – من أن “الأموال التي تلقيناها اليوم لا تكفي لوقف المجاعة.. سنحتاج إلى المزيد من المال”.
ومن جانبها قالت منظمة المجلس النرويجي للاجئين تعليقا على مؤتمر المانحين “النقص في المساعدات الإنسانية سيقابله فقدان أرواح”.. أما منظمة “أنقذوا الأطفال” فقد اعتبرت أن العالم أدار ظهره لليمنيين.
وكانت الأمم المتحدة ناشدت الدول المانحة التبرع لجمع مبلغ 3.85 مليار دولار، لكن مجموع التعهدات بلغ في النهاية نحو 1.7 مليار فقط.
ويتعرض اليمن منذ ستة أعوام لعدوان سعودي إماراتي تدعمه دول غربية خاصة أمريكا وبريطانيا، مما راح ضحيته عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء وأدى إلى تدمير البنية التحتية لهذا البلد الفقير، كما تعرض الملايين من أبناء اليمن خاصة الأطفال للمجاعة وسوء التغذية.